صحيفة العرّاب

الأسباب الموجبه لترحيل حكومة البخيت (حكومة العجز)

 مائتان وثلاثة أيام مضت على تكليف الدكتور معروف البخيت بتشكيل الحكومة، وما زلنا ننتظر إنجازا واحدا نسطره للحكومة التي سترحل كغيرها تاركة الملفات الثقيلة لمن يليها.

منذ اللحظة الأولى لتكليف البخيت، وتشكيله فريقه الوزاري استبشرنا في خيرا، وقلنا أن الخلفيتين العسكرية والدبلوماسية اللتين يتمتع بهما ستجعلانه قادرا على إحداث التوازن المطلوب، وحل جزء من الأزمات التي لا تخفى على أحد.
لكن الحل المتوازن لم تكن لتطلقه عصا البخيت السحرية رغم مضي المائة يوم الأولى، ولم تسر أعيننا ثمار قدوم البخيت وفريقه، بل على العكس كانت الأزمات تلو الأزمات تضاف إلى رصيد البخيت المثقل بالأزمات أيضا.
كل ذلك يدفعنا للقول أن هناك أسبابا موجبة لرحيل حكومة البخيت، أو ترحيلها بعد أن باتت تشكل عبئا على الأردنيين، ومختلف أركان النظام السياسي في الأردن.
فالإصلاح السياسي، الذي حملته حكومة البخيت لم تتفتح أزهاره على يدي رئيس الوزراء أو أحد وزرائه، بل كانت نتيجة جهود لجنتين عملتا على إنجاز قانوني الانتخاب والأحزاب وإجراء 42 تعديلا على الدستور.
أما الفريق الاقتصادي، فلم يفلح في الإتيان بجديد، فحتى لجنة الحوار الاقتصادي التي ماتت قبل أن تولد، وعادت بعد سبات لتجتمع، إلا أن اجتماعاتها جاءت بدون طعم في ظل غياب أعضاؤها عن الحضور، وعدم اقتناعهم بالتوصيات الإنشائية المعدّة مسبقا حول ما يجب أن يكون عليه الوضع الاقتصادي في الأردن.
كما عجز البخيت وحكومته حتى الآن في مواجهة تغوّل محتكري اللحوم والأرز والحديد وغيرها من المواد الأساسية والسلع الضرورية، معطيا الانطباع بأن هذه الكارتيلات خط أحمر لا يجرؤ حتى رئيس وزراء في اقتحامها.
والفساد، الذي ظننا أنه سيجتث من جذوره في عهد البخيت، بسبب الخطابات الرنانة والزيارات المكوكية لدولة الرئيس إلى هيئة مكافحة الفساد، فقد تحركت على استحياء أو تشكلت لجان لدراسة قرارات اللجان التي أحيلت بموجبها العطاءات، وقد صدق من قال "إن أردت أن تقتل شيئا فشكّل له لجنة".
شعبيا، سقطت الحكومة، فوجود رئيس وزراء غير قادر على دخول 3 محافظات في الجنوب، تشكل 25% من عدد المحافظات في الأردن، يعني أن الرجل بعيد عن محافظات تحركت مرتين في 1989 و1996 انتصارا للقمة العيش وكرامة أبناء الوطن، وأطاحت برئيسي وزراء كانا من أقوى رؤساء الحكومات في تاريخ الأردن المعاصر.
وعندما أتيحت للأردن فرصة تاريخية خلال الموسم السياحي، الذي جاء وانتهى والحكومة تتحدث عن تراجع الإيراد السياحي، دون أن يخرج منها فصيح قادر على التفكير بتحويل هذا التحدي إلى فرص تعود بالخير على الوطن. وخلال الحراك الشعبي، كان بطء الحكومة هو الوقود الذي يزيد من حدة الشارع، كما كان لتصريحات الرئيس ووزرائه وفشلهم في التعامل مع مختلف الملفات الدور الأكبر في التصعيد من وتيرة الحراك.
وللولاية العامة للحكومة، التي ظننا أن البخيت استردها في فرصته الثانية، قصة أخرى، أو أزمة أخرى تجعل شلالا من الماء يمر من تحت أرجل البخيت دون أن ينتبه أو دون أن يريد أن يعرف، فزادت أزماته على أزمات.
في ظل كل ذلك، نرى أن الحكومة دخلت غرفة الإنعاش، دون أي أمل في بث الروح في جسدها المريض، والخوف كل الخوف أن تنتقل جراثيم غرف العمليات إلى الجسد، فتنشلّ الحركة تماما أو تدخل الحكومة في حالة الموت السريري!