رغم غياب ظلال بعض المسؤولين عن الساحة الحكومية تبقى أذرعهم تمتد ويزداد طولها بشكل أكبر مما كانت خلال توليهم مناصبهم التي اتخذوا أثناءها قرارات تغولت على قوت المواطنين..
قرارات اتخذت حينها لتنفيذ مصالح شخصية اعتقد المواطن انها ستنتهي حال خروج هؤلاء المسؤولين من دوائر صنع القرار الحكومي.
قضية هيمنة مصانع الحديد المسلح عادت لتظهر على الساحة مجدداً لتضع علامات استفهام واسعة حيال قدرة الحكومة التي جاءت على أسس إصلاحية وضع حد لهيمنة متنفذين كانوا ذات يوم في موقع المسؤولية واحتكروا قطاع الحديد المسلح وسيطروا على قرارات حكومية لتمرير مصالحهم دون اعتبار لمصلحة الوطن أو المواطن.
منع وزارة الصناعة والتجارة استيراد الحديد المسلح شابه جدل واسع بين تجار استنكروا ما وصفوه بـ"الدعم الحكومي" لأصحاب المصانع والذين منهم مسؤولون سابقون من أصحاب الوزن الثقيل "حيتان" حسب قول بعض التجار.
أمجد سويلم، أحد تجار الحديد المسلح قال لـ عمون إن وزارة الصناعة تستهدف التجار الذين يقومون باستيراد الحديد في خطوة منها لحماية مصالح أصحاب المصانع الذين يهيمنون على السوق ويجنون أرباحاً تتعدى 130% ضاربين بعرض الحائط توفير السلعة للمواطن بسعر منخفض.
ولفت إلى أن سعر الطن الواحد من الحديد المسلح يباع من قبل تلك المصانع بـ (730) ديناراً فيما انخفض سعره حال استيراد عدد من التجار له إلى (630) ديناراً أي بمعدل انخفاض (100) دينار للطن الواحد ما يسهم في تخفيف العبء عن المواطن ورفع يد احتكار السوق بيد أصحاب المصانع.
وحول الشحنة التي استوردها تجار من دولة الإمارات العربية مؤخراً قال إن عملية الاستيراد كشفت الغطاء عن السعر الحقيقي للحديد في السوق العالمية إضافة إلى نوعية الحديد المستورد وبخاصة الإماراتي الذي يمتاز بجودة عالية نظراً لعدم استخدام "الخردة" في تصنيعه عكس المنتج الأردني من الحديد والذي تستخدم معظم مصانع الحديد "الخردة" في صناعته.
وبين تاجر آخر حجم المعاناة التي يعايشها التجار من سيطرة أصحاب المصانع الكبيرة على السوق إلى التضييق الحكومي على عملية الاستيراد، مشيراً إلى انه قام وبعد أن أغلقت أمامه جميع الأبواب باستيراد كميات من الحديد المسلح من دولة الإمارات إلا أن وزارة الصناعة منعت دخول الشحنة إلى المملكة بحجة عدم حصوله على ترخيص استيراد – رغم عدم وجود بند قانوني يحتاج لذلك-.
وتقبع الشاحنات المحملة بالبضاعة المستوردة منذ الرابع من الشهر الحالي في جمرك عمان يتم اقتطاع ما قيمته 60 ديناراً يوميا على كل شاحنة علماً أن عدد الشاحنات يزيد عن الـ(50) شاحنة فيما تقبع باقي البضاعة على أرض ميناء العقبة تكلف التاجر آلاف الدنانير منذ بداية الشهر الحالي بدل أرضيات.
رئيس جمعية تجار الحديد هشام المفلح قال من ناحيته إن أسعار الحديد المسلح تتحكم فيها المصانع الكبرى ما ينعكس على جيب المواطن حيث ان ارتفاع سعر الطن الواحد 10 دنانير يكلف المواطنين ما قيمته (7) ملايين دينار سنوياً، لافتاً إلى أن السوق المحلي يستهلك ما يقارب (700) إلى (800) ألف طن سنوياً.
وتابع ان هيمنة المصانع على السوق وتغولها على المواطن وعلى مرأى الحكومات المتعاقبة دفعت بتجار إلى استيراد الحديد المسلح من الإمارات، مشيراً إلى أنها لم تكن المرة الأولى إذ تعامل التجار مع هذا الأمر سابقاً.
