شكلت عطلة العيد التي جعلتها الحكومة الاردنية تقترب من عشرة ايام تقريبا فرصة للاستراحة والاسترخاء بالنسبة لجميع اطراف العملية السياسية الداخلية حيث يتوقع ان يغيب صخب الاعتصامات والمسيرات للجمعة الثانية على التوالي بسبب طبيعة اجواء العيد والتحديات الاقتصادية التي يفرضها.
وقد خفف مزاج العيد اصلا من نزول الناس للشوارع في الاعتصامات السياسية حيث لم يشارك الاخوان المسلمون في اي نشاط اعتصامي الجمعة التي سبقت العيد لكنهم نظموا مهرجانا خطابيا وسط عمان العاصمة حضره المئات من انصارهم وتخللته خطابات تؤكد على مطالب الاصلاح.
وتقترح الكثير من الاوساط السياسية ان الحركة الاسلامية تعمل على تجهيز ترتيبات تفاهم وصفقة سياسية عن بعد مع الحكومة الجديدة بقيادة الدكتور عون الخصاونة ينضج فيها تبادل المصالح حيث يمتنع الاخوان المسلمون عن النزول للشارع في الوقت الذي تعمل فيه حكومة الخصاونة على استقبال خالد مشعل بصفة رسمية واعادة التواصل والعلاقة مع حركة حماس علما بأن تسريبات متواصلة خلال يومي العيد تحدثت عن وجود مشعل فعلا في عمان بدون اعلان رسمي.
ويبدو ان الاسلاميين هنا في طريقهم لاستبدال المشاركات الدائمة في مسيرات الشارع بمهرجانات خطابية محصورة ومحددة واقل جماهيرية وصخبا، الامر الذي يخلق تحديا امام الحراك المحلي في الكثير من المحافظات والاوساط العشائرية خصوصا بعدما غاب الزخم الجماهيري نسبيا عن النسخة الاردنية من الربيع العربي.
كما اتخذت الجبهة الوطنية بقيادة احمد عبيدات فيما يبدو اتجاها مماثلا في تعليق النزول للشارع، مما اثار في صفوف تنسيقيات الحراك الشابة اتهامات للاخوان المسلمين والجبهة بخيانة الحراك وتوظيفه لاغراض سياسية وهو امر رد عليه الناطق باسم الاخوان المسلمين جميل ابو بكر بالنفي مشيرا الى ان الصفقة مع وزارة الخصاونة كان يمكن ان تكون افضل لو قبل قادة الاخوان عرض الاخير بالمشاركة في الحكومة والحصول على عدة حقائب وزارية.
وفي الوقت نفسه غرقت وزارة الخصاونة التي تضم نخبة من خبراء القانون في تقييمات ودراسات معمقة للقوانين والملفات الاساسية التي ستعمل عليها في المرحلة المقبلة حيث يضم المطبخ التشريعي للحكومة ثلاثة رموز لاول مرة هم وزير العدل سليم الزعبي ووزير الشؤون القانونية ابراهيم الجازي ووزير شؤون رئاسة الوزراء ايمن عودة وهو مشرع بارز ووزير سابق للعدل.
لكن صخب الاعتراض تفاعل عشية العيد من جانب المواطنين السوريين حصريا الذين اقاموا صلاة العيد في مواجهة مقر سفارتهم في عمان العاصمة وسط تواصل الدعاء لاسقاط نظام الرئيس بشار الاسد.
وسهر المئات من السوريين ليلة العيد في ضاحية عبدون الراقية غرب عمان امام مكاتب السفير السوري الجنرال بهجت سليمان الذي كان بالمقابل بطلا لحالة انتقاد جديدة في بيان سياسي اصدرته اللجنة الشعبية الاردنية التي تناصر الشعب السوري حيث طالب البيان الحكومة الاردنية بالتصرف والتحقيق مع السفير السوري في عمان.
وسبب دعوة التحقيق هو صدور صوت عملاق وصاخب من داخل مقر السفارة السورية يتضمن بعض الاغاني التي تناصر نظام الرئيس بشار في الوقت الذي كان فيه المعتصمون يؤدون الصلاة ويبتهلون للدعاء ضد نظام بشار.
وحسب مضمون البيان الاردني فقد انتهت هذه المعركة الصوتية بين تقنيات الصوت عبر المايكروفونات الضخمة بتفوق واضح للصوت الحاضر من مقر السفارة الذي تخصص بالشغب على صوت الصلاة ضد بشار، الامر الذي اعتبرته لجان المناصرة الاردنية استفزازا للمشاعر الدينية واستهانة بالدين من قبل السفير السوري مما يستوجب استدعاؤه للخارجية الاردنية والتحقيق معه.