شهدت قاعات جاليري رؤى بالعاصمة الأردنية افتتاح المعرض الجماعي للوحات الصغيرة، والذي يحمل اسم "أعياد ملونة"، وضم أعمالا كثيرة ومتنوعة توزعت على قاعات الجاليري وجدرانه لإظهار أفضل ما في المصغرات من كوامن الجمال، حيث تجمع ما بين طابعها الحميم وقوتها التأثيرية كأعمال صغيرة وبين استخدام تقنيات وخامات متعددة. فهذه الأعمال منفذة بالألوان الزيتية والمائية والاكرليك والطباعة على الخشب والأحبار والتصوير الفوتوغرافي، وكذلك تتسم بتنوع الأساليب، بين التجريد والانطباعية والواقعية وغيرها.
عرض الفنانون المشاركون في "أعياد ملونة"، أعمالا تتباين عوالمها، وتتنوّع مناخاتها، ما يمنح المعرض نكهة خاصة ويشع فيه ألقاً لا يبتعد عن ألق الأعياد التي يحمل المعرض اسمها، إذ يسعى لتلوينها بفرح الناس ويخاطب وجدانياتهم ومعاني العيد عندهم.
ضم المعرض أعمالاً لفنانين أردنيين، وعرب وأجانب. والأردنيون هم: إياد كنعان، هاني حوراني، بدر محاسنة، هاني علقم، جمان النمري، محمد العامري، محمد نصر الله، حسان مناصرة، حكيم جماعين، مي خوري، وشذى بطاينة اللتان تعرضان لأول مرة أعمالاً لهما، بالإضافة إلى حسين نشوان، خالد الحمزة، نوال عبد الله، صالح أبو شندي، ومها خوري.
ومن الفنانين العراقيين المشاركين زينة سليم، هاني الدلة ، سالم الدباغ، وليد رشيد، مراد إبراهيم، نجلاء الرماحي وفلاح الصعيدي والنحات عماد الظاهر، ومن مصر شارك صلاح المليجي وشلبية إبراهيم، ومن الأمارات وفاء خزندار، ومنسورية رنا سانيج، من أوروبا، الهولندية
مونيكا فان ستين، والفرنسية فيفين ميشيل، والألماني ماركوس هوب، بالإضافة إلى الأمريكي ألبرت كوما، والكندي خوزيه فنتورا.
في أعمال إياد كنعان الغرافيكية المشغولة بالحبر الأسود على الورق البني علاقة قوية بالمكان وتجلياته. وفي أعمال هاني حوراني خاصة المنفذة على أربعين صورة فوتوغرافية صغيرة الحجم، وتدخلات بالألوان والمواد الأخرى، مشاهد من الحياة اليومية في مدن وأرياف العالم العربي، حيث نجد مشاهد وومضات من حياة الناس في الأسواق الشعبية، وجوه وتجمعات وعمال بناء وتكوينات للحجارة على الشواطئ وتفاصيل أخرى.
إن صور وأعمال حوراني تحمل ثنائية المتن والهامش، وتظهر حرصه على معالجة الصورة في بعديّ المبنى والمعنى وتظهر شغفه بالمكان والبشر.
وجوه بدر محاسنة، التي عالجها بأسلوبه التجريدي، تعكس جهده في تكريس هوية تشكيلية جمالية له في المساحة الفنية المحيطة. وجه هاني علقم الوحيد بنسخه الغرافيكية المكررة، جرت معالجته بلفائف كأيقونة صارت سمة لعلقم وهوية تشكيلية له، وإضافة رؤية تعبيرية دلالية عليها. أما جُمان النمري فقد أخذت رمزاً أسطورياً آسيوياً وأعادت إنتاجه غرافيكياً بعدة ألوان في أربع نسخ متناسلة من بعضها البعض. وهناك أملاح محمد العامري، وضفاف نهره السرمدي، وألوان السبخ والأرض، والطمي، ومجاوراتها الطبيعية في السماء واليابسة. وكذلك تراكيب محمد نصر الله وتكويناته وخطوطه الخاصة به، والتي باحت بها أعماله الأربعة للمعرض، هناك أيضاً كلاسيكيات مي خوري وأطباق فواكهها، في إخلاص واضح لعنوان المعرض، وأجواء العيد فيه. قصص شذى بطاينة وحكايات نساء لوحاتها وقوة ضربة الفرشاة لديها. وفي أعمال الزميل
حسين نشوان العشرة للمعرض، تجريبية خصبة الآفاق، وفيها رصد محدق لمسيرة اللون البنّي، ولوثة الطين، وحس تركيبي معماري. ثمة انسيابية تسم أعمال نوال عبد الله التسعة للمعرض، حيث تظهر حركات ألوانها رشاقة مميزة لها. أما هاني دلة يعيد الألق للحروفية العربية، ومنها ينسج عالم لوحاته. وفي أعمال مها خوري الأربعة للمعرض، نجد كائنات بشرية معلقة في فراغ السديم.
ثمة مهرجان ألوان ونساء وتفاصيل ثاوية داخل حديقة السر في أعمال زينة سليم. أما وجوه مونيكا فان ستين، وشفاه هذه الوجوه الصارخة بأشواق الرغبة الممكنة، فإنها تمثل نكهة خاصة بهذه الفنانة. هناك أيضاً أسود سالم الدباغ المتمدد فوق سطوحه القماشية الرمادية والبيضاء والموشاة برشقات لونية صغيرة، وإسكتشات وليد رشيد وخطوطه الأولية، وتخطيطات ألبيرت كوما، وحيواته ونسائه وأثره فوق القماشة البيضاء.
منمنمات رنا سانيج، تفاحها المتكرر في معظم أعمالها، برقوقها وقائمة الفواكه الخاصة بها. دواليب وليد إبراهيم، ومجاميعه، قصة الإطار والمتن مرة أخرى في أعمال فلاح السعيدي، وبوسترية نجلاء الرماحي، ووعيها الملصقي العصري المتصالح مع ثقافة العصر الجديد. كل هذا التنوع والجمال الآسر للوحات المشاركة يحتفل من خلالها جاليري رؤى بالأعياد على طريقته، بجمع هذا العدد من الفنانين متعددي الخلفيات للقول بأن اللوحة الصغيرة هي المفردة الأجمل للإهداء والاقتناء، حيث الفن هو لغة البشرية للاحتفاء بالحياة وببهجة الأعياد.
يذكر أن المعرض يستمر حتى 20 كانون ثاني المقبل.