يَغْلب على احاديثهم الرموز, يستبدلون الكلمات باخرى, او بإيماءات وحركات جسدية يتقنونها, وكلما حاول غريب الاقتراب منهم, والانصات اليهم, يواجهونه بعنف, او يتفرقون بسرعة, يلتقون في اماكن يتفقون عليها مسبقا, وغالبا ما تكون بعيدة عن الاعين, كآبار الادراج وأسطح المباني وفي الاراضي الفضاء بعيدا عن السكان, يلتقون في الامسيات, وقد تمتد ساعات »الانس« و »الفرفشة« حسب تعبير احدهم الى ساعات متأخرة من الليل.
يشكلون مجموعات منغلقة على نفسها, صغارهم ممن تقل اعمارهم عن الخامسة عشرة يحرصون على العودة الى منازل اسرهم قبل التاسعة او العاشرة ليلا, خاصة اولئك الذين استنفدوا حجج تغيبهم لساعات طوال عن منازلهم, المجموعة الواحدة منهم غالبا ما تتشكل من ثلاثة الى ستة افراد, تربطهم روابط اخرى غير تعاطي الادوية المهدئة والمخدرة, واستنشاق »الآغو« و »التنر« و »البنزين« و »الاثيد كلورايد« ومواد كيميائية اخرى, فهم اما ان يكونوا جيرانا, او انهم يدرسون في مدرسة واحدة, او يعملون في قطاع واحد بالنسبة للناضجين منهم, ممن وجدوا فرص عمل, وتنقسم المجموعات الى نوعين استنادا الى اعمار افرادها بشكل رئيسي والى عناصر اخرى, فالناضجون فوق سن الثامنة عشرة او فوق العشرين غالبا لا يتعاطون »الممنوعات« امام صغار السن, خشية انكشاف امرهم, فحسب شاب عشريني يتعاطى ادوية مهدئة ان صبيا في الخامسة عشرة من عمره كشف امره امام افراد اسرته والاقارب والجيران, بعدما منحه اربع حبات »Brazine« تناولها دفعة واحدة, تسببت في مكوث الصبي نائما يومين على التوالي, وما ان سأله والده عن سبب ذلك اعترف الصبي وقال: ان فلانا اعطاه اياها, ما شكل لدى الشاب العشريني منعطفا حادا في حياته حسب قوله, فقد ترك منزل اسرته منذ تلك الحادثة, ولا يتصل بأفرادها الا لُماما.
صغار السن ممن تعرفوا على عالم »التعاطي« ينقسمون الى ثلاثة اقسام حسب »مدمن« على »المهدئات« التقته »العرب اليوم«, نفر منهم يستمرون في طريق الضياع - حسب تعبيره - ويتحولون الى مدمنين, وقد ينتقلون الى تعاطي الادوية المخدرة في اوقات لاحقة, وهؤلاء يظلون افرادا في مجموعات, وقسم يتراجع اعضاؤه عن التعاطي ولا يكررون التجربة, خاصة ابناء الاسر المستقرة, وقسم ثالث يستمرون في تعاطي المهدئات الى ان يدمنوا عليها, لكنهم يعيشون مع اسرارهم الخاصة بهذا السياق وحيدين لا يطلعون احدا على امرهم.
أسرة مفككة = انحراف الابناء
عالم هؤلاء الشباب - من الجنسين - غامض مليء بالحكايات الغريبة نسبة مرتفعة منهم ينتمون لاسر مفككة, فوفق المستشارة النفسانية والاسرية د. دلال العلمي ان الطلاق والخلافات الزوجية عاملان رئيسيان لانحراف الابناء, ووفق خبراتها المتراكمة لاحظت نزوعا للانحراف لدى شريحة ضيقة من ابناء لاسر مستقرة, لكن كلا الزوجين في الاسرة الواحدة منها يعملان ويقضيان معظم ساعات النهار خارج المنزل بعيدا عن اطفالهما, كما لاحظت نزوعا للانحراف بنسبة متواضعة لدى ابناء لاسر مستقرة, ومع ان الزوجة لا تعمل, وتقضي طوال الوقت مع ابنائها, ولكن تبين لها ان الزواج بالاساس لم يكن متكافئا, لجهة تباينات بين الزوجين في مستوى التعليم والثقافة, وتباينات اخرى في المستوى الاجتماعي لكلا الزوجين, ومع انها لاحظت ان شخصيات متعاطي الادوية المهدئة والمخدرة.. الخ, شخصيات مهمشة, تفتقد للتسلسل المنطقي في التفكير, وفي التعاطي مع تفاصيل الحياة, الا انها تؤكد ان معظم الحالات ان لم يكن كلها قابلة للشفاء التام, لكن الامر يستدعي اقامة مراكز تأهيل متخصصة, وتكاتف الجهات الرسمية مع الاهلية لتكثيف مستويات التأهيل, فمراكز الايواء الاجتماعية, لا ترقى الى مستوى المراكز المطلوبة لمعالجة المدمنين ومتعاطي »الممنوعات« خاصة في المراحل العمرية الصغيرة.
