دعت الخطة الاقتصادية الحكومية لمواجهة الازمة الاقتصادية العالمية الى التوقف وبشكل تام عن استحداث اية مؤسسات او هيئات حكومية جديدة, ووقف التعيينات الحكومية بشكل كامل باستثناء التربية والصحة, وعدم اجراء أي تعديل على انظمة الرواتب للمؤسسات المستقلة بهدف عدم احداث أي زيادة عليها.
وتتضمن الخطة التي اعادة هيكلة الجهاز الحكومي بهدف تقليص حجم الحكومة - وذلك من خلال الغاء ودمج الوزارات او المؤسسات ذات المهام المتشابهة, ووضع ضوابط وأسس طلب الوزارات الاقتراض الخارجي من أجل تمويل المشاريع.
وتشمل الخطة تحليلا لواقع الاقتصاد الوطني وحزمة من الاجراءات لمواجهة تداعيات الازمة الاقتصادية العالمية بما تتضمنه من تعديل لبعض التشريعات الناظمة للاقتصاد الاردني على رأسها اصلاح النظام الضريبي من خلال مشروع قانون الضريبة الموحد.
اجراء مراجعة للمخصصات المرصودة للمشاريع
وذكرت الخطة ابرز الاصلاحات المقترحة على جانب النفقات للمرحلة المقبلة, حيث سيتم اجراء مراجعة على المخصصات المرصودة لتنفيذ المشاريع بتخفيضها بشكل يعكس التكاليف الجديدة, إذ ان انخفاض الاسعار أحد الأسباب التي أدت الى تراجع الايرادات المحلية, بما سينعكس ايجابا على النفقات العامة اذ سيؤدي الى انخفاض النفقات التشغيلية وتكلفة تنفيذ المشاريع المرصودة, والحد من اجراء مناقلات بين بنود الموازنة العامة خاصة الرأسمالية منها.
وتعديل مؤشرات كفاءة الوزارات والدوائر الرسمية بعدم الاعتماد على النفقات المصروفة على مشاريعها كمؤشر على كفاءة الانفاق على هذه المشاريع بهدف عدم حفز الوزارات للانفاق غير المبرر, إنما الاستناد الى مؤشرات اداء واضحة ودقيقة تعكس قدرة الوزارة على استغلال النفقات المرصودة لها لتحقيق اولوياتها وأهدافها بأكبر قدر من الكفاءة, واعادة النظر في اسلوب الاستملاكات من خلال تعديل قانون الاراضي, والتركيز على تمويل المشاريع التنموية من خلال الشراكة مع القطاع الخاص على اساس "BOT".
تخوفات من تباطؤ الاقتصاد الوطني العام الحالي
واكدت الخطة ان الاقتصاد الاردني امام تحد كبير إذ ان العديد من التوقعات تشير أنه سيشهد تباطؤا ملحوظا خلال العام الحالي قد يمتد اثره الى السنوات اللاحقة, مشيرة انه يوجد عدد من المؤشرات الايجابية لأداء بعض القطاعات الاقتصادية خاصة وضع الاحتياطات الاجنبية وانخفاض الاسعار.
وبينت الخطة ان العديد من المؤشرات الرئيسية تؤكد توقع تباطؤ النمو الاقتصادي, حيث كانت بداية التباطؤ في الربع الاخير من عام ,2008 إذ سجل معدل النمو الحقيقي نموا بنسبة 4 بالمئة فقط مقارنة مع 5.5 بالمئة خلال الفترة ذاتها من عام ,2007 اضافة الى تراجع الاستثمارات الاجنبية بنسبة تجاوزت ال¯ 70 بالمئة خلال الربع الاخير من عام 2008 مقارنة بالفترة ذاتها من .2007
وفيما يتعلق بالقطاع الصناعي فقد تراجع الرقم القياسي بنسبة 4.8 بالمئة خلال الشهرين الاولين من العام الحالي مقابل نمو بلغ 8.2 بالمئة خلال نفس الفترة من عام ,2008 فيما تراجع حجم التسهيلات الائتمانية المقدمة من البنوك بنسبة 1 بالمئة في نهاية شهر شباط مقارنة بنهاية عام .2008
وتراجعت الايرادات المحلية, إذ انخفضت تحصيلات ضريبة المبيعات خلال الربع الاول بنحو 1 بالمئة و ايرادات دائرة الاراضي والمساحة بنحو 33 بالمئة وحصيلة الايرادات الاخرى باستثناء ضريبة الدخل بنحو 2.7 بالمئة.
حزمة اجراءات لمعالجة اختلالات الاقتصاد الوطني
وتتبنى الخطة احداث تعديلات واسعة على بنود التعرفة الجمركية, والتوجه بشكل أكبر نحو الاقتراض الخارجي, وتقديم دعم لأسعار فائدة قروض المستفيدين من مبادرة سكن كريم, ومراجعة آلية تخصيص الانفاق وتجنب الانفاق غير المجدي.
