من المتوقع أن يلقي جلالة الملك عبد الله الثاني في العاشر من حزيران المقبل خطابا ملكيا على درجة كبيرة من الأهمية بمناسبة عيد الجيش ومرور عقد كامل على توليه سلطاته الدستورية، وخطابات جلالته بالذات كما عهدناها ليست كأيّ خطاب عابر إذ لا بد أن تكون لها أصدائها المدويّة تختزل في ثناياها رؤى ورسائل ملكية تستحق في كل مرة أن نصفها بـ "التاريخية.
ولا يخفى على أحد أن جلالته لا يجامل أحدا وأنه متابع جيد للشأن المحلي يعلم جيدا حقيقة الأداء الحكومي والنيابي وما يجري في أروقة المؤسسات والدوائر، لذلك جميع الأنظار تتجه لذلك اليوم فلا أحد يعرف بصورة محددة ما الذي يمكن أن يحصل فيه لكن القلق موجود من أن ينطوي الخطاب على تغييرات مهمة ربما تطال أشخاص الحكومة والبرلمان.
مخاوف من أن القصر الملكي يحتفظ بأوراق تغيير مهمة ...
حيرة وتساؤلات لا أحد يجرؤ في خضمّها حتى رموز الإدارة والقرار أن يدّعي علمه بما سينطوي عليه ذلك اليوم المنتظر، لكن التصور يتجه بأن القصر الملكي يحتفظ بأوراق تغيير مهمة جدا سيكون العاشر من حزيران توقيتها الأنسب.
وغرقت أوساط سياسية وإعلامية في بحر التكهنات والتوقعات حول ما يحمله الخطاب الملكي بين طيّاته، ويبدأ الإسترسال في تفاصيل التصور من سقوط ورقة الحكومة الحالية وترحيلها إلى حلّ مجلس النواب الحالي والدعوة لإجراء إنتخابات جديدة، وربما الإعلان عن ولادة مؤسسات مختلفة ستقود المبادرات الوطنية وتغيير ملامح الإدارة البيروقراطية.
وتجنبا لخيار الإزاحة من المشهد فيما لو حصلت تطورات أو تغييرات فقد تميز الواقع السياسي النخبوي بحراك انفعالي واهتم البعض الآخر بوضع الماكياج السياسي أملا في أن يكون له نصيب لركوب موجة القادم.
الحكومة تخشى ترحيلها والذهبي يمتصّ المخاوف بأن حكومته باقية ...
وسط مخاوف وزراء الحكومة من خطاب الملك الذين يخشون تغييرا فيه يطالهم فقد حاول رئيس الوزراء نادر الذهبي أن يطمأنهم بأن حكومته باقية وستحتفل بنهاية العام 2009 في محاولة منه لإمتصاص مخاوفهم.
وتعليقا على ذلك فقد استذكر أحد الوزراء ما حصل مع الرئيس الأسبق عبد الرؤوف الروابدة الذي قدم استقالته في اليوم التالي لإعلان رئيس الديوان الملكي آنذاك فايز الطراونة بعدم وجود تغيير وزاري.
وحول نذير الأزمة التي كان متوقعا أن تشهد تصعيدا في علاقة البرلمان مع الحكومة بعد تسليم كتلة الإخاء النيابية شكواهم للملك ضدها إلى الديوان الملكي، فقد حاول الذهبي تبريد الجبهة الساخنة مع البرلمان رابطا بين تلك المذكرة التي صدرت ضده وبين غضب 3 أعضاء في الكتلة من الحكومة ورئيسها لأسباب شخصية.
تلطيف الأجواء مع البرلمان عند الذهبي لم يقف عند هذا الحد بل برّر الهجوم الموجّه لحكومته من قبل رئيس مجلس النواب عبد الهادي المجالي آخر أسبوعين على أساس أنه يشعر بالخطر والقلق، خاصة وأن هناك من أقنعه بأن الحكومة ستكون ضده في انتخابات رئاسة المجلس المقبلة، وذلك في إطار إجابته لوزيرين سألاه عن ذلك الهجوم.
