اعتمد المسرح على الاستعارة والاقتباس منذ بدايته. صحيح ان مسرحية "الفرس" التي انجزها اسخيلوس عام 472 قبل الميلاد تعتبر اول عمل مسرحي متكامل دون استعارة تناول فيه بشكل فني رد فعل البلاط الفارسي على هزيمته. ولكن اسخيلوس والمسرحيين الذين جاؤوا بعده نهلوا بلا حساب من الأساطير والقصص التاريخية التي كانوا لا يترددون في في تكييفها وتعديلها لتناسب نصوصهم ومتطلبات المسرح الاغريقي.
وفي الألفيات التالية لم يبق شيء عمليا إلا واقتبسه المسرح. فهناك مسرحيات مشتقة من روايات وقصص قصيرة ومقالات واعمال تاريخية وسير حياة وسير ذاتية وتقارير اخبارية ومقابلات صحفية ومحاضر اجتماعات سرية وجلسات محاكمات وبرامج تلفزيونية وكتب هزلية. ومما أبدع المسرحيون في تحويله الى اعمال درامية رأس مال ماركس وشعريات ارسطو. وتقول الناقدة المسرحية الكسيس سولوسكي انها أعدت في شبابها عملا مسرحيا يقتبس نظريات نيوتن. ومؤخرا طلب مسرح ترايسكل في لندن من الروائية والمسرحية الجنوب افريقية جيليان سلوفو اعداد مسرحية تستوحي الاضطرابات التي اجتاحت مناطق عديدة من لندن في الصيف الماضي. واعتبر نقاد ان هذه المبادرة سجلت نقطة أخرى لصالح المسرح على بيروقراطية الدولة التي لم تكلف جيشها من الخبراء والمحللين حتى الآن بدراسة اسباب ما حدث.
وشهد القرن التاسع عشر مسرحيات تستوحي لوحات فنية ثم انتقل المسرح الى نسج حبكات تقتبس اغاني شعبية. وفي عهد احدث تحولت قصيدة اليوت الشهيرة "ارض اليباب" الى عمل مسرحي قدمته فنانة واحدة في نيويورك.
وجاء العمل الذي قُدم على خشبة ترايسكل في قسمين متميزين. القسم الأول افادات شهود مع اشرطة وخرائط لما حدث ليلة 6 آب/أغسطس في منطقة توتنهام شمالي لندن. ثم يستمع المشاهد الى وجهة نظر الشرطة والضغط الذي كان واقعا على قواتها من سكان المنطقة الذين وجدوا أنفسهم عالقين وسط الاضطرابات، ومن ضحايا اعمال النهب ومن مرتكبيها. ولكل من هؤلاء وجهة نظره وروايته بشأن ما جرى. ولكن باحثا اجتماعيا مختصا بقضايا الشباب اختصر الأمر بالقول ان هناك الغضب المشروع وهناك من ركبوا موجة هذا الغضب واستغلوه لمآربهم.
ويعرض القسم الثاني آراء برلمانيين وباحثين وقادة شرطة يتحدثون عن أسباب الاضطرابات وسبل معالجتها. وجاءت هذه ايضا متباينة.
وفي المحصلة يخرج المشاهد من تعدد الآراء والمنظورات باحساس بأن هناك من يريدون الانتقام من نظام جائر ومجتمع ظالم. ويصف الناقد مايكل بيلنغتون في صحيفة الغارديان مسرحية "الاضطرابات" بأنها عمل درامي أخَّاذ ولمن يتساءل إن كان ذلك فنا يؤكد بيلنغتون انه فن مسرحي بكل معنى الكلمة لأن من مهمات المسرح إطلاع الجمهور على الحقائق واثارة نقاش الى جانب الانتشاء والإثراء الروحي والترفيه.