ارتفاع الطلب على المهدئات
تعتقد اوساط طبية ان الاردنيين يستهلكون كميات مبالغا فيها من الادوية المهدئة المستوردة والمصنعة محليا, ومع ان الجهات الرسمية المعنية لا تمتلك احصائيات خاصة بكميات الادوية المهدئة التي يتناولها الاردنيون, الا ان مؤشرات رصدتها المؤسسة العامة للغذاء والدواء وفق رئيس قسم الرقابة على المخدرات والمؤثرات العقلية الصيدلانية د. هيام وهبه, تفيد بارتفاع ملحوظ في كميات الادوية المهدئة في »طلبيات« عدد من الصيدليات, ولان الموضوع محور هذا التحقيق معقد وفيه ملابسات عدة, فان الانصات لعدد من الشباب المتعاطين, ومحاورتهم في شؤونهم الخاصة بالتعاطي يمكن ان يوضح الصورة, ويمحي الضبابية التي تهيمن على المشهد في هذا السياق, فوفق لقاءات عدة اجرتها »العرب اليوم« مع متعاطي »ممنوعات« ومدمنين من صغار السن, ومن الشباب في العقد الثالث, فان الحصول على الادوية المهدئة سهل وفي متناول ايادي معظم الناس, فرغم ان صرف هذه الادوية وفق الدكتورة وهبه يتطلب ابراز وصفة طبية من اخصائي, الا ان تدني الرقابة حسب العلمي وفتور التشريعات الخاصة بهذا الشأن, يجعلان مهمة المتعاطي والمدمن في الحصول على هذه الادوية سهلة, بينما يجد متعاطو ومدمنو الادوية المخدرة صعوبات جمة في الحصول على هذه الادوية, فتوصيف تعاطيها في التشريعات, وما نصت عليه من عقوبات مشددة, تجعل امر ضبطها يسيرا ومع ان المؤسسة العامة للغذاء والدواء وفق الدكتورة وهبه تتعامل مع الادوية المخدرة بحرفية وحذر شديدين, فهي تشترط على الاطباء الذين يصفون مثل هذه الادوية الحصول من »الغذاء والدواء« على وصفات خاصة لونها احمر لا تصرفها الصيدلايات الا بعد ابراز المشترين الوصفات الحمراء, التي تحتفظ بها الصيدليات وتنظم كشوفات بالمصروفات من هذه الادوية, والتشديد يطال ايضا مستودعات الادوية والمصانع والجهات الطبية الحكومية والخاصة, الا ان كل ذلك لا يمنع المروجين واصحاب عدد محدود جدا من الصيدليات من ابتكار وسائل جديدة كل مرة للتحايل على القانون, وغالبا ما تلجأ الجهات المعنية بعد اكتشاف طرق مستحدثة لترويج الادوية المخدرة الى اصدار تعليمات جديدة او تعديل نصوص تشريعية خاصة لمعالجة ما استجد.
