خلص تقرير الحريات السنوي لـ"مركز حماية وحرية الصحفيين" إلى أن 94% من الصحافيين يخضعون أنفسهم لرقابة ذاتية، في الوقت الذي تزايدت فيه التدخلات الحكومية في الإعلام خلال السنوات الأخيرة حتى وصلت إلى 68% للعام الماضي، في حين كانت أقل من 8.5 % العام 2004.
ووفق التقرير، الذي شمل استطلاعا للرأي أجري على 512 صحافياً وصحافية، فضلا عن 33 شكوى صحافية تضمنت 47 قيداً وانتهاكاً حسب اعتقاد مقدميها، فإن 67% من المستطلعين اعتبروا أن "استحداث منصب وزير الدولة لشؤون الإعلام والإتصال هو خطوة لإحياء وزارة الإعلام مجدداً".
وأظهر الاستطلاع وجود "فجوة كبيرة" في نظرة كل من العاملين في القطاع الخاص والعاملين في القطاع العام لجميع القضايا التي طرحت.
ويرى 94% من الإعلاميين العاملين في القطاع الخاص أن حالة الحريات الإعلامية في الأردن متدنية، مقابل 6% من الإعلاميين في القطاع الحكومي، وفق الاستطلاع.
ويرى 50 % من المستطلعين أن حالة حرية الإعلام "لم تتغير"، بينما يعتقد 38% أنها تقدمت، و11% يعتبرون أنها تراجعت، فيما وصف زهاء 57% من المستطلعين حالة الحريات الإعلامية بأنها متوسطة وجيدة، "ولم يصفها بأنها ممتازة سوى 5%"، على ما جاء في التقرير.
وتظهر أرقام الاستطلاع بأن النظرة لحرية الإعلام "تحسنت نسبياُ" مقارنة بالعامين 2006 و2007، في حين كشف 20% من الإعلاميين أنهم "ما يزالون يتعرضون لضغوط ومضايقات وتدخل بعملهم"، علما بأن هذه النسبة في انخفاض مستمر خلال السنوات الماضية، حيث كانت 28% عام 2007، حسب التقرير ذاته.
كما اعتبر 76.3% من الصحافيين أن إلغاء المجلس الأعلى للإعلام لا تأثير له على حرية الإعلام.
وأكد الصحافيون المستطلعون أن أكثر المواضيع التي يتجنبون التطرق لها ويمارسون رقابتهم الذاتية عليها كان ما يتعلق بالقوات المسلحة وبنسبة 89% تبعها انتقاد الأجهزة الأمنية بنسبة 83%، وافاد 81 % أنهم يتجنبون البحث في القضايا الدينية و78% يبتعدون عن انتقاد زعماء العشائر.
كما يتجنب 77% من المستطلعين انتقاد زعماء الدول العربية، و74% منهم لا يناقشون مواضيع الجنس، في حين يفضل 63% من المستطلعين عدم انتقاد زعماء الدول الصديقة، و54% لا ينتقدون الحكومة.
ويعتبر 41% من الإعلاميين المستطلعين أن التشريعات الإعلامية "لم تؤثر على حرية الإعلام".
وحول دور نقابة الصحفيين في الدفاع عن الحريات الإعلامية، أظهر الاستطلاع تحسنا، إذ بلغ حوالي 60%، فحوالي 45% من الإعلاميين يجدون أن لنقابتهم دورا مؤثرا في الدفاع عن حرية الإعلام بدرجة متوسطة.
وكانت نسبة من يرون تأثير النقابة بدرجة كبيرة حوالي 23%، أما الذين يرون تأثيرها بدرجة قليلة فكانت نسبتهم قرابة 17%.
في المقابل، يرى حوالي 13% من الإعلاميين والصحافيين أن نقابتهم "ليس لها دور فعال على الإطلاق".
كما أن الدور المهني للنقابة ما يزال محدوداً حتى الآن، بحسب الاستطلاع، ذلك أن نسبة 21% من الصحافيين المستطلعين "لا يرون لها دوراً على الإطلاق"، ويجد 44% منهم أنها تقوم بدور متوسط.
وبلغ مؤشر مساهمة المحطات الخاصة في رفع سقف الحريات الإعلامية 38.5، بينما يعتقد 35% من الصحافيين والإعلاميين أن هذه المحطات لم ترفع مستوى الحريات الإعلامية.
وسجل مؤشر الإذاعات الخاصة نتيجة أفضل في مساهمته برفع سقف الحريات الإعلامية من محطات التلفزة الخاصة وبنسبة 54.8 %.
