- كشف مدير إدارة مكافحة المخدرات بمديرية الأمن العام العميد طايل المجالي النقاب عن القضاء على ثماني شبكات تهريب مخدرات دولية على «مستوى كبير وضخم للغاية».
وأبان أن من هذه الشبكات ما هي جوية وما هي برية، وأنها تمتاز بالتنوع، و«قضينا عليها قضاء مبرماً من الألف إلى الياء، وألقينا القبض على 365 شخصا من أفراد هذه العصابات من مختلف الجنسيات العربية والأجنبية».
وأقر المجالي بوجود مشكلة تعاطي في المملكة، فـ «علينا أن لا نضع رؤوسنا في الرمال، وإذا ما أردنا التحدث بلغة الأرقام فلدينا 3500 مدمن سجلوا خلال العام الماضي». وأشار إلى «ضبط حوالي 600 طالب جامعي بقضايا مخدرات خلال العام 2008» ، مؤكداً أن هذا الرقم يعد قليلا جدا، ولا يكاد يذكر، مقارنة بأعداد طلبة الجامعات الذين يصل عددهم إلى 350 ألف طالب وطالبة». وانتقد مدير إدارة مكافحة المخدرات بمديرية الأمن العام ما أسماه «بعض السياسات الإعلامية الخاطئة التي تزيّن فكرة أن من أراد أن يقبر الفقر فليتاجر بالمخدرات».
وزاد أن إدارته ضبطت منذ بداية العام الحالي وحتى الآن 820 قضية مخدرات مقارنة بـ2860 قضية خلال كامل العام الماضي.
ونفى المجالي وجود متنفذين من ضمن تجار المخدرات المضبوطين، مؤكداً أن «لا أحد كبير لدينا، إذا تورط بهكذا قضايا».
وأشار إلى أن الإعلان رسميا عن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات سيتم الثلاثاء المقبل، مبيناً أن «الاستراتيجية مبنية على مبدأ التشاركية بين مؤسسات الدولة الرسمية ونظيراتها في المجتمع المدني لدرء هذه الآفة الخطرة».
تاليا نص الحديث:
• هل لكم أن تستعرضوا حجم مشكلة المخدرات في الأردن؟
- لا بد من ذكر بعض الحقائق قبل التطرق إلى تبيان حقيقة الوضع في الأردن، أولها، لم يتم ضبط أي مختبر لصناعة المخدرات في المملكة، مثلما لم تضبط أية زراعات على المستوى التجاري. طبعا ضبطنا شتلات في أحواض زراعية، ولكن لا يمكن القول أن في الأردن زراعة مخدرات، فجميع الشتلات التي ضبطناها لا تعادل نصف "تربة حشيش"، ويؤكد هذه الحقيقة التقارير الدولية الصادرة عن مكتب هيئة الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات وهي لا تجامل أحدا، وموثقة استنادا للأقمار الصناعية.
أما في مجال تعاطي المخدرات، فقد تعاملنا العام الماضي مع 3500 حالة إدمان، وهذا الرقم حصلنا عليه من ضبوطنا وسجلات العيادات النفسية والمشافي الخاصة بمعالجة المدمنين، ويرتكز هذا الرقم على نص القانون الأردني المستمد من الشريعة السماوية بأن من يتعاطى الجرعة الأولى يعتبر مدمناً، وبالمقابل، واستنادا إلى القوانيين الغربية، فإن 200 حالة من هذه الحالات تعد إدماناً حقيقياً.
هناك جزء كبير من الـ 3500 مدمن، اعتراهم الفضول وقرروا تجربة المخدرات للمرة الأولى، ولكن علينا أن لا نضع رؤوسنا في الرمال، ونقر بأن لدينا بداية مشكلة تعاطي مخدرات، ونبدي الحزم إزاءها.
العام الماضي سجلت 2860 قضية مخدرات، لكن ذلك لا يعني أن جميع هؤلاء أدينوا بها، فهناك أحكام بالبراءة صدرت بحق بعضهم، وإذا أردنا التحدث عن مجال الوقاية من المخدرات التي نعتبرها العنصر الرئيس في هذا الموضوع، فلدينا مجموعة من الخطط الوقائية التي سيتم بعد غد (الثلاثاء) الإعلان عنها ضمن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات، التي بنيت على مبدأ التشاركية بين مؤسسات الدولة الرسمية ونظيراتها في المجتمع المدني لدرء هذه الآفة.
وتركز الاستراتيجية على البرامج الوقائية وعلى مجموعة من البرامج التنفيذية، فهناك برامج تتعلق بالأطفال، وأخرى تتعلق بهيئة شباب كلنا الأردن، وثالثة تتعلق بسابلة الحسن، فضلا عن البرامج الوقائية التي تتعلق بمدارس المملكة وطلبة الجامعات، وأخرى تتعلق بتجار المخدرات النزلاء في مراكز الإصلاح والتأهيل إلى جانب برامج تتعلق بالفئة المستهدفة من المتعاطين، ولمن سبق أن عولج وسيعالج بالمراكز الاستشفائية.
