حقبة تاريخية القت بظلالها على مجتمع بأكمله من فقر وسلب للحقوق بيد حفنة متنفذين من عائلات لها ثقلها وغيرهم ممن طمعوا بمنطقة غور الأردن وبساطة اهلها, وذلك منذ ما يقارب نصف القرن من تاريخ المكان, (سمك فوق سطح البحر) دراما تتحدث عن امتداد هذه الحقبة ليومنا هذا بطرحها لقصة احد احفاد هذه العوائل الغنية وهو( طلال) وعلاقة احد الشبان الذين هم من منطقة الغور نفسها وهو(داوود).
يلعب دور طلال مؤسس مبادرة ذكرى ربيع زريقات كما يلعب دور داوود عبدالله دغيمات أحد ابناء غور المزرعة, حازم البيطار مخرج العمل ومؤسس تعاونية عمان للأفلام استطاع الحصول على هذه القصة وهذه القضايا من كتاب السياسة والتغيير في الكرك لكاتبه د. بيتر غوبسر من جامعة اكسفورد والذي ترجمه د. خالد الكركي, يبدأ الفيلم في مشهده الأول مع طلال ومحامي العائلة الذي يخبره بتركة والده المثقلة بالديون وإخباره عن بيت لهم في منطقة الغور وكيف باستطاعته بيع هذا البيت وسد رهن البيت الفاره الذي يعيش فيه هو وعائلته, ليكتشف وجود داوود يسكن البيت ويدعي هو الآخر ملكيته له, لتكمل الأحداث بعلاقة صداقة بين الغريبين مع تتالي الأحداث التي تنتهي بأن يتخلى ابن العائلة الثرية عن ابن المكان الفقير بأخذه للبيت وبيعه وترك رسالة وداعية لابن الغور الذي تعامل معه بطيب الخلق.
كان هناك في الفيلم ثيمة رئيسية وهي سمكة الزينة في حوضها الزجاجي الصغير التي كانت من ضمن وصية الأب لابنه في الاحتفاظ بها على قيد الحياة, بالحال الطبيعي لشخصية الإبن الذي جل همه ينصب على فكرة المال أن لايفهم المغزى من وصية أبيه, مع انه على طوال دقائق الفيلم يبقى محتفظاً بها وأخذها معه بأي مكان يزوره, لتنتقل فكرة السمكة ودلالاتها الى ابن الريف الذي يعطيه الثري حوض السمك مع الرسالة بعد اقناعه في الذهاب الى عمان والعمل هناك, رغم كلامه انه مثل السمكة التي لا تستطيع العيش خارج عالمها وارضها, تنتقل سمكة الزينة لديه غير مدرك بأنه يلاقي مصير هذا المخلوق الضعيف في خروجه من جلده ومكانه, وذهاب المخرج في المشاهد الأخيرة الى تفكر شخصية داوود في طريق رجوعه الى الغور بالنظر الى فلسطين المحتلة بإشارة ضمنية من المخرج الى انه يلاقي اي داوود نفس المصير من رفيقه في رحلته الذي تخلى عنه.
البيطار الذي لم يعتمد على نص مكتوب, بل اعتمد على الإرتجال, ولكن الواضح والخارج من تشرب حالات الفيلم ومواقفه من جهة ومن جهة أخرى العلاقة التي تجمع مخرج العمل والممثل الزريقات في منطقة الغور واهلها من خلال عملهم الطوعي في مبادرة ذكرى واختلاطهم مع اهل الغور والتركيز على مشاكلهم وجوانب حياتهم المغيبة عن الضوء والاعلام من خلال الكثير من العمل واعطاء الورشات والفعاليات لاهل المنطقة, فكانت لغة التواصل واضحة سلسة.
البيطار الذي أنتج هذا الفيلم بشكل مستقل وفي ميزانية منخفضة وبجهود تطوعية من العاملين معه على هذا المشروع, ومن خلال تعاونية عمان للافلام,فكان معدا ومخرجاً وعاملاً على مونتاج الفيلم, وقد حاز المخرج على الجائزة الأولى من مهرجان أبو ظبي السينمائي, ضمن مسابقة الأفلام القصيرة, عن فيلمه »المشهد«, وهو فيلم من عشرين دقيقة, وجرى تصويره بلقطة واحدة