تخوف أعضاء البرلمان من حلّ مجلسهم ...
ليست فقط الحكومة من تخشى ترحيلها بل حتى النواب متخوّفون من أن يطال التغيير، إن حدث، مجلسهم وأن تجري الدعوة لإجراء انتخابات نيابية جديدة قبل إنتهاء مدة ولاية المجلس الدستورية.
وإلى جانب الإمتعاض من الأداء النيابي، التشريعي والرقابي، الذي كان دون المستوى المطلوب واستطلاعات الرأي العام التي أظهرت تراجع الثقة بالنواب وإنجازاتهم، فقد كانت خسارة المجالي معركته القضائية ضد الكاتب المخضرم خالد محادين "نقطة تحول كبرى" انعكست سلبا على المجلس بعد أن انتقد أدائه وامتيازاته وتكلم بواقع الحال ونطق بلسان الشارع الأردني الذي ضاق ذرعا منه، محادين بدأ بعدها يطالب بتغيير رموز الخارطة من خلال إرسال رسائل مباشرة للقصر وللمرجعيات يشكو فيها الحال النخبوية.
رئيس مجلس النواب ضاق ذرعا بالصحافة وتحرشاتها وأبلغ موظفي المجلس مؤخرا أنه سيطرد بلا رحمة من يثبت تورطه بتسريب ما يجري داخل المجلس ورئاسته للصحفيين ووسائل الإعلام.
وبحسب محللين فإن الرجل يسعى لزرع خيارات بديلة؛ حيث أنه من المقرر أن يعقد التيار الوطني الذي يرأسه المجالي مؤتمره التأسيسي يوم السبت لإشهاره بحضور آلاف المؤسسين، وحتى يضمن مكانا لائقا في الخارطة لهذا الإحتفال حرص على جمع النواب من أعضاء كتلة التيار على مائدة طعام في منزله، الأمر الذي لفت انتباه أحد المدعوين بأن المجالي وعلى غير عادته اتصل شخصيا بكل نائب مرتين على الأقل ليضمن حضورهم في المؤتمر.
قلق رئيس مجلس الأعيان زيد الرفاعي على ما يبدو ليس بأقل من قلق المجالي، خاصة أنه قلل من فرص مشروع الأقاليم رغم رئاسته للجنة الملكية التي شكلت لهذا الغرض بحسب بعض الأعيان، ويتردد بأنه قد يضطر للقتال الشديد لضمان مقعده في التركيبة الجديدة إذا ما تقرر فعلا تغيير حقيقي وعاصف في حزيران القادم، محذرا في الوقت ذاته من المساس بتركيبة مجلس الأعيان الحالية وسط محاولات البعض لإحداث تغيير فيه وإخراج البعض منه.
كثيرون هم من يتوقعون التغيير وأن بقاء الوضع على ما هو صعب جدا بحسب علي أبو الراغب، وأن مرور العاشر من حزيران دون تغييرات مهمة سيكون مدعاة للإستغراب برأي طاهر المصري، حتى الرئيس السابق فايز الطراونة المحسوب على المحافظين تحدث علنا عن ضرورة إنعاش برامج الإصلاح والتغيير، ناهيك عن الموقف الشعبي وآراء قياديين وما ينشر إعلاميا عن أداء الحكومة والبرلمان اللذين لم يسلما من النقد.
في النهاية تبقى جميع الإحتمالات واردة في ذلك اليوم المنتظر وربما لا يخلو من المفاجآت من تقديم رؤية مستقبلية طموحة للعقد الجديد، وقد يقتصر الخطاب على الدعوة لإحداث إصلاحات حقيقية أو إجراء سلسلة تغييرات جذرية وإستحداثات مهمة على مختلف المستويات في الدولة، إما قبيل إلقاء الخطاب الملكي أو بعده بفترة قصيرة
بعض المقتطفات من الحقيقة الدولية والقدس العربي