ومن ضمنها أيضاً برامج تتعلق بالنساء والأسرة، وتفعيل الدراما التلفزيونية والإذاعية والمسرحية، وأخرى تتعلق بمبادرة أعوان رجال مكافحة المخدرات التي تم من خلالها تدريب 700 شاب أردني من الشباب المميز، وطلب من كل شاب منهم أن يقوم بتدريب 10 شباب آخرين، بحيث يصبح الـ700 شاب 7000 ومن ثم 70ألفا، وهكذا دواليك.. وإن شاء الله تعالى تصل الوقاية لكل المجتمع الأردني.
الهدف من هذه البرامج أن نحقق الثقافة الأفقية، وليس العمودية في مكافحة المخدرات، لأننا نؤمن إيمانا مطلقا بأن لرفاق السوء دورا مباشرا في نشر المخدرات، ونريد من خلال مبادرة "أعوان رجال المخدرات" تحقيق مضمون فكرة "رفاق الخير ورفاق المحبة ورفاق الأمان بدلا من رفاق الجريمة"، ونجحنا في مسعانا هذا، وقمنا بتفعيل الدراما المحلية في هذا المجال والاعتماد على الفلاشات السريعة، كما فعّلنا الجانب الرياضي ورسالة المسجد بهذا الخصوص، وقدمنا خططا نموذجية لخطباء المساجد للمساهمة في محاربة آفة المخدرات، فرسالة الدين الإسلامي الحنيف مهمة جدا لدرء مخاطر هذه الآفة، كذلك أصدرنا مجلة "أردن بلا مخدرات" نصف السنوية، لكي تكون جزءا من رسالتنا التوعوية.
• ما هو عدد قضايا المخدرات المضبوطة من أول العام الحالي وحتى الآن؟
- ضبطنا 820 قضية خلال هذه الفترة، بمعدل متواز مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، وركزنا هذا العام على خطوط التهريب، وقطعنا الكثير من هذه الخطوط، ومنذ بداية العام الحالي ضبطنا 8 شبكات تهريب دولية رئيسة على مستوى كبير جدا، من الألف إلى الياء، وصادرنا بحوزتهم 17 مليون حبة مخدرات، وما يقارب الطن من مادة الحشيش، و74 كيلوغرام من مادة الهيروين المخدر، و20 كيلوغرام من مادة الكوكائين، وبالتالي وجهنا لهم ضربة كبيرة وقاصمة.
هذه الشبكات منها ما هي جوية وبرية وتتصف بالتنوع، وقبضنا على 365 شخصا من أفراد هذه العصابات من مختلف الجنسيات العربية والأجنبية، أودعوا جميعا التوقيف بتهمة الإتجار.
مع الإشارة إلى أن أقل شبكة من هذه الشبكات كانت تتاجر بمليون حبة مخدرات.
• من أين تأتي المخدرات إلى الأردن؟
- تأتينا بعض هذه المخدرات من عدد من دول ما كان يسمى بدول أوربا الشرقية، وتحديدا الحبوب المخدرة، فيما تأتينا مادة الهيروين المخدر من أفغانستان عبر إيران وتركيا ثم إلى الأردن، وبعض أنواع الحشيش يأتينا من أفغانستان أيضا، والبعض الآخر من لبنان، والكوكائين يأتينا مرات من أميركا الجنوبية.
• كيف يتم إدخال هذه المخدرات إلى الأردن؟ وهل هناك متعاونون مع المهربين؟
- كل يوم تمر عبر حدودنا حوالي 1200 شاحنة إن لم يكن أكثر، وإذا ما أردنا تفتيش كل شاحنة تفتيشا دقيقا جدا عن المخدرات فإن وقتا طويلا سيضيع، ولا بد أن تحصل عملية تهريب من هنا وهناك. ولهذا السبب اشترت الحكومة الآن أجهزة أشعة تقوم بإطلاق أشعة تظهر كل المخابئ السرية الموجودة في الشاحنة المراد فحصها، وكذلك استحدثت مديرية الأمن العام مكاتب لمكافحة المخدرات في جميع المراكز الحدودية وفي غالبية محافظات المملكة، ولدينا مجموعة من الكلاب البوليسية المختصة بالكشف عن المخدرات، وتبلغ تكلفة كل كلب عشرة آلاف دينار على الأقل.