ودعت الخطة الى تعديل عدد من التشريعات لتتلاءم ومتطلبات المرحلة الحالية, التي من اهمها: قوانين "الضريبة الموحد, المناطق التنموية, الملكية العقارية, السياحة, العمل, البترول والمعادن, تشجيع الاستثمار, التأمين وقانون الإسكان.
وتهدف الخطة الى مواجهة تداعيات الازمة العالمية من خلال اجراءات فورية ضمن حزمة متكاملة وشمولية تعالج الاختلالات التي يعاني منها الاقتصاد الوطني في آن واحد ضمن نظرة كلية بدلا من التعامل مع جزيئات منفصلة لا تؤدي وحدها الى تحقيق الغرض منها, وذلك لتحفيز الاستثمار الداخلي والخارجي باعتباره المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي واعطاء القطاع الخاص دورا أكبر في النشاط الاقتصادي وتخفيف الأعباء عن هذا القطاع, وضبط الانفاق العام وإعادة النظر في آلية تخصيص الموارد المالية المحدودة التي تأثرت سلبا جراء هذه الأزمة.
وبينت الخطة ان الحجم الكبير للقطاع العام في الاقتصاد يعد من ابرز الاختلالات التي يعاني منها الاقتصاد الوطني, اذ تشكل نفقات هذا القطاع حوالي 55 بالمئة من الناتج المحلي, الامر الذي يستدعي اتخاذ اجراءات تعظم دور القطاع الخاص لما يتمتع به من ميزات وقدرات تصب بشكل اكبر في تحفيز النشاط الاقتصادي, حيث يعمل هذا القطاع وفق مبادئ التنافسية والاستغلال الامثل لعناصر الانتاج والأسس التجارية, مشيرة انه في ظل الازمة الاقتصادية وتوقع تباطؤ النمو الاقتصادي فان هذا الاختلال سيتفاقم بشكل اكبر خاصة اذا ما استمرت الحكومة على نفس نهج الإنفاق المتبع.
اصلاح النظام الضريبي في الاردن
واكدت الخطة ان اصلاح الانظمة الضريبية يعد حاجة ملحة حتى في غياب الازمة المالية العالمية, إذ انه رغم وجود عجز مزمن في الموازنة الا ان العبء الضريبي في الاردن مرتفع, كما ان الدول المجاورة تتمتع بأنظمة ضريبية أكثر جاذبية للاستثمار, مشيرة ان عملية اصلاح النظام الضريبي ستحقق منافع للاقتصاد الوطني ستنعكس ايجابا على الايرادات المحلية خلال المديين المتوسط والبعيد حتى لو أدى ذلك الى خسارة جانب من الايرادات خلال المدى القصير.
ويتضمن مشروع قانون الضريبة الموحد توحيدا لقوانين الضريبة كافة سواء المتعلقة بالدخل أو المبيعات أو نقل الملكية, وبموجب ذلك سيتم إلغاء العديد من القوانين المتعلقة بهذا المجال, واجراء تخفيضات على ضريبة الدخل على الشركات بهدف تعزيز البيئة الاستثمارية في المملكة, وتخفيض نسب الضريبة على الافراد وزيادة الاعفاءات لهذه الفئة وتوحيدها بهدف تحقيق العدالة وتحفيز الطلب المحلي, واعادة هيكلة الضرائب المفروضة على نقل ملكية العقارات, والغاء عدد من الضرائب والرسوم لتبسيط النظام الضريبي, وتخفيض رسوم الطوابع وتوحيدها بهدف التبسيط تمهيدا لإلغائها في مرحلة لاحقة, وتحسين كفاءة الادارة الضريبية وتعزيز الالتزام الطوعي للحد من التهرب الضريبي. وذلك بهدف تحسين الخدمات المقدمة للمكلفين وتوسيع القاعدة الضريبية.
كما سيؤطر مشروع قانون الاعفاءات المقدمة للمشاريع الاستثمارية حيث سيتم الإبقاء عليها لكن بعد اعادة هيكلتها على النحو التالي: اعفاءات جمركية, سيتم منحها للمشاريع كافة من دون استثناء, واعفاءات ضريبة الدخل, بحيث تكون نسبتها منافسة للدول المجاورة فلا يوجد مبرر لتقديم هذا النوع من الاعفاءات, واعفاءات ضريبة المبيعات, إذ سيتم الغاؤها لكن مع اعطاء المستثمر الحق في استردادها خلال مهلة محددة لا يمكن تجاوزها, أما الاعفاءات الممنوحة للمشاريع في المناطق البعيدة بهدف توزيع مكاسب التنمية على محافظات المملكة كافة, فسيتم الابقاء عليها في قانون المناطق التنموية وقانون منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة. العرب اليوم