»بحكي بس بتدفع«
اسمه كما ابلغ »العرب اليوم« خليل - تبين لاحقا ان خليل هو اسم والده - شاب في الخامسة عشرة من عمره, ترك المدرسة كما يقول قبل خمس سنوات, ظل يتنقل خلالها من »صبي ميكانيكي« الى »صبي كهربائي سيارات« الى عامل في مطعم شعبي.. الخ, كان ينتمي لاسرة مفككة قبل ان يغادرها, التقته »العرب اليوم« في وسط البلد بحال يرثى لها, فقد اثار ريبة معظم المارين في احد الازقة وهو يترنح ذات اليمين وذات الشمال, ملابسه وسخة مترهلة شعره اشعث, اظافره طويلة تراكمت تحتها القاذورات, ولمّا حاولت »العرب اليوم« استدراجه للحديث عن حالته, وعن انواع الادوية التي يتعاطاها, ومن اين يحصل عليها, رفض الحديث بعنف في البداية معتقدا ان مندوب »العرب اليوم« رجل امن بلباس مدني, ولكن مع التحايل عليه وبمساعدة صاحب احد المحلات يعرفه حق المعرفة, وافق في نهاية المطاف على الحديث قائلا:
- انا اتعاطى ادوية مهدئة, وهذه لا يعاقب القانون متعاطيها, لكنني لن احكي شيئا قبل ان تدفع لي اربعة دنانير لاشتري ست حبات »رينالدو«.
حينما لاحظ الاستغراب على وجوه الواقفين معه اوضح الامر بقوله انه يتعاطى دواء اسمه »Brazine« اطلق من سبقه في تعاطيه عليه اسم لاعب كرة القدم البرازيلي »رينالدو« لجهة تقارب اسم الدواء مع كلمة البرازيل, تحدث لاكثر من ساعة بعد اقناعه بالحديث من دون الدنانير الاربعة, وقال انه بدأ حينما كان يعمل »صبي ميكانيكي« باستنشاق البنزين, ما جعله يلجأ الى شفط كميات منه من خزانات السيارات التي يحضرها اصحابها لاصلاحها, ولمّا لاحظ صاحب العمل ذلك حذره من هذا الفعل, فانتقل مع احد اترابه الى استنشاق »الآجو«, فصاحبه كان يعمل في منجرة مجاورة, لكن صاحب المنجرة لاحظ اختفاء كميات من »الآجو« و »التنر« فطُرد الاثنان من عملهما في اليوم نفسه, وبعد ان اشتغل في احد المطاعم الشعبية تعرف على المشروبات الكحولية وهو لم يتجاوز احد عشر عاما من عمره بعد, فقد كان صاحب المطعم سكيرا, يبدأ بشرب »عرق حداد« »سك« منذ مطلع النهار, لكن رائحة الصبي السيئة جراء تناوله »عرق حداد« اخذت تثير استياء زبائن المطعم, ما دفع المعلم لطرده من العمل, وتنقل بعد ذلك بين عدة اعمال, لكنه تعرف على »رونالدو« منذ عامين, وهو الان يتعاطى ست حبات منه كل يوم, سعرها بالمفرق اربعة دنانير, فاصحاب الصيدليات التي يشتري منها يستغلون حاجته ويبيعونه الحبة ب¯ 75 قرشا, والعبوة ذات الثلاثين حبة بعشرين دينارا او احيانا اكثر علما بأن سعرها الحقيقي لا يتجاوز الثمانية دنانير, وابلغ مندوب »العرب اليوم« عن اسم صيدلية بعينها في احد احياء عمان الشرقية, وكنية الصيدلاني ووصفه بال¯ »جزار« في اشارة الى جشعه واستغلاله المتعاطين والمدمنين.
»بشم سبري بس«
شاب في الثامنة عشرة من عمره يعمل في محل تجاري اطلق على نفسه »ابو علي« ينتمي لاسرة فقيرة جدا تقطن في عمان الشرقية, والده عاجز ووالدته تعمل في المنازل, وهو الابن البكر, يقول انه خرج من المدرسة بعد الصف السادس, بعدما اصيب والده بحادث سير تسبب باصابته بشلل في اطرافه السفلية, تعرف في البداية وهو في الرابعة عشرة على دواء اسمه »WellCome« - اسم شركة ادوية وهو دواء يصرف لمرضى يعانون حالات الفصام واسمه »kema drin« بدأ يشتري كل يوم ثلاث حبات يتناولها دفعة واحدة, وبعد ان اصبحت لا تكفيه الحبات الثلاث اخذ يتناول اربعة فخمسة فستة, وساعده على الاستمرار في تعاطي هذا الدواء كما يقول انه تعرف على احد المرضى النفسانيين, من الذين يتعالجون في المستشفيات الحكومية ويحصلون على كميات من هذا الدواء مجانا, فقد كان هذا المريض كلما احتاج نقودا يبيع كمية من الادوية المهدئة باسعار زهيدة.
