في الوقت الذي ما تزال فيه دوائر رسمية في اربد تتبادل الاتهامات بخصوص من يتحمل مسؤولية استمرار تلوث وادي الغفر غرب مدينة اربد حيث تجددت مشكلة فيضان مياه الصرف الصحي الى الوادي اخيرا، مُشكّلة بركة مياه عادمة تنبعث منها روائح كريهة تنشر قوارض وحشرات تؤذي سكان المنطقة. ورغم تأكيد سكان مجاورين للوادي بأن «مصدر هذه المياه هو مناهل الصرف الصحي، إلا أن مدير الصرف الصحي في سلطة مياه إقليم الشمال المهندس هشام الخطيب نفى أن تكون «التجمعات المائية في الوادي ناتجة عن مياه صرف صحي». وقال أن «مياه الأمطار تجمعت في الوادي جراء تراكم الأنقاض والأتربة»، مؤكدا أن «السلطة قامت أخيرا برفع المناهل في الوادي بقيمة 200 ألف دينار، كما أن عطاء بقيمة 100 ألف دينار ينفذ حاليا لصيانة الخطوط الناقلة». ويضيف أن «كوادر السلطة تعمل فور انزلاق أي من الخطوط أو فيضانها على تحويل الفيضان مباشرة إلى المنهل الآخر تخوفا من حدوث تلوث بيئي». وأوضح الخطيب أن «المشكلة لا تتعلق بشبكة الصرف الصحي بل بتراكم مياه الأمطار في أخفض نقاط الوادي لتشكل بركا عميقة يصعب تبخرها»، محملا بلديتي اربد الكبرى وغرب اربد مسؤولية «تهذيب الوادي». بدوره، قال المواطن محمد أبو الهيجاء، الذي يقطن بالقرب من الوادي، أن «الأوضاع البيئية في الوادي باتت متردية عاما تلو العام اثر عدم نجاعة الحلول لمعالجة مشكلة مياه الصرف الصحي في الوادي». وأوضح أن «مطالبات السكان المجاورين للوادي لم تجد صدى لدى الجهات المعنية بالرغم من المكاره الصحية والروائح الكريهة التي تنبعث من الوادي والتي من شأنها التسبب بالأمراض، خاصة مع اقتراب فصل الصيف». من جانبه، قال المواطن علي اليعقوب أن «مشكلة الوادي الأساسية تكمن في تعمد أصحاب القلابات رمي الأنقاض ومخلفات الدواجن والأتربة في الوادي»، مؤكدا أن «غياب الرقابة من قبل الجهات المعنية أدى إلى تفاقم المشكلة، الأمر الذي أدى في كثير من الأحيان إلى إغلاق مناهل الصرف الصحي وبالتالي إلى فيضانها». وأضاف أن «محافظ اربد أوعز قبل عامين بالعديد من المراجعات لتصويب أوضاع الوادي وتسويتها، تمهيدا لإنشاء حديقة عامة في المنطقة، إلا أن الوادي عاد كما كان عليه في السابق جراء غياب الرقابة»، مطالبا الجهات المعنية «العمل على تشديد الرقابة على الوادي مع دخول فصل الصيف الذي تكثر فيه الحشرات والقوارض». ويطالب سكان مجاورون للمنطقة بشفط تلك المياه الراكدة والتي ترتفع في فصل الشتاء وتحديد مصدرها ومعالجته بشكل نهائي حفاظا على سلامة أهالي المنطقة. ويقول بعض السكان أن «مصدر تلك المياه قد يكون تراكم مياه أمطار أو تسربا من شبكة المياه العادمة التي تمتد من شارع فلسطين القديم في إربد إلى محطة التنقية في بلدة دوقرا غرب إربد». من جانبه قال مدير بيئة اربد المهندس خلف العقلة أنه «تم توجيه كتاب بهذا الخصوص إلى محافظ اربد للإيعاز للبلدية بتحمل مسؤوليتها تجاه الوادي وإحكام رقابتها على المتسببين برمي الأنقاض في الوادي، الأمر الذي من شأنه إغلاق المناهل». ودعا العقلة البلدية إلى «تنظيف المنطقة من الأنقاض وتكثيف الرقابة لمنع أية ممارسات سلبية ومنع حرق القاذورات والإطارات في الموقع»، منوها «بأهمية تعاون البلدية مع شرطة البيئة للقيام بتسيير دوريات مراقبة نهارية وليلية لمنع حدوث أية مخالفات». من جانبه، قال مساعد رئيس بلدية اربد الكبرى للشؤون الهندسية المهندس زياد التل أن «مراقبة الوادي ليست من مسؤولية البلدية، ومع ذلك قامت البلدية أخيرا بتعيين حراس وإنشاء غرفة على حسابها لمراقبة الوادي ومنع رمي الأنقاض فيه، غير أن خطورة المنطقة من حيث عدم توفر الأمن فيها ليلا بسبب بعدها عن التجمعات السكانية دفع بالحراس إلى عدم الالتزام». وأكد أن «حراسة الوادي مسؤولية سلطة المياه والأشغال وبلديتي اربد وغرب اربد، وخصوصا أن الوادي يقع خارج حدود بلدية اربد الكبرى»، مشيرا إلى أنه «سيصار إلى الكشف على المنطقة مجددا ليصار إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة». من جانبه، قال رئيس بلدية غرب اربد ياسين الشناق أن «البلدية اتفقت مع بلدية اربد الكبرى بتنظيف الوادي ومراقبته بالتناوب شهريا، إلا أن الأخيرة لم تلتزم بالاتفاقية، الأمر الذي حول الوادي إلى مكرهة بيئية»، مؤكدا أن «البلدية قامت الشهر الماضي بتنظيف الوادي». وكانت وزارة البلديات أوعزت قبل 3 سنوات بإطلاق حملة لتأهيل وادي الغفر، بعد أن أصبح يهدد البيئة المحيطة. وتضمنت الحملة التي تشارك فيها 60 آلية من مختلف بلديات المحافظة ومجالس الخدمات المشتركة في إقليم الشمال إزالة كاملة للأنقاض من الوادي، وتهيئته لأعمال تشجير وتخضير بغرض استخدامه كحديقة ومتنفس على مدخل المدينة الغربي، إلا أن الأوضاع عادت كما كانت عليه في ظل غياب الرقابة على الوادي. وكان محافظ اربد، أوعز بعد استكمال الحملة بتحويل الوادي إلى حديقة عامة، إلا أن المشروع واجه عثرات بعدما تبين وجود حوالي 21 دونم ارض مملوكة للمواطنين القاطنين بالقرب من المنطقة. وكان وزير البيئة خالد الإيراني أكد خلال زيارته التفقدية للوادي قبل سنتين «ضرورة الإسراع بمعالجة مختلف الإشكاليات المسببة للمكاره الصحية والبيئية التي يشهدها وادي الغفر سنويا ومشكلة المياه العادمة المتجمعة فيه»، مشيرا إلى «أهمية تعاون الجهات المعنية ( البلدية والأشغال وسلطة المياه) في الحيلولة دون فيضان مياه شبكات الصرف الصحي السالكة عبر الوادي».