وفيما يتعلق بتوقيف الصحافيين في قضايا لها علاقة بالإعلام، أشار التقرير إلى ثلاثة صحافيين تعرضوا للتوقيف في العام 2008.
وحسب التقرير، فإن ظاهرة توقيف الصحافيين بين الأعوام 2004 و2006 كانت ثابتة نسبيا، وتتراوح بين 1 و2%، بيد أن الوضع اختلف خلال العام 2007، إذ ارتفعت نسبة الصحافيين والإعلاميين الذين تعرضوا للتوقيف لتصل إلى حوالي 5%، لكنها سرعان ما انخفضت إلى حوالي 1.6% في عام.
وأفاد 8% من الصحافيين أنهم تعرضوا للمحاكمة في قضايا لها علاقة بالإعلام، حسب التقرير الذي أشار إلى أن 55% من المشتكين مواطنون عاديون، فيما بلغت نسبة المسؤولين في الحكومة حوالي 48%.
واحتلت قضايا القدح والذم المرتبة الأولى في التهم الموجهة للصحافيين وبنسبة 86%، يليها عدم مراعاة التوازن والموضوعية خلافا لأحكام قانون المطبوعات 25بنسبة %.
وأظهرت نتائج الدراسة أن من تعرضوا للمحاكمة وصدر حكم قضائي غير قطعي بحقهم حوالي 31%، فيما كان الحكم الذي صدر بحقهم هو غرامة مالية بما نسبته حوالي 63% وعدم مسؤولية وبراءة وغرامة مع سجن بما نسبته حوالي 13%.
وحول تدخل الحكومة في وسائل الإعلام، فقد أفاد أكثر من ثلثي المبحوثين أنهم يعتقدون أن "الحكومة تدخلت في وسائل الإعلام".
ولا تظهر هذه النتيجة قناعة لدى الصحافيين بوعود الحكومة وممارساتها بأنها لا تريد التدخل بالإعلام، حيث يرى 73% من الإعلاميين المستطلعين أن "تلك التدخلات ساهمت في انخفاض سقف الحريات الاعلامية".
وبخصوص شركات الإعلان ومدى تدخلها في سياسات المؤسسات الإعلامية، أفاد حوالي 86 % أن لهذه الشركات دور وتأثير على سياسات المؤسسات الإعلامية، حسب الاستطلاع.
وحول تعرض الصحف الأردنية للرقابة المسبقة، أفاد حوالي 50% أن هناك رقابة على الصحف.
وكانت صحيفة المجد الأسبوعية حسب رأي الإعلاميين من أكثر الصحف التي تعرضت لرقابة وبنسبة 10.7%.
وبلغ مؤشر الحرية الإعلامية للإذاعة الأردنية 43.7%، فيما بلغ مؤشر الحرية الإعلامية للتلفزيون الأردني 38.7%.
وبذلك تتقدم الإذاعة في مجال الحرية على التلفزيون حيث يرى 30 % من المستجيبين أن التلفزيون الأردني لا يتمتع بحرية إعلامية على الإطلاق.
ويعتبر مؤشر الحرية الإعلامية لوكالة الأنباء الأردنية والذي سجل 49.8% أفضل من مؤشري الحرية لكل من الإذاعة والتلفزيون.
ويعتقد نحو 40% أنها تتمتع بحرية بدرجة متوسطة، وزهاء 25% بدرجة قليلة، وقرابة 14% بدرجة كبيرة، مقابل حوالي 19% يعتقدون أن "وكالة الأنباء الأردنية لا تتمتع بحرية الإعلام على الإطلاق".
ويظهر استطلاع الرأي أن 26% من الصحافيين والإعلاميين يعتقدون أن الحكومة تقوم بحجب بعض المواقع الالكترونية على شبكة الانترنت، فيما يعتقد حوالي 54% العكس أي أنها لا تفعل ذلك.
وبالاستقصاء عن المواقع التي تقوم الحكومة بحجبها على شبكة الانترنت فقد لاحظ الاستطلاع أن حوالي 24% لموقع عرب تايمز، فيما حوالي 23% لموقع عمون الإخباري.
ورصدت وحدة المساعدة القانونية للإعلاميين "ميلاد" التابعة لمركز حماية وحرية الصحفيين الشكاوى والانتهاكات الواقعة على الصحافيين خلال العام 2008، حسب التقرير ذاته.
وأوصى التقرير بمراجعة التشريعات التي تفرض قيوداً على حرية الصحافيين لتتواءم مع المعايير الدولية وتفعيل دور وعمل الناطقين الرسميين في الوزارات والدوائر الرسمية بما يكفل قيامهم بواجبهم في مساعدة الصحافيين للوصول للمعلومات ضمن المعايير الدولية لقواعد الإفصاح والشفافية وحق المعرفة والوصول للمعلومات.