المهم في امر هذا الشاب انه دفع شقيقه وشقيقته الصغرى - عمرها 12 سنة الان - الى التعاطي معه لكنه تعرف مؤخرا على طريقة ل¯ »السلطنة« - حسب تعبيره - و »الكيف« اقل تكلفة, فقد ذكر له احد اصدقائه من المدمنين ان ال¯ »سبري« الذي يستخدمه الرياضيون للتخفيف من آلامهم عند اصاباتهم بتشنجات عضلية او تمزقات في الانسجة يمكن استنشاقه ف¯ »بخة« واحدة منه تكفي للشعور بالانتشاء والذهاي الى عوالم ساحرة.
طالب مدرسة وطالبة جامعية
طالب في الصف العاشر من اسرة مفككة, والدته مطلقة, ويتنقل في العيش بين بيت جده لامه وبيت والده الذي تزوج من امرأة اخرى تعامله بقسوة, لاحظ احد المدرسين عليه عدم التركيز وعدم استقرار بؤبؤي العينين, فحوله للمدير الذي لم يستطع معرفة شيء منه, ما دفعه لاستدعاء ولي امره, ولأنه كان يعيش في تلك الفترة في بيت جده لامه - منزل الوالد والجد في الحي نفسه - فقد حضر جده الى المدرسة, ولم يتمكن ايضا من معرفة اسباب التغيرات على حياة الفتى, لكن الاجازة الشتوية الماضية, حملت تفسيرا لحالة الفتى, فقد ضبطت والدته في جيوبه حبات دواء, وعندما سألت صيدلانيا تعرفه عرفت منه ان هذا الدواء اسمه »revatrill« ويعطى لمرضى الصرع, ويُعرف لدى المتعاطين والمدمنين ب¯ »ابو صليبا«, وادرك الجد والام انه يتعاطى هذا الدواء, والفتى الآن يخضع لمعالجة اجتماعية ومساعدة من الاهل ومن المدرسة, اضافة الى رقابة شديدة خوفا من عودته الى التعاطي.
اخطر ما افضى به الفتى انه كان يتعاطى »ابو صليبا« مع زملائه من المدرسة نفسها- مدرسة خاصة -, وانه كان يشتري حبات الدواء من زميل لهم يكبرهم عامين, ومع اعتراف هذا الفتى انكشفت تفاصيل اخرى تحجم »العرب اليوم« عن ذكرها لخصوصيتها.
الامر لا يقتصر على المدارس, فالجامعات تمتلئ بقصص لشباب وفتيات ضلوا الطريق, ووجدوا انفسهم بعد حين بعيدين جدا عن ذاتهم التي اعتادوا عليها وخبروا تفاصيلها.. طالبة جامعية لم تتمكن »العرب اليوم« من الالتقاء بها, لكن احدى زميلاتها تحدثت عنها لمندوب الصحيفة مطولا, قالت انها من اسرة ثرية, فمنذ اليوم الاول من التحاقها بالجامعة اشترى لها والدها سيارة فاخرة, فتاة سطحية, طيبة القلب, وتثق بالناس بسرعة, ما جعلها ترتكب حماقات كثيرة, ولانها تمتلك سيارة, وحقيبتها مليئة دائما بعشرات الدنانير, تنفقها كيفما اتفق, فقد التف حولها عدد من الزملاء والزميلات الانتهازيين, ومع انها - اي المتحدثة للصحيفة - كانت من زميلاتها في الكلية منذ السنة الاولى لكن علاقتها بها ظلت فاترة لم ترق الى مستوى الصداقة, الا ان الصدفة البحت وطدت العلاقة بينهما, ففي احد ايام الفصل الصيفي الماضي, التقت زميلتها محور الحديث داخل الحرم الجامعي, ولاحظت جحوظ عينيها, واحمرار وجهها, بشكل ملفت للنظر, فاعتقدت انها مصابة بحمى صيفية, لكنها اكتشفت انها كانت مخطئة, فبعد دقائق من التقاء الفتاتين, وقعت الفتاة محور الحديث على الارض مغشيا عليها, ولانها كانت بمعيتها فقد مكثت معها حتى وصلت سيارة الاسعاف, ورافقتها الى المستشفى, وبعد ان عاينها الطبيب في قسم الطوارئ, طلب اجراء غسيل لمعدتها فقد لاحظ ان نبضها ضعيف, وهناك مؤشرات تدل انها تناولت كمية من المهدئات او من المخدرات, المهم في الامر ان تلك الحادثة كشفت للمتحدثة عن اسرار زميلتها المدمنة, فقد تبين انها ادمنت في البداية على الادوية المهدئة, وانتقلت لاحقا الى المخدرة, وقد سردت لها تفاصيل ذلك, وكشفت لها عن اسماء الصيدليات التي كانت تتعامل معها قبل ان تسافر مع والدها الى دولة اوروبية للعلاج.
