في المجموعة الشعرية الأولى للشاعر الشاب حسين لباد "سأعود عند المغفرة"، الصادرة عن دار الغاوون، مضامين شتى، تفترق لتجتمع تحت مضمون عام ومتشعب. فالوطن تيمة بارزة في ثنايا المجموعة، يبدو فيها الشاعر متعباً ومنهكاً وحزيناً. يدقق في حروفه وألحانه بقلب مغبون تارة وبقلب متفائل تارة أخرى: "أنا يا وطني برعم الوعي/ وشيء من الياسمين الهائم في نافلة الضحى"، في محاولة منه لئن يلتف له هذا الوطن، بما يحمله له من وعي، بيقين أنه - أي وطنه - سيؤبن منفاه (الداخلي) ويداري حرمانه: "العشق لا يؤبِّنه المنفى/ ولا يداري حرمانه إلا وطن تألق في العشق/ وأسكره بوح المبعدين". غير أنّ وطنه منهك: "وهذي القطيف منهكة فلا تقوى العبور على جراحها/ تُسرِّح الهذيان في محبرة الوقت". ثم أنه يتشهى وطناً يمنحه "حرّية بوح".
عناوين المجموعة تحمل ذات الهم وذات المضمون: "قريتي وضجيج المسافات"، "إنتماء"، "قطيف من وجع منتهك"، "مرثية ذات ضيعت الأمل"، "الأجداد... ملحمة الفرح المزيف"، "وأبعد من الدمع كربلاء"، "انحناء على قامة الحنين".
وعلى ما به من ثقل ووجع سافر، لكنك تطالع اللباد بروح متفائلة: "سأزرع روحي في كل الحقول/ وأُحييها/ وأسقيها ثرثرة الدمع/ سأزرع روحي أينما شاءت/ وأطوف سبعاً على بقاياي".
يبتعد اللباد ويقترب. يستجدي اللغة لتعطيه الأجمل، يأتي مع هذا السعي الوزن الخليلي عفو الخاطر. يقول اللباد: "إني على ناي الشقاوة عازف/ لملمت من بعضي مجازات الأسى" من نص "الحرف الأول"، وهو نص طويل تختلط فيه تفاعيل الخليل بدون مسار محدد أو "فنية" تسوّغ كل هذا التماهي في الإيقاع السافر والآخر الذي لا يكاد يبين، مثل: "حارت خطاي كأنها/ كذب المساء يلتهم العابرين"، أو "مدّي يديك أقبل/ مدّي لي شيئاً من الفرح السماوي علني/ أناجي أسرار الأماني" وغيرها من المقاطع التي كان اللباد محتاجاً للاشتغال عليها أكثر لكي لا تبدو مقاطعه الخليلية عرجاء.