يواصل المسرحي محمد زيطان مسيرته الإبداعية المتألقة بإصدار نص درامي جديد بعنوان "سيدة المتوسط" و هو عمل مسرحي سبق و أنجزته فرقة مسرح أبينوم بدعم من وزارة الثقافة و أخرجه صديق المؤلف و رفيق دربه الفني المخرج المتميز ياسين أحجام. و قد حظي بعدة جوائز في إطار مهرجانات و ملتقيات متعددة. النص و من خلال عنوانه يبدو باذخا بأنفاس المتوسط و عبقه التاريخي وهذا ليس غريبا على مؤلف اختار فلسفة درامية خاصة. إذ معلوم أن محمد زيطان و من خلال نصوصه السابقة يؤسس بوعي جمالي لمسرح يعيد الاعتبار للكلمة و للمضمون القوي من خلال دمج التاريخي بالدرامي في انفتاح على الحاضر برمزية فريدة. مركزا على قيم وجودية إنسانية، نجدها تتمظهر من خلال توظيفه للذات الحضارية و للذاكرة في لمسات تجمع بين الملحمية و الشعرية.
فنص "سيدة المتوسط" يستحضر شخصية السيدة الحرة ببهائها و سحرها و رجاحة عقلها و فروسيتها و هو بذلك إعادة اعتبار إبداعية لهذه السيدة التي طبعت بشهرتها و بإقدامها صفحات من تاريخ شمال المغرب. إذ ينفض الكاتب مجددا الغبار عن تاريخ المدينة / شفشاون ويرحل بنا في شبه مغامرة إلى أحلك فترات الموريسكين في الأندلس متوقفا عند الدور الكبير الذي لعبته ( السيدة الحرة ) بحكمتها وغيرتها، إلى جانب بعض رجال البحر- كخير الدين بارباروسا – ورجال من العدوتين وموكادور، فيما عرف بحركة الجهاد البحري في التخفيف من مأساة أهالي الأندلس وفي رد أطماع الإيبيريين عموما وتهافتهم على مرافئ المغرب الأقصى.
نص * سيدة المتوسط * تفاعل خلاق بين الدراما و التاريخ، إلا أن التاريخ في هذا المقام كما يقول زيطان " مجرد منطلق درامي لا غير، دور الكاتب ليس بالضرورة التوثيق وإعادة قول ما قيل بل رهانه الجمالي والإبداعي أكبر من ذلك بكثير... فهو يعمل الخيال - وفق استراتيجية خاصة ومنظور ذاتي - ويفجر الوقائع ويبوح بما لم يقل ويحلم ويستكين إلى استيهاماته فتكون الحصيلة نسف واضح للمتن التاريخي، وفانتازيا جمالية يتداخل فيها الواقعي بالأسطوري بالتاريخي... ففي (سيدة المتوسط ) تنتهي المسرحية بدخول السيدة الحرة إلى غرناطة على رأس جيش عرمرم... هل حدث هذا فعلا؟؟؟؟؟ "
المسرحية صادرة عن دار النشر مرايا بطنجة، في إطار سلسلة ومضة المسرحية. و قد قدم لها المسرحي العراقي د. فاضل الجاف بكلمة تقف على خبايا زيطان الدرامية :
" في سيدة البحر يؤسس الكاتب المسرحي محمد زيطان مادته على سقوط الأندلس والأحداث التاريخية المكتنفة به، ومن ثم تسليم مفاتيح بوابات غرناطة إلى المحتلين، تلك ثيمة تاريخية أزلية عاصرت التاريخ البشري بأجيالها المتعاقبة ومازلنا نعيشها في أوطاننا هنا والآن. فكم من مدينة سلّمت مفاتيحها إلى المحتلين في زمننا الراهن."