صحيفة العرّاب

الحكومة سرقتنا عينك عينك !!

 كنت أتمنى لو أن معالي وزير المالية لم يغب عن لقاء جلالة الملك مع رؤساء الجامعات الحكومية، ولو حضر اللقاء ووجه له جلالته سؤالا مباشرا عن حجم المبلغ الذي يدفعه المواطنون كرسوم جامعات، فالأمر المؤكد أن معاليه سيخفي الحجم عن جلالته أو أنه سيلتخم ويتنحنح وربما سعل وعطس وقال: إنه مئات الملايين تدخل جيب وزارة المالية وتخرج منها ملايين قليلة دفعت كل الجامعات إلى أزماتها ومديونيتها ومعاناتها التي حوّلت الجامعات إلى مؤسسات للتسوّل ولطرد الكوادر ولعدم الانفاق الحقيقي واضطرارها إلى جعل التعليم من حق الأثرياء وفتح الصفوف للتعليم الموازي !!

منذ سنوات تم فرض رسوم الجامعة على كل خطوة يخطوها المواطن، بدءا من بيع وشراء الأراضي مرورا باستخدام مصاعد الحكومة وانتهاء بشراء كيس الخبز وكيلو البندوره وضمة البقدونس، وبدل أن تحول هذه الرسوم إلى الجامعات، تنهبها وزارة المالية وتدخلها في صندوقها العجيب الذي بلا قعر، وكذلك الأمر بالنسبة لرسوم التلفزيون حيث تدفع كل أسرة أردنية مبلغا وقدره إثنا عشر دينارا سنويا لتطوير التلفزيون وتغطية نفقاته، لكن التلفزيون لم يبن استوديو جديدا ولم يشتر أجهزة جديدة لأن وزارة المالية لا تحول له المبلغ الكبير الذي تسرقه من المواطن الطيب الذي لا يشاهد تلفزيون أم الحيران، حيث تبعث برامجه على السأم وتتولى طرد المشاهد الأردني بشجاعة لا تشكر عليها.

لو أن الحكومة أو الحكومات التي تتولى جباية رسوم الجامعات على عشرات المعاملات والحركات والسكنات تدفع ما تجمعه من رسوم للجامعات، لكان يمكن أن يكون التدريس الجامعي مجانا لآلاف الطلبة، وعندما علم جلالة الملك عن الوضع المالي المأساوي لجامعة مؤتة أعلن في زيارته الأخيرة لمحافظة الكرك عن تبرعه بعشرة ملايين دينار تعين الجامعة على الاستمرار وسداد ديونها لأنها لا تأخذ حصتها من رسوم الجامعات التي تقبضها وزارة المالية، وبتعبير دقيق تسرقها عينك عينك وعلى رؤوس الأشهاد، وقد علمت من بعضهم أن وزارة المالية جمعت خلال السنوات الخمس الأخيرة حوالي 350 مليون دينار، وأن مديونية الجامعات الحكومية لا تزيد عن ثمانين مليون دينار !!

بقيت السرقة الأخيرة التي تتولاها شركة ليما للمياه، حيث يجد المواطن نفسه مطالبا بدفع50% من قيمة فاتورته الشهرية ثمنا للمياه القذرة الخارجة من منزله عبر أنابيب الصرف الصحي وهو أمر لا أعتقد أن بلدا واحدا في العالم تقدم حكومته على فعلة ، أي أن وزارة المياه وشركة ليما الفرنسية تأخذان ثمن المياه شبه النظيفة التي تصل إلى كل بيت وثمن المياه الوسخة التي تسير في خطوط المجاري، ولا أحد يهتم رغم فقرنا المائي، وأحيانا نطالب بدفع رسوم المجاري على فواتير مستحقة على بيوت لن تصلها المجاري قبل خمسمائة عام، فكيف تستطيع الأسر المسحوقة أن تواجه لصوصية الحكومات وتوفر متطلبات المعيشة ؟!