صحيفة العرّاب

كيف لنا ان نتعامل مع الانتخابا البنانية اذا ما فاز حزب الله

 

 
 
لم يشهد لبنان منذ الاستقلال حتى الآن، انتخابات نيابية محمومة سياسيا، كتلك التي يشهدها في العام 2009، ولم يحصل أن كانت المعركة الانتخابية مترابطة من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب، كما يجري اليوم، والدليل ذلك الانشداد في كل بيت لبناني، لما ستكون عليه النتائج، الى حد أنه يمكنك أن تجد في أكثر من مؤسسة، مجموعة موظفين، يتحلقون حول مجموعة أوراق، وهم يضعون قوائم بالاحتمالات، استنادا الى ما ينشر أو يعلم أو يتمنى هذا أو ذاك من المرشحين.
 
لم يشهد لبنان أيضا انتخابات عالمية، تراقبها الأمم والسفارات والقناصل، لا بل هم يشاركون في اعداد اللوائح وتمويل استطلاعات الرأي، ومن ثم توضع سيناريوهات، تبعا للنتائج، حول من ستكون له الغلبة في الحكومة المقبلة، اذا كتب لها أن تولد ولم يدخل البلد في أزمة حكم مفتوحة، تبدو هي الأرجح، الا اذا تدخلت «الدول» وقررت اعتماد صيغة مشابهة لصيغة انتخاب ميشال سليمان رئيسا للجمهورية ولكل المسار الذي أعقب اتفاق الدوحة، وعنوانه الأغلبية للأكثرية والثلث المعطل للمعارضة.. والباقي لرئيس الجمهورية ميشال سليمان.
 
لم يشهد لبنان انتخابات بهذا الحشد من المشاركة الذي يكسر كل الأرقام السابقة، من دون اغفال ما يمكن أن تحمله الطائرات والسيارات والحافلات من أقاصي الأرض ومغاربها، لأجل ترجيح كفة هذا أو ذاك، وخير دليل على ذلك، حساسية موضوع مطار بيروت الدولي، بالنسبة للفريقين المتنافسين، حيث أظهرت حادثة بسيطة على طريق المطار، قبل ايام وما تلاها من استفسارات من الجانبين، حجم الرهان على مئات لا بل عشرات الأصوات.
 
لم يشهد لبنان انتخابات على مستوى الدوائر الصغرى (الأقضية) منذ العام 1972، ما أفسح المجال أمام شحن مذهبي وطائفي غير مسبوق، وأمام استعادة عصبيات عائلية ومناطقية، فضلا عن عنصر مستجد، يتمثل في انتقال الأقليات، من حالة الذوبان وعدم القدرة على التأثير في الدوائر الكبرى (المحافظات)، الى عنصر حاسم في معظم الأقضية الحساسة، وخاصة مسيحيا (خمس دوائر)، بدليل أن الصوت الأرمني، على سبيل المثال لا الحصر سيكون العنصر الحاسم في دائرتي المتن الشمالي وبيروت الأولى، فضلا عن دوره المؤثر في زحلة... ويســري الأمر نفسه على تأثير الصوت الشيعي في جبيل...
 
لم يشهد لبنان انتخابات برقابة دولية كهذه، بلغت حد وضع بوارج وبواخر في البحر، استعدادا لأي احتمال طارئ في يوم الانتخاب أو اليوم الذي يليه، قد يستدعي نقل المراقبين، على عجل، على عكس طريقة دخولهم، الى بيروت، من أبوابها العريضة.
 
لم يشهد لبنان انتخابات بحجم كهذا من الأموال والحدة في الخطاب السياسي وهذا الابداع الخلاق، في اختيار العناوين والصور للحملات الدعائية في الهواء وعبر المواقع الالكترونية.
 
لم يشهد لبنان انتخابات في يوم واحد استدعت استنفار ما يزيد عن أربعة وخمسين ألف عسكري وعنصر أمني رسمي، غير أولئك الأمنيين غير الرسميين الذين سينتشرون بطريقة مخفية، قبل الانتخابات وخلالها وبعدها، تحسبا لأي تطور ميداني قد يطيح العملية الانتخابية في دائرة من الدوائر الحساسة.
 
لم يشهد لبنان انتخابات فيها هذا القدر من الالتباس، منذ العام 1992 حتى الآن، ذلك أنه في زمن التفويض السياسي لسوريا بإدارة الملف اللبناني، كانت النتائج تأتي متطابقة بنسبة تفوق تسعين بالمئة، مع ما كان مرسوما لها، بما في ذلك الخروقات المحسوبة، كما حصل في العام ألفين. حتى في العام ألفين وخمسة، كان «التحالف الرباعي» كفيلا بحسم الجزء الأكبر من الانتخابات لتقتصر المنافسة على الأقضية المسيحية في المتن وكسروان وجبيل، حيث تمكن «التسونامي» ميشال عون من اكتساح الأغلبية المسيحية.
 