كما أوصى بوضع دليل سلوك وقواعد عمل للعلاقة بين أجهزة الأمن والإعلاميين لضمان التغطية الإعلامية المستقلة للأحداث في مناطق التوتر والأزمات، فضلا عن تدريب وتطوير قدرات رجال الأمن وخاصة العاملين في الميدان على التعامل مع الإعلاميين بما يتوافق مع دليل سلوك خاص وتعريفهم بمدونة سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين والتي اعتمدت من الأمم المتحدة، وكذلك الالتزامات المترتبة على نفاذ قانون ضمان حق الوصول للمعلومات، عقب حادثة الضرب التي تعرض لها الكاتب في "الغد" ومدير مكتب الجزيرة ياسر أبو هلالة أثناء تغطيته العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.
ويقول الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور في مقدمة التقرير إن العام 2008 شهد موقفين ملكيين لجلالة الملك عبدالله الثاني يستحقان المراجعة والتوقف لدلالاتهما وتأثيراتهما على حرية الإعلام.
وكان جلالته أعلن عن مبادرته لتأسيس صندوق لدعم التدريب المهني للإعلاميين خلال لقائه مع نقيب الصحافيين الزميل عبد الوهاب زغيلات، فيما كان جلالته أكد على أن "توقيف الصحفيين خط أحمر.. ويجب أن لا يتكرر".
ويرى الزميل منصور أن تلك التوجهات تظهر أن المشهد الإعلامي الأردني يواجه تحديات ومازال يحتاج الى إرادة وقرارات حتى يتقدم ويستقر.
وزاد "وإن كانت توجهات الملك أشاعت أجواء من التفاؤل، إلا أن المؤكد أن هذه التعليمات ليست عصا سحرية لتغيير الواقع، إذا لم تقترن بإجراءات حكومية لتعزيز الحريات، ومبادرات مجتمعية لتحقيق شعار "حرية الإعلام حدودها السماء" .
وحول واقع الحريات الإعلامية للعام الماضي قال منصور إن "حرية الإعلام لعام 2008 ما تزال على حالها تراوح في نفس المكان، تشهد تقدما هنا وانتكاسة هناك".
وأضاف منصور بعد عشر سنوات على تأسيس مركز حماية وحرية الصحافيين وسبع سنوات على إصدار تقرير حالة الحريات الإعلامية فإن "التغيير في حالة الحريات الإعلامية ليست شعارات ترفع، بل ممارسة في الواقع علينا أن نقبل مرها قبل حلوها".
وتضمنت استمارة الاستطلاع 192 سؤالاً كشفت عن رأي الصحافيين وموقفهم من قضايا حرية الإعلام في الأردن بأبعادها المختلفة.
وتجاوبا مع التطورات على المشهد الإعلامي أضيف للاستطلاع أسئلة جديدة ترتبط بما حدث عام 2008 مثل إلغاء المجلس الأعلى للإعلام والمركز الأردني للإعلام، وتوجيهات جلالته بمنع توقيف الصحافيين وانعكاس هذه التوجهات على الواقع الصحفي.
وبلغت نسبة الإعلاميين العاملين في القطاع الخاص من بين المشاركين في الاستطلاع 75.8% في حين وصلت نسبة المشاركين من القطاع الحكومي 24.2%، في حين بلغت نسبة الذكور 76.7% والإناث 23.3%.
إلى ذلك، تضمن التقرير دراسة خاصة بـ"الحالة التشريعية لحرية الإعلام 2008" في الأردن والتي اعتمدت بشكل أساسي على بيان أهم المحاور والمرتكزات القانونية التي من شأنها أن تعيق حرية الإعلام خاصة فيما يتعلق بحق الحصول على المعلومات، وتلك الخاصة بالإعلام المرئي والمسموع، كما تتعرض للأحكام القانونية الخاصة بالصحافة الإلكترونية.
وهدفت الدراسة إلى مناقشة الحالة التشريعية لحرية الصحافة والإعلام، وبيان دور النصوص القانونية الخاصة بها في رفع سقف تلك الحريات أو تقييدها من خلال إظهار الآثار التي تترتب على الإعلاميين بسبب وجود تلك النصوص القانونية.
وتناولت الدراسة بشكل أساسي الدستور الأردني، وقوانين المطبوعات والنشر رقم 8 لسنة 1998 وتعديلاته، ونقابة الصحفيين، وضمان حق الحصول على المعلومات، والعقوبات، وانتهاك حرمة المحاكم، و حماية أسرار ووثائق الدولة، ومحكمة أمن الدولة، فضلا عن القانون المدني وقانون التنفيذ.