وأكد المفلح تورط أذرع حكومية مع أصحاب المصانع قائلاً "إن الأمر لا يحتاج إلى التعمق في التفكير إذ يتضح جلياً أن هنالك لعبة يشترك بها اطراف حكومية لمصالح شخصية بعيداً عن مصلحة الوطن والمواطن وبعيداً عن التنافس الحر الشريف".
وانتقد المفلح عدم تدخل الحكومة في قضية تعد من أهم قضايا الاقتصاد نظرا لانعكاس سعرها سواء كان بالارتفاع او بالانخفاض على المواطن خاصة اصحاب الدخل المتوسط والمحدود منهم.
وبيّن المفلح وجود لوبي يسيطر على القطاع إذ يقوم أصحاب مصنعين اثنين بالهيمنة على السوق والتغول على مقدرات الشعب بشكل واضح للعيان وهم من يحددون أسعاره عبر مكالمة هاتفية أو رسالة خلوية.
رئيس جمعية مستثمري قطاع الإسكان المهندس زهير العمري قال من جهته إن مادة الحديد من المواد الأساسية وينظر إليها من منظور وطني حيث ان المتضرر منها غالباً المواطن خاصة في ظل توقف المشاريع الحكومية.
وأكد أن من حق التجار ان يدافعوا عن حقهم بكل ما أوتوا من قوة والوقوف بوجه من يحاول منع استيراد الحديد لمصلحة مصانع كبرى ضارباً بعرض الحائط مصلحة 6 ملايين مواطن.
واستهجن استبعاده وأطراف أخرى من لقاء عقد مؤخراً بغرفة صناعة عمان لمناقشة وضع سوق الحديد في المملكة، مشيراً إلى أن تغييب أطراف ذات علاقة جاء بهدف فتح الأبواب على مصراعيها لأصحاب المصانع الذين يمارسون احتكار الحديد بعيداً عن اعتراضات من يسعون لتحقيق المصلحة العامة.
وطالب العمري الحكومة باختصار المسافات والاجتماع مع كافة الأطراف المعنية وعدم السماح لفئة بالتفرد بقرارها، كما طالب بتحديد اسعار الحديد وعدم "ترك الحبل على الغارب".
ودعا العمري إلى السماح للتجار باستيراد ما نسبته 20% من احتياج السوق المحلي لحماية الاقتصاد ولإحداث توازن في السوق.
نقيب المهندسين عبدالله عبيدات أكد ان النقابة منبر من منابر الدفاع عن الصناعة الوطنية خصوصاً عندما تحقق السعر المعتدل والكفاءة العالية مؤكداً أنه عندما يصل الأمر إلى احتكار تطلب النقابة التوازن وقيام الجهات المختصة بضبط الإيقاع.
واعتبر عبيدات أن فتح باب استيراد الحديد يعكس السعر الحقيقي للسلع متسائلاً عن أسباب تشبث الحكومة بعدم فتح باب الاستيراد وتسهيل الأمر على التجار.
وأكد عبيدات أن هنالك شكوكاً وريبة فيما يتعلق بقضية عرقلة الاستيراد خاصة انه تم استثناء نقابة المهندسين من اللقاء التي تم في غرفة صناعة عمان.
وختم عبيدات بأن النفوذ الذي يتمتع به أصحاب تلك المصانع أسهم بشكل كبير ببسط يدهم وسيطرتهم على قطاع الحديد في المملكة.
وزير الصناعة والتجارة هاني الملقي قال إن الحديد المستورد معفي من الجمارك وعليه فإنه سيصل إلى المواطن بسعر أقل لكن على حساب الجمارك، مضيفاً أن دراسة عرضت على غرفة صناعة عمان بينت انه سيكون هنالك ضرر كبير في حال فتح باب الاستيراد بشكل واسع.
وأشار الملقي إلى ان الوزارة تهدف الى خلق توازن بين الصناعة والتجارة ولا تستطيع أن تنحاز لقطاع على حساب الآخر.
وحول الشحنات المستوردة القابعة في جمرك عمان وميناء العقبة قال أن التجار حاولوا وضع الحكومة تحت الأمر الواقع من خلال الاستيراد دون الحصول على تراخيص بذلك وانه يجب عليهم دفع جمارك عليها في حال ارادوا دخولها للمملكة.
وبين ان الوزاة واعتباراً من بداية الشهر المقبل ستمنح رخص استيراد إذ ستسمح بدخول 3 الاف طن من الحديد شهرياً تتغير حسب حاجة السوق المحلي.
واكد على ان الوزارة ستكثف من رقابتها على الاسواق وفي حال قامت المصانع برفع اسعارها ستقوم الوزارة بفتح باب الاستيراد.