امام هذا المشهد كله، تبدو محاولات اعطاء تقديرات علنية حول ما يمكن أن تسفر عنه انتخابات السابع من حزيران، ضربا من المغامرة، قد ترتد لاحقا على مصداقية صاحبها، لكن «السفير» اختارت أن تكسب رهان جمهورها وأن تحاول تقديم مقاربة موضوعية، تستند في جزء منها الى تقديرات «شركة الدولية للمعلومات» وإلى تقديرات مؤسسات أخرى، معظمها غير منشور، وذلك سعيا الى تقديم أوضح صورة ممكنة
 
للاحتمالات التي يمكن أن تفضي اليها الانتخابات النيابية بعد ثلاثة ايام.
 
ووفق الخريطة الانتخابية التي رسمتها عدة مؤسسات استطلاع رأي، ولا سيما «الدولية للمعلومات»، بالاضافة الى تقديرات مؤسسات أخرى، رسمية وأهلية، تحاول «السفير» توفير أكبر قدر من المعطيات والأرقام لقرائها وفق التقسيم المناطقي الآتي:
 
أولا، دوائر الجنوب ( 23 مقعدا): تنال المعارضة منها 21 مقعدا في دوائر جزين (3) والزهراني (3) وصور (4) والنبطية (3) وبنت جبيل (3) وحاصبيا مرجعيون (5)، بينما تحصد الموالاة مقعدا واحدا في صيدا للنائبة بهية الحريري، مع أرجحية بما يزيد عن ألف صوت، حتى الآن، للمرشح فؤاد السنيورة، على خصمه أسامة معروف سعد.
 
ثانيا، دوائر جبل لبنان (35 مقعدا): استنادا الى التقديرات الأولية، هناك أرجحية للمعارضة في دوائر بعبدا والمتن الشمالي وكسروان وجبيل، وأرجحية للموالاة في دائرتي الشوف وعاليه. والدوائر المحسومة هي:
 
1 ـ الشوف (8 مقاعد): محسومة كلها للموالاة.
 
2 ـ عاليه (5 مقاعد): 4 مقاعد منها للموالاة والخامس للمعارضة (طلال ارسلان) بالتوافق مع النائب وليد جنبلاط!
 
3 ـ بعبدا (6 مقاعد): محسومة كلها للمعارضة.
 
4 ـ المتن الشمالي (8 مقاعد أحدها فاز بالتزكية): 6 مقاعد للمعارضة واثنان قيد المنافسة بأرجحية أن تفوز بهما 14 آذار وهما للنائب ميشال المر وسامي أمين الجميل، الا اذا بلغ التصويت الأرمني حدا غير مسبوق، بتجاوزه الأرقام السابقة بنحو 2000 الى 3000 صوت، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام فوز كامل للائحة المعارضة، خاصة أن «الطاشناق» أبلغ المر أنه سيمنحه أصوات الحزبيين فقط (أي حوالى أربعة آلاف صوت، مع احتمال تراجع الرقم بسبب صعوبة تسويق المر في القاعدة الطاشناقية الحزبية، على خلفية التسجيل الصوتي لأحد رؤساء البلديات من أنصار المر والذي يقول فيه انه «كان الأحرى ببشير الجميل أن يقضي على الأرمن عام 1976 كما قضى على الفلسطينيين في تل الزعتر»!
 
5 ـ كسروان (5 مقاعد): تفوز بها المعارضة كلها، ولو أن مناصري النائب منصور غانم البون يصرون على أنه يملك فرصة جدية لخرق لائحة ميشال عون، وهو أمر لم تلحظه تقديرات كل شركات الاستطلاع المحايدة حتى الآن.
 
6 ـ جبيل (3 مقاعد): كلها للمعارضة.
 
وتكون الحصيلة الاجمالية في جبل لبنان: 21 مقعدا محسوما للمعارضة و12 مقعدا محسوما للموالاة، وتنافس على مقعدين في المتن بأرجحية فوز 14 آذار بهما.
 
ثالثا، دوائر بيروت (19 مقعدا):
 
1 ـ بيروت الأولى (5 مقاعد): لا تشير التقديرات حتى الآن، الى أنه سيكون هناك فائز بالمطلق ومهزوم بالمطلق، في المقابل، وبالتالي، فإن هناك مقعدا محسوما للموالاة (نايلة تويني) وثانيا محسوما للمعارضة (مسعود الأشقر)، وهناك أرجحية للمعارضة بالفوز بالمقعدين الأرمنيين اذا صحت التقديرات حول الحشد الأرمني غير المسبوق في هذه الدائرة، لمصلحة «الطاشناق» الذي يعمل على أساس رفع التصويت ليلامس عتبة الثمانية آلاف حزبي ومناصر سيعطون أصواتهم كلها للائحة المعارضة، وهو الأمر الذي يفتح الباب أمام احتمال أن يكون المقعد الكاثوليكي من نصيب المعارضة الا اذا فاق التصويت الأرثوذكسي والكاثوليكي والماروني التقديرات المرسومة، فيكون من نصيب الموالاة.
 
