اتهم خريجو أحد مراكز رعاية الأحداث عدداً من المشرفين المناوبين، بالاعتداء بالضرب المبرح على النزلاء في المركز.
وقال هؤلاء الأحداث في إفادات حصلت عليها "السبيل" أن المشرفين كانوا "يستخدمون الأدوات الحادة في ضرب من يخالف التعليمات"، على سبيل العقاب على "إبداء النزيل جرأته في التعامل مع باقي النزلاء مزاحاً، أو إطلاق العبارات البذيئة، أو حتى تكوينه لشلة، أو في حال عدم استجابته للأوامر التي كانت تلقى عليه".
وشرح الخريجون أن المشرفين كانوا ينهالون عليهم بالضرب "بالعصي و"القشاطات" و"البرابيش" والكراسي والزجاجات، وأحيانا بأسياخ الحديد".
وأكد أحد هؤلاء الخريجين ويدعى همام محمود أن المشرفين كانوا يستخدمون هذه الإجراءات بشكل دائم، منوها إلى أنهم كثيرا ما كان يلجؤون إلى استخدام الألفاظ النابية والسوقية في حديثهم مع النزلاء، بـ"استثناء الانطوائيين والمطواعين من النزلاء الذين كانوا يحسنون التعامل معهم".
وأضاف: "ضرب الأحداث كان ينجم عنه إصابات مثل الكسور والتشويه في الوجوه، وانتفاخات في أنحاء متفرقة من الجسم، وأحيانا كان يغيب الحدث عن الوعي، ليتم إيقاظه بالضرب المضاعف".
وقال إنه شاهد "أحداثاً ينزفون جراء الضرب، وتركوا دون إسعاف"، بل حال المشرفون دون تدخل السيدات اللواتي يطبخن للنزلاء في المركز إسعاف أحد المصابين.
وأضاف: "إن الحدث النازف لم ينقل إلى المستشفى كما لم يجر استدعاء الطبيب الذي يخلو منه المركز"، وفق شهادة الحدث.
وينقسم المركز إلى ثلاثة طوابق، أحدها للنوم والثاني للطعام والثالث مخصص لغرف الجلوس.
وأشار النزيل إلى أن عدد الأحداث في المركز تجاوز الـ90 نزيلا، تم ضبطهم على خلفية جرائم مختلفة كالسرقة وتعاطي المخدرات أو الترويج لها، إضافة إلى التسول وغيره من الجنايات، لافتا إلى أن الغرفة المخصصة لنوم الأحداث تشمل 60 سريرا موزعا على مساحة 70 مترا، إلى جانب غرف إضافية تتسع لـ10 نزلاء أو 14 نزيلا.
ويبلغ عدد المشرفين المناوبين مع الأحداث، وفيه ثلاثة مشرفين فقط يتناوبون مع عدد آخر من الموظفين على رعاية النزلاء، مؤكدا أن عدد المشرفين لا يكفي لمتابعة النزلاء ومراقبتهم.
وقال همام إنه في الوقت الذي يصاب فيه أحد النزلاء بالمرض أو النزلة البردية يصف له المشرفون تناول المشروبات العشبية، دون أن يقوم طبيب بتشخيص مرضه. ويجادل بأن النزلاء كانوا كثيرا ما يتعرضون للسرقة من قبل بعضهم البعض، وبشكل يومي لأكثر من مرة صباحا ومساء.
وعن آلية إدخال الأحداث للأدوات الحادة والمحظورة إلى المركز، بيّن النزيل أن المشرفين يسمحون لبعض النزلاء بشراء حاجياتهم من المحال القريبة من المركز، وفي تلك الأثناء يتمكن النزيل من شراء الشفرات والمقصات وإدخالها دون أن يتعرض الشاب للتفتيش، منوهاً بأنه كثيرا ما كان أحداث يستجيبون لأترابهم الذين في حوزتهم مبلغ من المال والذين لهم نوازع خاصة بالتحرشات الجنسية، مقابل حصولهم على مبلغ منه.
ويقدم المركز العديد من البرامج للنزلاء في المجال الرياضي ككرة القدم، كذلك يوفر التدريب لمن يرغب من الأحداث بامتهان عمل ما كالنجارة والحدادة، فضلا عن تبني بعض المواهب، واستضافة وعاظ ومرشدين تربويين لتثقيف النزلاء بالجوانب المختلفة، مشيرا إلى أنه لا يسمح للأحداث بالذهاب إلى المدرسة لمتابعة تعليمهم.
من جانبه، استبعد الأمين العام لوزارة التنمية الاجتماعية محمد الخصاونة استخدام المشرفين للضرب المبرح والأدوات الحادة في معاقبة النزلاء، مدللا على صحة ما أعرب عنه بتوجيه التنمية إنذارا لأحد المشرفين بعد لطمه طفلاً على وجهه في أحد مراكز رعاية الأطفال في عمان، لافتا إلى أنه يجوز اتباع المشرفين لنظام العقوبات غير المخل منها بإنسانية النزلاء، وشريطة أن لا تصل للحد المشار إليه سابقا في التقرير.
وأكد الخصاونة لـ"السبيل" إن في كل مركز خاص بالأحداث توجد عيادة فيها ممرض واحد يتواجد على مدار الساعة في المركز، موضحا أنه في حال استدعت الحالة المرضية ذهابها إلى المستشفى يتم التنسيق وتنقل الحالة على الفور، مبينا أن هناك اتفاقيات بين عدد من المستشفيات وبين تلك المراكز لاستقبال الحالات المرضية.
وفي ذات السياق، نفى الأمين العام خروج الأحداث لشراء حاجياتهم من البقالات أو المحال القريبة من المركز منفردين دون مرافقة أحد المشرفين لهم، الأمر الذي يمكنهم من إدخال الأدوات الحادة إلى المركز، منكرا خروج النزيل من المركز إلا في حالة الذهاب إلى المدرسة أو زيارة أسرته، إضافة إلى توجهه إلى المحكمة. مبيناً أن كل تلك الخروجات لا تتم إلا بمرافقة أحد المشرفين.
ورصدت "السبيل" من جانبها، خروج الأحداث من أحد المراكز منفردين لشراء حاجياتهم ودون مرافقة أي من المشرفين لهم أو حتى تفتيشهم، بل إن أحد النزلاء كان يعد قائمة بطلبات الأحداث لشرائها من السوبر الماركت القريب، وخرج ومن ثم عاد وحيدا.
كما رصدت "السبيل" قيام أحد النزلاء من الأحداث بحراسة المركز.
وكان المركز الوطني لحقوق الإنسان طالب الجهات المعنية بتعزيز عدالة الأحداث، وذلك من خلال الإسراع في اتخاذ الإجراءات الدستورية اللازمة لإقرار مشروع قانون الأحداث واعتماده بأقرب فرصة ممكنة، وإيلاء تأهيل وتدريب أفراد الضابطة العدلية والقضاة على حماية حقوق الطفل، وتشجيع منظمات المجتمع المدني على المشاركة في تحسين وتطوير نظام العدالة الجنائية للأحداث من خلال البرامج والمشاريع الوقائية والتأهيلية التي تهدف إلى الحد من ظاهرة جنوح الأحداث، وتفعيل إشراك المؤسسات الحكومية التي تتعامل مع الأحداث في تحمل المسؤولية وفقا للمعايير الدولية لحقوق الأطفال.
السبيل