كانت انياب الذئب الذي شاهده ورد في منامه ليلة يوم اختطافه اسبق له من يدي والدته التي رجاها لدى استيقاظه ان تنتظره على بوابة المنزل لتؤمن له الحماية من الكابوس الذي راوده يومها، على حد تعبير الام التي لم تأخذ بالحلم الا بعد فوات الاوان.
وكان الطفل ورد الربابعة ذو الخمس سنوات خرج من منزله الواقع في بلدة جديتا قبل 25 يوما لشراء الخبز والحمص من السوق القريب لمنزلهم والذي لا يبعد عنه مسافة 200 متر، إلا انه لم يعد منذ ذلك الحين بالرغم من الجهود التي تنفذها الاجهزة الامنية وأهالي البلدة.
ومنذ اليوم الاول لاختفاء ورد، أصبحت بوابة المنزل مصدر امل لوالدة ورد التي بدا عليها التوتر واضحا مع مرور 25 يوما على غياب ابنها البكر عن ناظرها، تنتظره في كل لحظة وتأمل في ان يعود سالما ليرتمي في حضنها بعد طول غياب.
يأسها من اعمال البحث جعل منها أكثر عصبية بعد ان خارت قواها امام لغز اختفائه لدرجة ان هاجسا يصيبها في ساعات المساء يجعلها اكثر ترصدا لبوابة المنزل فتهب مسرعة بين اللحظة والاخرى.
لغز اختفاء الابن حير عقول الكثيرين من اقارب ورد حتى بات ترددهم الى العرافين امرا واردا، حيث تقول ام احمد ربابعة جدة ورد ان "لجوءها الى العرافين والاغداق عليهم بالاموال كان خيارهم الاخير لاستسقاء الاخبار عن ورد وللبحث عما يصبرهم على تجاوز المحنة"، مستطردة "الغريق بيتعلق بقشة"، ونحن ندرك دجل العرافين، الا ان طول غيابه وعدم توصل الاجهزة الامنية الى ما يدل على اثره كانا دافعا لنا للاخذ بنصائح المقربين للتردد على اشهر العرافين اينما كانوا.
"ما تزال ملابس ورد وحاجياته ترقد مكانها، فيما أسُدل الستار على شاشة التلفاز بعد مغيبه"، بحسب امه التي تستذكر ابنها "وهو يمضي معظم اوقاته متسمرا امام شاشته لمتابعة افلام الكرتون، منشغلا بها عن عائلته ومشاركتهم وجبة الغداء".
وتضيف الام "كان يمضي بقية الوقت يلعب مع صغار السن من اقاربه، وفي ساعات المغيب يراوده الشوق لزيارة بيت الجدة والجلوس اليها ليستمع الى رواياتها".
"خروج ورد لشراء وجبة الفطور يوم اختفائه امر اعتيادي؛ فالاسرة وبغياب الزوج الذي يعمل طيلة النهار في مهنة الطوبار تعتمد على ورد لشراء احتياجاتها اليومية من سوق البلدة المجاور لمنزلهم"، بحسب ام ورد التي اشارت الى ان "والد ورد كان يعتمد على ابنه في شراء بعض الاحتياجات في ساعات المساء".
تقول ام ورد "يوم الحادثة، وبعد مرور ساعة على غيابه، استفقده شقيقه الاصغر ويدعى عبيدة فخرجت لأبحث عنه في محال الخبز ومطعم الفلافل دون ان اجد اجابات من اصحابها عن مكان تواجده أو حتى ان كانوا شاهدوه في ذلك اليوم".
وتضيف "فانتقلت على الفور للبحث في شوارع البلدة وحول المنزل، في الوقت الذي فزع الاقارب لدى وصولهم خبر اختفائه لتمشيط المناطق المجاورة، وكان اتصالها مع زوجها بعد مرور ساعتين، والذي قام بدوره باستئجار باصات خصوصي صغيرة للبحث في البلدات المجاورة"، مشيرة الى ان "العائلة استعانت بمنابر المساجد للمناداة على ابنها بينما كان الاتصال بالاجهزة الامنية آخر خطوة اقدموا عليها بعد مرور 6 ساعات على فقدانه".
شكوك الام تقودها الى الاعتراف "بوجود خلافات في العائلة قد يكون ورد راح ضحيتها فيما الشكوك الاخرى تتصل في بائعات متجولات من قبائل "النّور" تزامن تواجد احداها في يوم اختطافه"، بحسب ام ورد التي لفتت الى ان "البائعات المتجولات يرتدن البلدة باستمرار لبيع ما يحملنه من مستحضرات تجميلية، الا انه ومنذ حادثة اختفاء ورد لم يعدن إلى المنطقة"، وهذا ما اكده مواطنون التقتهم الغد في سوق البلدة.
إلا أن الام تعود لترجح الخلافات العائلية، مشيرة الى ان "ابنها لا يرافق الغرباء وان من اختطفه من المؤكد انه شخص معروف لدى ورد".
وتؤكد ام ورد ان "الخلافات داخل العائلة لا تمت لوالده بصلة، بل هي خلافات بين احد ابناء العمومة وأشخاص من عائلة اخرى تقيم في نفس البلدة وتتصل بمقطع مصور فاضح قام بتصويره احد ابناء العمومة للايقاع بآخرين"، مشددة على ان "اختطاف ورد ربما جاء للانتقام من العائلة".
منامات ام ورد التي تراودها منذ اختفائه تبعث بالطمأنينة لنفسها، فهي تشاهده يعيش في كنف عائلة سالما معافى يلهو بين اطفال صغار، وما ان تهدأ نفسها تستيقظ مفجوعة على ولدها وهوه يناديها "ماما، ماما بدي اشتري"، والتي حرمت من سماعها منذ اختفائه.
حالة من الصمت تخيم على ام ورد بين الفينة والاخرى، فهي تجالس الزوار ممن يرتادون البيت للسؤال عن ورد، فيما ينشغل ذهنها بفلذة كبدها فتصبح مشتتة غير قادرة على الكلام، وفي ساعات المساء تشد من أزرها بدعوات تتوجه بها الى الله تعالى ترجوه ان يحمي ابنها أينما كان ويعيده سالما لها.
عودة ورد ستنجلي معها آلام اعتصرت قلب الام، فيما عتبها على بعض سكان البلدة خاصة اصحاب المحلات التجارية في السوق لن ينجلي الا بمغادرتها البلدة، على حد تعبيرها، مشيرة الى ان "البعض منهم لم يبدِ تعاونا مع الاجهزة الامنية اثناء مجريات التحقيق، وليس بأدل على ذلك من تضارب التصريحات التي افاد بها صاحب المخبز". الغد