2 ـ بيروت الثانية (4 مقاعد): مقعدان للموالاة ومقعدان للمعارضة.
 
3 ـ بيروت الثالثة (10 مقاعد): محسومة بالكامل لفريق الموالاة.
 
رابعا، دوائر الشمال (28 مقعدا):
 
1 ـ طرابلس (8 مقاعد): محسومة للموالاة وحلفائها الوسطيين (3)، مع احتمال خرق أحد المقاعد من جانب أحد مرشحي 14 آذار المنفردين.
 
2 ـ عكار (7 مقاعد): محسومة للموالاة.
 
3 ـ المنية والضنية (3 مقاعد): محسومة للموالاة.
 
4 ـ زغرتا ( 3 مقاعد): محسومة للمعارضة.
 
5 ـ الكورة ( 3 مقاعد): هناك مقعد محسوم للموالاة (فريد مكاري) ومقعد محسوم للمعارضة (سليم سعادة)، مع تسجيل تقدم الثاني على الأول، بعدما كان مكاري قبل شهر خارج المنافسة، وبالتالي تبقى الأرجحية بفوز المعارضة بالمقعد الثاني.
 
6 ـ البترون ( مقعدان): مقعد محسوم للنائب بطرس حرب وبفارق كبير، أما الثاني، فيبقى قيد المنافسة، مع أرجحية لمرشح 14 آذار انطوان زهرا على مرشح المعارضة جبران باسيل.
 
7 ـ بشري (مقعدان): محسومان للموالاة.
 
خامسا، دوائر البقاع (23 مقعدا):
 
1 ـ بعلبك ـ الهرمل (10 مقاعد): محسومة بكاملها للمعارضة.
 
2ـ البقاع الغربي وراشيا (6 مقاعد): خمسة مقاعد محسومة للموالاة وخامس قيد التنافس بأرجحية أن يكون من نصيب المعارضة.
 
3 ـ زحلة (7 مقاعد): هناك مقعدان كاثوليكيان محسومان، لكل من المعارضة (الياس سكاف) والموالاة (نقولا فتوش)، وبالتالي هناك تنافس على المقاعد الخمسة المتبقية، في ظل معطيات متناقضة يوميا حول هذه الدائرة نظرا للعوامل التي تتحكم بالتصويت فيها وخصوصا التصويت غير المسيحي، بالاضافة الى عدم انحصار التصويت الزحلي (المدينة) للائحة واحدة، كما هي الحال في معظم الدوائر.
 
واستنادا الى آخر استطلاعات الرأي، والمعطيات والتقديرات الانتخابية، وهي قابلة للتغير، في الساعات الثماني والأربعين المقبلة، فإن الموالاة ستحصد أربعة من المقاعد الخمسة، بينما تنال المعارضة مقعدا واحدا، لتصبح الحصيلة خمسة للموالاة و2 للمعارضة.
 
في المحصلة، يبدو أن نظرية الرئيس نبيه بري بأن الفارق بين الفائز والخاسر، لن يتجاوز المقعد الواحد أو المقعدين، من دون اغفال عناصر يمكن أن تغير في مجرى كل التقديرات في الساعات الـ 72 المقبلة، ومنها عنصر المال الذي غاب لمرحلة، ثم برز مجددا في كسروان وزحلة والبقاع الغربي... بالاضافة الى عوامل أخرى، قد تؤثر أيضا مثل العنصر الأمني والنكايات على أنواعها، وأعمال الضغط والترغيب والترهيب، فضلا عن عنصرين هامين جدا، هما عنصر المغتربين غير المحدد وعنصر المجنسين الذين يقيم معظمهم في الأراضي السورية والذين يصعب تقدير أرقامهم... وهذا يعني أن هذه التقديرات قابلة للتحرك والتغير في هذا الاتجاه أو ذاك... خاصة أن الفارق بين الخاسر والفائز في عدد من الدوائر (خمس على الأقل) سيكون في حدود مئات وربما عشرات الأصوات.
 
ومن المفيد الاشارة الى أن أرجحية فوز المعارضة، لا تمنع امكان أن يبادر أحد مكوناتها الى التموضع في خانة رئيس الجمهورية (الكتلة الوسطية المستقلة)، وهو أمر يسري على الموالاة، التي يمكن حذف ثلاثة من رصيدها منذ الآن هم نجيب ميقاتي وأحمد كرامي وميشال المر، مع احتمال انضمام محمد الصفدي وقاسم عبد العزيز اليهم.