ما ذَلّتْ لغةُ شعب الا ذَلّ ، ولا انحطتْ لغته الا كان امره في ذهاب وادبار..." مصطفى صادق الرافعي" . ***** باللغه تتميز الامم عن بعضها،ولغتنا العربية احد مظاهر تميز شخصيتنا،و اهم مقومات قوميتنا،وليس صدفة،اومن قبيل المصادفة،ان تتطابق حدود الوطن العربي،مع حدود الناطقين بلغة الضاد.كما ان الاسلام دين العرب،نزلت معجزته الربانية،على نبيهم العربية،معجزة لغوية"انا انزلناه قراناً عربياً" .تأسيساً على هذه الثوابت لا تجوز العبادات الا باللغة العربية. وهذا الوجوب تكريم للعرب والعربية من الله سبحانه وتعالى. فاللغة فاتنة العرب وفتنتهم ومعجزتهم. ***** من البدهي،انه كلما ازداد الفرد،تبحراً بلغته العربية،ازداد فهماَ للقرآن الكريم،وعلماً بالحديث النبوي،ومعرفة بعظمة دينه،وتذوقاً لتراثه،واطلاعا على حضارته.عكس المنغلق على حدود ذاته ،كلما ضاقت لغته،انغلقت مداركه على قطريته،وازداد تفكيره قبحاً،ووطنه ضيقاً،حتى ينسحب الى عائلته،ويلتف حول نفسه،كثعبان مرعوب. ***** لايختلف عاقلان،ان "العربية" لغة حية متجددة متجذرة،غنية بمفرداتها،ساحرة بأيقاعاتها،جميلة برنين جُملها البلاغية،حتى ان المستشرقين،رغم عدم موضوعيتهم،وانحيازهم المكشوف ضد العرب ودينهم الاسلام، لم يستطيعوا كتمان سحرهم باللغة العربية،وافتنانهم بها،وتأثرهم بجمالياتها.الفرنسي "وليم مرسيه" بهرته الجُملة العربية بنغماتها الموسيقية فوصفها:"بانها كالعود العربي،اذا نقرت احد أوتاره،رنت كافة الاوتار،وأهتزت معها مشاعرك،وخفق لها قلبك".اما الالماني أوجست فيشر فذهب الى ابعد من ذلك،وشهد شهادة للتاريخ اعلنها صراحة:"بأستثناء الصين لايوجد شعب يحق له الفخر،بوفرة كتب علوم اللغة سوى العرب". ***** الثابت ان اللغة العربية،لغة يانعة نضرة،مطواعة،حيوية،ومرنة،قادرة على مواكبة العلم،ومسايرة العصر،ومن ابرز سماتها،انها احد الروابط القوية التي تشد العرب الى بعضهم،وهي عامل قوي من عوامل وحدتهم وعروبتهم،لذلك لابد من حمايتها من الاخطار،وعوامل التهديد المحدقة بها،وعلى رأس اسباب خرابها، يقف ابناؤها ممن لايتقنون فنونها نحواً وصرفاً واملاءً،ويخطئون في تراكيب جُملها،وتعابير مصطلحاتها.من هنا يجب الاخذ بنصيحة احد الغيورين عليها،والخائفين على مستقبلها،من تسلل الدخلاء اليها بقوله:"يجب عدم الدخول الى عالمهاالا بتأشيرة صارمة،وضمن اجراءات مشددة،و ان لاتمنح هذه التأشيرة، الا للضليعين بها،والمتمكنين منها،كتابةً وقواعداً،شعراً ونثراً،ويجب ان لا تبقى حدودها سائبة،وبواباتها مفتوحة لكل عابر سبيل او متنطع دخيل، من دون قيد او شرط. ***** الامم المحترمة،تحترم لغتها،وتدافع عنها،وتحرص عليها،لما لها من دور فاعل في تكوين شخصية الفرد،وتنمية روحه الوطنية والقومية، وتربية قدراته على معرفته العميقة،لاحكام دينه من القرآن الكريم،والسنة النبوية الشريفة،تماماً كما يعرف دنياه من خلال العلوم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية،ويعبر فوق قنطرة العلم ،وجسرالمعرفة الى الحياة اليومية المُعاشة ، متسلحاً بالحقائق،و لايكون ذلك الا بلغة عربية متينة،ولسان عربي مبين،ليس فيه عوج اولاتأتأة. ***** الاعلام الجيد،الذي يقوم عليه اعلاميون جيدون،يمكن ان يلعب دوراً فاعلاً ومؤثراً،في حماية اللغة،وتثقيف العامة،ممن يعتمدون على الثقافىة الشفهية،لكن للاسف فان اعلامنا اليوم،يلعب دورا تخريبيا،حيث اصبح احد اهم عوامل مسخ اللغة،وزعزعة اركانها.فالاعلام لم يتوقف عن كونه ،مهزوماً مأزومأ،وفنتازياً،دائم التراجع،بل اصبح عاملاً قوياً في نشر الاخطاء اللغوية والنحوية،والانحرافات الكبيرة في التراكيب والتعابير والمصطلحات. ***** دافع كتابة هذه المقالة،جاء بعد ان قرأت على احد المواقع الالكترونية، مقالة تزينها صورة كاتبهاـ كامل الاوصاف ـ بأبتسامته الساحرة،و"طعجته المريبة"، مذيلة بعشرات التعليقات من المعجبين،من ذوي الاسماء المزيفة او الصحيحة، سيان.اللافت ان المقالة العرمرمية،تعج بالاخطاء النحوية الفاضحة،وتنضح بالتعابير الغرائبية،والاصطلاحات العجائبية.الاسوأ منها،مجموعة التعليقات التي هي اقرب الى اللغة الهندية منها الى العربية.ومعروف انه لايشيد بالسيء الا الاشد سوءاً،اذ ان التعليقات جاءت رديئة ضحلة،تتناسب مع المقالة "الفذة"،وكاتبها "العبقري".فايقنت بالدليل القاطع ان هذه "الاشكال"هي التي تحول لغتنا الجميلة، الى "سكراب"،وقصائدنا الخالدة الى خردة، تُباع بالكيلو في سوق الحرامية اويشتريها بعض المسؤوليين بـ "القطعة" من فلوس خزينة الدولة.