• هل لدينا مشكلة إتجار بالمخدرات؟
- لا أخفيكم، بعض السياسات الإعلامية "الخاطئة" تزيّن فكرة أن من "أراد أن يقبر الفقر فليتاجر بالمخدرات"، وتتناسى الجانب الآخر من الدمار والخراب المرتبط بالمخدرات، فضلا عن تناسيها أن الله سبحانه وتعالى حرم المال الحرام على خلقه، الذي ليس فيه أي نوع من البركة.
من خلال خبرتي الطويلة في إدارة مكافحة المخدرات لم ألتق بمهرب مخدرات ثري على الإطلاق. لا أنكر أن مهربي المخدرات يدخل عليهم مال كثير، ولكن هذا المال سرعان ما يتبخر ويزول، ومنهم من ابتلى الله ابنه بمرض خبيث، وآخر بمصائب كلفته تكاليف باهظة جدا، ومنهم من باع شرفه وعرضه ووطنه أولاً، وبالتالي فإن الإتجار بالمخدرات لا يحقق الثراء وإنما الدمار.
التقيت بكبار المهربين وقالوا لي: جاءنا مال كثير جدا، ولكن أين ذهب؟ لا نعلم، صرفناه وضيعناه دون أن نعرف كيف وأين!
• هل هناك متنفذون من بعض تجار المخدرات؟
- لا يوجد متنفذون من بين هؤلاء، لأن من يعيث فسادا في الأرض مهما كان ليس كبيراً عندنا، وحتى لو سمعتم عكس ذلك فلا تصدقوا، لأن هذه التجارة قذرة، ومن يعمل بها كذلك.
صدقا لا يوجد لدينا في الأردن متنفذون ضالعون في قضايا مخدرات نهائيا، ولم نضبط أي متنفذ على هذه الشاكلة، وأريد أن أقول شيئا مهمّاً أنه مهما بلغ الشخص من النفوذ فإنه يسقط عندما يتعامل بهذه المادة القذرة.
• هل تلقيت تهديدات من عصابات المخدرات بصفتكم الرجل الأول في مجال مكافحة المخدرات في الأردن؟
- لا أخفيكم، أؤمن بأن الموت حق مكتوب على جميع خلق الله، وإذا ما كانت نوايانا صادقة، فإن أشرف شيء أن نموت ونحن نكافح هذه الآفة.
هناك ضباط استشهدوا وهم على رأس واجبهم، كما تعرضت الكثير من مركبات الإدارة إلى الكثير من إطلاق النار من قبل المهربين، وأنا وكل ضباطنا لا تخيفنا التهديدات، ونحمد الله ما دامت نوايانا صادقة لرب العالمين، ونتمنى أن نلقى وجه ربنا الكريم ونحن نكافح ما حرمه عز وجل، وهو شرف كبير لنا.
وأنا شخصيا - والله – أتمنى هذه الأمنية بأن أموت وتكون نواياي صادقة لله سبحانه وتعالى، وبالتالي لا أخاف من التهديدات.
• لا شك أنكم عرضتم لقضايا ذات طبيعة كيدية، فما هي أساليب التأكد الحضارية من كيدية بعض الادعاءات، وإعادة التحقيق بغرض التأكد من براءة المتهمين أو ضلوعهم في القضايا التي اتهموا بها؟
- نحن إدارة استخبارية، وأكثر من 85 بالمئة من قضايانا تضبط الجرم المشهود، ولا مجال للافتراضية فيها، ويقوم أحد العاملين في الإدارة بالأدوار الرئيسة، ولا ننكر أننا تعرضنا لبعض القضايا التي فيها نوع من الكيدية، ولكن، الحمدالله رب العالمين، لا نسعى لظلم الآخرين، ونملك قدرة هائلة، ولدينا أجهزة علمية تحدد من خلال الفحوصات المخبرية الشخص المتعاطي من غيره.
في السابق، كان الاعتراف سيد الأدلة، أما الآن فإن العلم هو سيد الأدلة، وليس صحيحا أننا نلقي القبض على الأشخاص بمجرد تلقينا ادعاء بأن أحدا يتعاطى المخدرات، فلدينا عملنا الاستخباري، حيث نعمد إلى متابعة الشخص المعني ونتأكد من التهمة قبل أن نقرر القبض عليه، والقضاء الأردني عادل، والكثير من المتهمين نالوا البراءة، لذلك نحرص من جانبنا على الدقة المتناهية في تحقيقاتنا حتى لا نظلم الآخرين.
• ماذا عن المخدرات بين طلبة وطالبات الجامعات؟
- لم نضبط أي قضية مخدرات في مدارسنا وأجزم بذلك، أما في جامعاتنا فلا أنكر أننا ضبطنا 600 حالة، ولكن هذا الرقم، مقارنة بعدد طلبة الجامعات المقدر بنحو 350 ألف طالب وطالبة، قليل جدا ولا يكاد يذكر.