اخلاقيات المهنة
للتوسع في توضيح الاخطار التي يتعرض لها الشباب من الجنسين جراء تعاطيهم ادوية مخدرة ومهدئة وادوية الهلوسة, والآثار الاجتماعية, الكارثية الناشئة عن هذا الامر التقت »العرب اليوم« الدكتورة العلمي التي سبق ذكرها, أصرت العلمي على تحميل المسؤولية للجميع, خاصة النظام التعليمي الذي يفتقد لمناهج تخلق لدى النشء وعيا ايجابيا وادراكا لحقائق العصر, خاصة المتغيرات الهائلة التي حدثت خلال العقود الثلاثة الماضية, فالعقلية التي تحكم المؤسسة التعليمية لا زالت تستخدم منهجيات التفكير القديمة نفسها حتى لو اختلفت الوسائط.
التقت »العرب اليوم« ايضا مسؤولة مركز التدريب والمعلومات الدوائية في شركة »فارمسي ون« الصيدلانية د. اروى الخطيب وهذا المركز جهة غير ربحية, توفر المعلومات مجانا لمن يحتاجها, اضافة الى عقدها دورات تدريبية مجانية خاصة بقطاع الدواء, زود المركز »العرب اليوم« بمعلومات مستفيضة عن الادوية المهدئة والمخدرة, مستقاة من خبراء يعملون في المركز, ولكن د. الخطيب ركزت في حديثها على البعد الاخلاقي لمهنة الصيدلاني, فالصيدلاني وفقا لها مؤتمن على صحة البشر, والاخطاء التي يرتكبها تتسبب في ايذاء الناس في صحتهم, وقد تتسبب في وفاة الناس, ما يجعل هذه المهنة ذات اهمية قصوى, ومن شأن انضباط المنتسبين اليها, وتمتعهم بأخلاقيات المهنة, ورفضهم لأية مغريات او تهديدات, وصيانتهم صحة وارواح الناس, التأسيس لمهنة محترمة وقطاع نظيف, وخلاف ذلك فان الامر لا بد ان يصل الى افساد الناس, وايذاء صحتهم.
اخطار اساءة استعمال الدواء
الاوراق التي قدمتها د. الخطيب احتوت على ستة انواع من الادوية المهدئة والمخدرة, اولها مجموعة ال¯ »Kemadrin« و »Parkole« و »Askisol«, وادوية هذه المجموعة تستخدم لعلاج مرضى ال¯ »باركنسون« - مرض الرعاش -, اساءة استخدامها يجعل المتعاطين يشعرون بالسعادة والنشوة وخفقان القلب والهلوسات والتهيؤات, لانها تتوجه الى الجهاز العصبي المركزي, وغالبا ما تتسبب بفقدان بصر الذين يتعاطونها بكميات كبيرة لمدة طويلة, وتحدث تلفا في الجهاز العصبي, وقد تودي فرط الجرعة بحياة الانسان.