واعتمدت الدراسة في منهجيتها على السوابق القضائية في بيان وشرح النصوص القانونية وكيفية استخدامها على أرض الواقع سواء من قبل النيابة العامة أو من قبل القضاء، فيما عادت إلى وثائق وتعميمات رسمية صدرت العام 2008 لمراجعتها وإبداء الرأي القانوني بها.
وقسمت الدراسة إلى ثلاثة أقسام، حيث أبدت في قسمها الأول "حق الحصول على المعلومات وتداولها" تعليقات قانونية على التعميم الصادر عن رئيس الوزراء نادر الذهبي في الثالث عشر من شباط (فبراير) العام الماضي والذي يمنع فيه أي موظف حكومي الاتصال بالصحافة أو توصيل أي معلومة حول أي تجاوز مالي أي أو إداري داخل الدوائر الحكومية للصحافة.
وقالت الدراسة إن "هذا التعميم يخالف المعايير الدولية لحق الوصول للمعلومات وتداولها ونشرها، كما أنه يخالف التشريعات الأردنية الضامنة لحق الوصول للمعلومات وتداولها".
وناقشت في قسمها الأول سؤال "لماذا السرية هي الأصل في الحصول على المعلومات وإباحتها هي الاستثناء؟".
وناقشت الدراسة في قسمها الثاني، الذي جاء بعنوان "حرية الصحافة المكتوبة في قانون المطبوعات والنشر رقم 8 لسنة 1998 وتعديلاته"، بشكل مختصر عدداً من الأسئلة القانونية.
وتساءلت "هل انتهى حبس وتوقيف الصحفيين خلال العام 2008 بعد صدور التعديلات التي وردت على قانون المطبوعات والنشر في العام 2007 بموجب القانون رقم 27 لسنة 2007؟".
وأجابت على هذا السؤال بأن التعديلات على القانون في العام 2007 قدمت نصاً جديداً لم يكن معروفاً من قبل وهو "حظر التوقيف نتيجة إبداء الرأي بالقول والكتابة وغيرها من وسائل التعبير"، وتضمنت الإجابة على هذا السؤال أيضاً بأن "توجهات جلالة الملك عبدالله الثاني بمنع توقيف الصحفيين لا تمنع توقيفهم".
وتساءلت الدراسة كذلك "هل يمنع قانون المطبوعات والنشر تطبيق قوانين أخرى على الصحفيين المقامة عليهم قضايا مطبوعات ونشر؟ وهل خفف من العقوبات أم غلّظها؟".
وسجّلت الدراسة في القسم الثالث عدداً من الشروحات والتعليقات في الجوانب القانونية المتعلقة بـ"حرية الإعلام في قانون الإعلام المرئي والمسموع"، فتحدثت عن تجربة الإعلام المرئي والمسموع في الأردن، ومدى انسجامها مع مبدأ الحريات الإعلامية رغم قصر هذه التجربة، استناداً إلى وثائق ووقائع حصلت منذ إطلاق قانون هيئة المرئي والمسموع عام 2002 كقانون مؤقت.
كما تضمن القسم الثالث من الدراسة "الإطار القانوني للإعلام الإلكتروني"، حيث ناقشت الدراسة هذا الإطار القانوني من عدة جوانب ووضعت التعليقات القانونية عليه وأشارت إلى بعض التطبيقات القضائية.
وطرحت الدراسة في هذا السياق سؤال "هل تصلح نصوص قانون المطبوعات والنشر رقم 27 لسنة 2007 للتطبيق على المواقع الإلكترونية والصحافة الإلكترونية؟".
كما طرحت الدراسة قضية "المسؤولية المدنية الناتجة عن جرائم المطبوعات والنشر"، حيث ازدادت مؤخراً المطالبات بالادعاء بالحق الشخصي الذي يعني المطالبة بالتعويض المالي عن الأضرار التي لحقت بالمتضرر المقصود في المادة الصحافية.
وفي سياق دور المركز القانوني كانت وحدة المساعدة القانونية للإعلاميين "ميلاد" التابعة للمركز قد ترافعت في 74 قضية أمام المحاكم منذ تأسيسها عام 2002، واستمرت في عام 2008 دفاعها عن الصحفيين أمام المحاكم، بالإضافة الى جهودها في التوعية القانونية ورصد وتوثيق الانتهاكات، حسب التقرير ذاته.
وخلال العام الماضي ترافعت ميلاد عن 25 قضية ونجحت في كسب 15 منها مقامة على الصحافيين من أصل 21 قضية صدرت فيها أحكام.