الأصل محاسبة المخطئ ومكافأة المُحسن ، والمتفق عليه الصفح عن المذنب عندما يقرّ بالخطأ ويطلب المغفرة ، والتسامح المطلق قد يفهم على انه ضعف ، ويدفع للغرور والتمادي ، خاصة إذا ما كانت تلك الخطايا بحق أمة لغايات شخصية .
معلومات يتم تداولها على ان مدير المخابرات السابق أشعَل او أشعِل الحراك في عهده ، وهذا مرده أمرين لا ثالث لهما ، إما انه عجز عن قراءة الواقع ، او تسبب فيه مع سبق إصّرار وتصميم ، وحسب ما سرب من معلومات فالمرجح الأمر الثاني للحفاظ على الكرسي .
يقال ان الرجل كان على خلاف مع رئيس الحكومة الأسبق سمير الرفاعي ، وما إن شعر ان الأخير قارب على الإطاحة به ، أشعل منطقة بعينها والتي يرتبط بها بعلاقة قربى "نسب" للمطالبة بإسقاط الحكومة من خلال شخصين تزعموا الحراك "أ.ط –أ.ز" ، لكن المفارقة ان الوضع تفاقم وخرج عن السيطرة ولم يهدأ لغاية الآن ، على الرغم ان جلالة الملك خصّ تلك المنطقة بزيارة ومزايا دون غيرها ، وقد يكون ما تم بترتيب منه .
المفاجأة ان الحراك لم يقتصر على تلك المنطقة وإمتد ليشمل غيرها على ذات النسق وبنفس الوتيرة ، وأزم الوضع أكثر مما كان عليه ، ومما زاده سوءاً ان سقف المطالب إرتفع ، ونسمع الآن ما لم نعهده في السابق .
الملك مطلع على الأمر ، وعبر عن ذلك بوضوح عند لقائه وفداً شبابياً في الديوان الملكي ، ولم يخفي استيائه من أداء المؤسسة الأمنية ، لدرجة انه وصف بعض قياداتها بـ"الديناصورات" ، متهماً إياهم بالعمل على إيجاد شرخ بين الشعب والقيادة وقال "إنني على علم بوجود شخصيات أمنية تسعى لإحداث شرخ بيني وبين شعبي" ، وكُشف اللقاء النية عن إقالة عدد من القيادات الأمنية .
تنبأ كثيرون ان يكون اول الراحلين الرقاد ، لكن المفاجئ ان يتم ترقيته ونقله للأعيان حاملا خبراته لتوظيفها لنفس الغاية ! والسؤال الأهم هل يستحق من يؤلب الشارع ، ويحرّض الناس ، ويعبث بأمن الوطن ، تلك المكافأة !
المدير الحالي إبتعد عن الدائرة فترة من الزمن ، وقادم من المؤسسة الدبلوماسية ، ويحمل من المؤهلات الأمنية ما يكفي ، ليس لديه أجندة خاصة ، عايش تجربة المغرب في السير نحو الإصلاح ، ونأمل ان يستطيع نقل ما يصلح منها ، داعين الله ان يعينه على إصلاح ما افسد سلفه .