النوع الثاني هو مجموعة ال¯ »Phenotal« و »Diazepam« و »Lexotanil« و »Xanax« وهي من الادوية المهدئة, وقد يسبب الاكثار من تناولها التعود عليها, وقد تؤدي الى تثبيط الجهاز التنفسي للانسان وتودي بحياته, وثالثها مجموعة ال¯ »Codeine« و »DHC« و »Tramal«, وهذه من الادوية المسكنة للآلام المبرحة, وعند اساءة استخدامها فانها تشعر متعاطيها بالنشوة والسعادة, واستخدامها يسبب الادمان, وقد تؤدي الى تثبيط الجهاز التنفسي والى الوفاة ورابعها مجموعة ال¯ »Dextro metherphan« وهي عدد غير قليل من ادوية السعال باسماء تجارية كثيرة, ويشعر متعاطيها بانفصال الجسد عن الدماغ, وقد يتسبب فرط جرعتها الى تثبيط الجهاز التنفسي والوفاة, وخامسها مجموعة »Methyl phenidate« وهي ادوية خاصة بالمرضى الذين يعانون كثرة الحركة وعدم الاستقرار, وانعدام التركيز »ADHD«, وقد تساعد على رفع كفاءة »أيض« الجسم ما يؤدي الى فقدان الوزن, وزيادة في التنبيه العصبي, استخدام هذا الدواء لمدة طويلة قد يتسبب في تلف خلايا القلب والاعصاب والادمان عليه, وآخرها هي مجموعة ال¯ »Ethyl chloride« وهو »السبري« المخدر للآلم الموضعية في العضلات, وسبق ذكره, ومن اعراضه الجانبية رجفان القلب, وصعوبة في النطق, وتضخم الكبد, وليس هناك دراسات للآن تفيد بان هذا المستحضر يتسبب في الاصابة بالاورام السرطانية, ولكن هذا لا يعني عكس ذلك, ومن واجب الصيدلاني وفق ما اشارت اليه اوراق مركز ال¯ »فارمسي ون« سؤال المشتري, بعض الاسئلة للتأكد من امكانية عدم اساءة استخدامه له.
الخلاصة
احد المراجع الطبية وفق الطبيب الدكتور غسان تلاحمه لا تبتعد في تصنيفها للادوية المخدرة, والمهدئة عن التصنفيات السابقة, فهو يصنفها الى اربعة اصناف, اولها المنبهات مثل ال¯ »كافئين« وال¯ »نيكوتين« وال¯ »كوكائين« وال¯ »امفيتامين«, وثانيها المهدئات مثل الكحول وال¯ »فاليوم« وامثاله من الاسماء التجارية المختلفة, وثالثها المخدرات وهي ال¯ »مورفين« وال¯ »كوديين« وال¯ »هوديين« وكلها مستخلصة من »الافيون« الذي يأتي من نبتة »الخشخاش« وآخرها »المهلوسات« واكثرها شهرة »الحشيش« وال¯ »ميروجوانا« وهي مستخلصة من بذور القنب, وبعضها يستخرج من انواع من الفطريات.
بغض النظر عن التصنيفات, والمرجعيات العلمية او »البرتوكولات« الطبية فان قصص المدمنين الصغار تدق ناقوس خطر حقيقي, فتحولات العصر الرقمي الكبيرة ابعدت النشء عن مؤسسة الاسرة وعن منظومة الاخلاق التي تعاون النظام التعليمي الاردني العريق مع مؤسسة الاسرة الاردنية المتماسكة على مدى عقود طوال, فحسب تعبير مفكر عربي فان »اطفالنا اصبحوا اليوم ايتاما لحضارة الديجتال«, ومع ان »المؤسسة العامة للغذاء والدواء« تبذل جهودا كبيرة للتأسيس لثقافة ايجابية خاصة باستخدام الادوية, الا ان خطواتها لا زالت عاجزة عن تغطية طيف واسع من الادوية ومن العاملين في القطاع, فمثلا فان مستحضر الـ »Ethyl chloride« او »السبري« المستخدم في تسكين الالام الموضعية ويستخدمه بعض الشباب من الجنسين بالاستنشاق للشعور بالنشوة والسعادة لا زال مصنفا ضمن الادوية غير المراقبة, والامثلة المشابهة غير قليلة وتحتاج الى منظومة متماسكة من المعلومات والتدابير والاجراءات, وقطعا فان ذلك يحتاج الى تشريعات عصرية. العرب اليوم