قد يبدو للوهلة الاولى هذا الاسم مخيفا لانه يحمل اسم المرض الذي يرعب بني البشر ، المرض اللعين الخبيث الذي ترك اثرا خاصا في نفوس الاردنين عندما تسلل الى جسد باني هذه الامة المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه، وما ان يداهم شخصا ينشر البؤس والرعب فيمن حوله ومن مر في هذ
ه التجربة يقدر حجم المعاناة اذ لاملجأ بعد الله الا تلك المؤسسة.
كنت دائما وعند مروري قرب المركز انظر للجهة المقابلة ولا احب ان اسمع حتى اسم المرض الخبيث وقبل عام تقريبا شاء القدر أن يجعلني اتعرف على ادق تفاصيله .
الدور الذي تقوم به المؤسسة في إتجاهين الاول دور توعوي تثقيفي حيث يقدم كل المعلومات اللازمة عن طرق الوقاية واكتشاف المرض مبكرا لما لذلك من اهميه في العلاج والثاني علاجي ورعايه طبية متكاملة والمساعده على اعادة دمج المرضى بالمجتمع والتعايش مع المرض.
هذا الصرح العلمي الشامخ فيه من الكوادر الطبية والادارية اناس لا تملك الا ان تقف احتراما لهم وللدور الانساني الذي يقومون به ، نذروا انفسهم لخدمة مع من يتصارع مع هذا المرض ولاتجد على شفاهم الا البسمه المفعمة بالامل ،والتعامل الممزوج بالرقي والحضارة بكل تجلياتها ، ناهيك عن المستوى الطبي المتقدم الذي وصل اليه ومواكبة كافة الاكتشافات العلمية المتعلقه بهذا الجانب .
اللافت للامر تلك الرتابة والنظام والهدوء والنظافة وطبيعة العاملين فيه لدرجه انك تخال نفسك خارج هذه المنطقة بأسرها وفي عالم اخر.
للوهلة الاولى وكعادتنا رحت ابحث عن من ييسر لي الامور(واسطة) وما إن راجعت المركز تبين لي انه معافى من هذا المرض الاداري ووجدت العاملين يقدمون لأيّ مريض كل الرعاية والاهتمام ،ومع مرور الوقت تصبح علاقة هناك علاقة صداقة بين المرضى وكل العاملين .
الخدمات التي يقدمها المركز لمعظم المرضى اشبه ماتكون بالمجان وباشراف ورعاية ملكيه كامله من هذه الناحية، ويلجأ اليه الفقراء والاغنياء الكبار والصغارعلى حدٍ سواء ولافرق بينهما ، وبهذه المساواة المطلقة تشعر وكأنك غادرت كوكب الارض فلا اجنحة خاصة ولا اماكن خاصة لكبار المرضى وصغارهم و(المقصود هنا اجتماعيا ووظيفياً) والكل سواسية .
المركز وحده متكاملة ولايحتاج المريض الذهاب الى اي مكان خارج البناء الذي يشغله لاجراء اي امر وكل مايلزم من اجراءات ادارية وتشخيصية وعلاجية ومختبرات في نفس المكان ، وهذا ما تفتقر اليه معظم دوائر القطاع العام اذ لابد من ان تطوف العاصمة لانجاز معامله بسيطة، حتى الخدمات الادارية للمرضى ومرافقيهم في اكمل صورها مما يهدىء البال ويريح الخاطر.
من يتعامل مع هذا المركز يكتشف كيف يبعث الامل في نفوس المرضى اطفالا وكبارا ذكوراً وإناثاً ولا فرق بين ممن اصيبوا بهذا الداء الفتاك ،ومن كان قد استمع للبعض عن خطورة هذا المرض لايسمع الا المصائب والتي لاتبعث على الامل ، لهذا انصح كل من امتحن ان لايلجاء بعد الله الا لاهل العلم والخبرة.
هذا الانجاز الرائع يجب ان يبقى بعيدا عن النظره المادية للحياة (الاستثمار) وكل من يفكر في هذا الاتجاه يكون قد تخلى عن ابسط المعاني الانسانية،ولكي يبقى هذا الصرح شامخا لابد وان تمتد اليه يد المساعدة من كل مقتدر وهنا يظهر معنى الانسانية والتكافل والتضامن الاجتماعي ومن كل الاطياف والجهات وهي ليست حسنة او منه بل واجب وطني مقدس وصدقة جارية لكل من قدمها.
بعض المقتدرين ساعدوا المركز بأيد بيضاء للوقوف وادارة المركز تحرص بالاشاره اليهم تكريما وعرفانا بالجميل لتبقى ذكراهم محفورة في ذاكرة الوطن ،وان مايبعث على الحسرة والالم ان كثيرا من الاسماء المعروفة في عالم الاقتصاد والمال والثراء والسياسة غاب معظمها عن قائمة المتبرعين واصحابها صدعونا بالحديث عن الوطن والمواطن والحرص عليهما ، وعند زيارة المركز تكتشف ان لا اثر لهم في عمل الخير المقدم بالمجان لوجه الله تعالى.
مركز الحسين لمعالجة امراض السرطان والوقاية منها مؤسسة رائده تحظى بسمعة عالمية وفي مقدمة المراكز في المنطقه والعالم وهذا بفضل العاملين فيه وللدور الملكي في الاشراف المباشر وتحتاج من الجميع الوقوف الى جانبها لتعيد البسمة وتبعث الامل الى ابناءنا المصابين بهذا المرض ولنكن عونا اليهم لاعليهم.
إن فرض او اقتطاع مبلغ معين من كل مواطن لصالح المركز اولى من اي جهة اخرى ولابد من ان تعمل الحكومة والبرلمان في هذا الاطار وهي مناشدة وعلى غايه من الاهمية نقدمها للجميع.
لابد من تقديم شكر خاص لكل الذين عملوا ويعملون في المركز من مدير المركز الدكتور محمود السرحان وكافة الاطباء والإداريين الى اخر موظف واجد لزاما عليّ شخصيا ان اتقدم بشكري الخاص الى الدكتورة غدير عابدين والدكتور سمير مبيضين والطاقم التمريضي الذي يعمل معهم ووحدة الامن وكل العاملين .
وفي هذا المقام الواجب يدعونا ان نقدم التحية والشكرلجلالة الملك لرعايته الملكية السامية الخاصة لهذا الصرح الطبي الشامخ وحرص جلالته ان يبقى هذا المركز بطابعه الانساني نقطة بيضاء مشرقة بعيدا عن ملوثات هذا العصر المادي.