لمقدسي لـ «السبيل»: أستنكر خطف مندوبي هيئات الإغاثة المحايدين واستهداف مساجد الشيعة
*وائل البتيري -
أفرج عنه بتاريخ 12/3/2008، وتناقلت وسائل الإعلام أن الجهات الأمنية اشترطت على عصام البرقاوي (أبو محمد المقدسي) عدم إجراء أي مقابلات صحفية، وهذا الذي كان، فعلى مدار الشهور الماضية كان الرجل يرفض الإدلاء بأي تصريح إعلامي، الأمر الذي أثار الكثير من الجدل.
الحوار الذي أجرته «السبيل» معه بعد أكثر من عام من الإفراج عنه، تطرق أبو محمد المقدسي خلاله إلى ما يشاع حول وجود خلافات قيل إنها عصفت بالتيار السلفي الجهادي، مؤكداً أنه «لا يخلو تيار أياً كان من الخلاف» عازياً سبب هذه الخلافات إلى «سوء فهم بعض الشباب قليلي العلم، وخلطهم في مسائل التكفير والإيمان»، فضلاً عن «حماس واندفاع بعض الشباب».
وحول ما نسب إلى التيار السلفي الجهادي من القول بتكفير عموم الناس، نفى المقدسي هذه التهمة قائلاً: «كتبت كتابي (الوقفات) مناصحة للشباب في الأبواب العملية، وكذلك ناصحتهم في الأبواب العلمية والاعتقادية في كتابي (الرسالة الثلاثينية في التحذير من أخطاء التكفير)، وفصّلت فيه شروط وموانع التكفير، وحذرت من الغلو في التكفير، ونبّهت على 33 خطأ من أخطاء التكفير الشهيرة أو الشنيعة التي خشيت على الشباب الانزلاق فيها». وبخصوص «حرمة دم المسلم في الشرع الإسلامي» وما يقوم به البعض من تفجير أماكن عامة لقتل جندي أو جنديين من قوات الاحتلال، أكد المقدسي أن الشرع الإسلامي «عظّم من حرمة المسلم دمه وماله وعرضه» وأن علماء الإسلام نصّوا على «أن استباحة دماء المسلمين خطر عظيم»، مؤكداً أنه «لا يجوز التهاون بدماء المسلمين المعصومين بأي شبهة أو بحجة الجهاد أو غيره».
وأضاف: «وحتى العصاة من المسلمين لا تحل دماؤهم وأموالهم لمعاصيهم, وواجبنا تجاههم الدعوة والسعي في إخراجهم من الظلمات إلى النور، لا الاشتغال معهم في معارك، وقد كتبت مراراً وتكراراً وتبرّأت مما يرتكبه البعض من عمليات غير منضبطة بحدود الشرع، والتي يذهب ضحيتها آلاف الأبرياء، وسُفك فيها دماء كثيرة دون أي فائدة شرعية تعود على الجهاد والمسلمين». فيما استنكر المقدسي «خطف مندوبي هيئات الإغاثة المحايدين الذين يستفيد منهم المسلمون في كثير من البلدان»، معتبراً ذلك «جريمة تضر بالإسلام والمسلمين، وتؤثر سلباً في سمعة الجهاد والمجاهدين».
وأكد المقدسي لـ«السبيل» أنه استنكر تفجير مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بغداد، قائلاً: «نعم، استنكرت ذلك واعتبرته خطأ ممن صدر عنه»، مستدركاً بالقول: «ولكني لم ألصق هذا الخطأ بأحد، كون هذا العمل لم تتبنَّه جهة معينة معروفة، وأنا لا يهمّني من قام بالعمل بقدر ما يهمني مناصحة الشباب المسلم بالعموم».
وأشار إلى أنه شكر منظمة الصليب الأحمر على وقفتها معه أثناء فترة اعتقاله، قائلاً: «لا أتحرج أن أذكر بالإحسان من أحسن إليّ وإلى إخواني».
وحول ما يتعلق بالهجوم على الكنائس وتفجيرها، قال المقدسي لـ«السبيل»: «لا أؤيد مثل هذه الأعمال وأنكرها؛ لأن الكنائس ليست ساحات معارك».
الرأي نفسه هو الذي اعتمده المقدسي فيما يتعلق بتفجير صالات السينما الذي يؤدي إلى قتل العصاة من المسلمين، حيث قال: «هو عمل محرم وجريمة لا نقرها بحال، وهي طريقة غير شرعية في إنكار المنكر؛ إذ أن العقوبة بقتل من يقترف مثل هذه المعاصي ظلم وتجاوز وتعدٍّ لحدود الله، فهي عقوبة غير شرعية، وحتى لو لم يؤدِّ ذلك إلى قتل أحد فهو خطأ في السياسة الشرعية والأولويات، ولن تنتهي صالات السينما بتفجير بعضها».
واستحضر حول ذلك تجارب خاضها «بعض الشباب» و«حُكموا أحكاماً طويلة في السجن أمضوا فيها زهرة شبابهم وخرجوا بهذه النتيجة»، مضيفاً أن في تفجير هذه السينمات «فتحا لجبهات مع عموم الناس الذين حقهم أن نشتغل معهم بالدعوة، لا في القتل والقتال».
وحول ما يُنسب إلى بعض الحركات التي تؤمن بالأعمال المادية من سرقة البنوك أو أموال بعض العصاة أو الفساق من المسلمين أو المستأمنين في دار الإسلام، أكد منظر السلفية الجهادية أن «مال المسلم ولو كان فاسقاً أو عاصياً لا يحل، بل هو معصوم لا يجوز الاعتداء عليه واستحلاله لمعصية، وما ينسب إلى البعض من استحلال دماء الفساق أو العصاة إن ثبت فهو جهل منهم بأحكام الشرع، نبرأ إلى الله منه ونحذّر منه».
وشدّد أن «حرمة مال المسلم معلومة مؤكدة في الشرع كحرمة دمه وعرضه، ولا يخفى ذلك على أحد من أهل الإسلام، وينطبق هذا على غير المسلمين من المستأمنين في دار الإسلام مهما كانت جنسياتهم».
وحول ما يجري في العراق من استهداف للشيعة وتكفيرهم بالجملة، صرّح المقدسي بأنه يستنكر «تفجير مساجد الشيعة لأن المساجد يدخلها العامي والمرأة والطفل والشيخ الطاعن في السن ونحوهم.. وأنكرنا كذلك استهداف نسائهم وأطفالهم وغير المقاتلين منهم».
وأشار إلى ما أشاعته بعض وسائل الإعلام من أن (الطاقية السوداء) باتت شعاراً لأتباع التيار السلفي الجهادي، مؤكداً أن هذا «غير صحيح»، مضيفاً: «ربما يتعاطاه ويتمسك به بعض الشباب البسطاء والمبتدئين» مستنكراً ذلك بالقول: «لكن ما الفرق بين طاقية سوداء أو بيضاء أو زرقاء؟! ليست المسألة بالألوان والصور».
عن السبيل .