خرجت كارن أبو زيد، المفوّضة العامّة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين عن الصمت، في مؤتمر اللجنة الاستشاريّة للأونروا في عمّان، الذي حضرته الدول المانحة والمضيفة.
هكذا، أعلنت أبو زيد وقوع عجز في الموازنة العامة بلغ مطلع العام 39 مليون دولار. كذلك حددت نهاية العام الجاري «موعداً لإفلاسنا الرسمي»، إذا لم تتحرّك الدول المانحة لإنقاذ 7 ملايين و400 ألف فلسطيني مشتتين في 5 مناطق: لبنان وسوريا والأردن والضفّة وغزّة.
كان على أبو زيد أن تُعلن حالة الطوارئ، إذ لم يعد خافياً على أحدٍ، لا اللاجئين ولا حتى الأونروا نفسها، أنّ الوضع بات صعباً، وخصوصاً بعد سياسة التقشف التي اعتمدتها الأونروا أخيراً بسبب هذا العجز، عامدة إلى خفض الخدمات كمّاً ونوعاً، وهو ما أثار حفيظة الدول المضيفة التي خافت من «التورّط» بالاضطرار للحلول مكان «الأونروا» مادياً من جهة، وحفيظة المسؤولين الفلسطينيين في الشتات الذين أبدى بعضهم تخوفاً من أن يكون انسحاب الأونروا التدريجي هو مقدمة للتوطين في بلدان الشتات، وبالتالي بداية النهاية لقضية فلسطين.
وقد اختارت اللجنة الاستشاريّة للأونروا، الذكرى الستين لتأسيس المنظمة مناسبة لعقد مؤتمر الموازنة العامة في الأردن، الذي حضره ممثّلو 23 دولة مانحة ومضيفة أهمها: الولايات المتّحدة الأميركيّة وفرنسا وإسبانيا والسويد وكندا وتركيا والنروج وإيطاليا وإنكلترا والسعودية والكويت ومصر وسوريا ولبنان والاتّحاد الأوروبي.
لم يكن جدول أعمال المؤتمر الذي استمرّ ليومين ببند واحد، إذ حدّدت الأونروا ثلاث خطوات لها:
الأوّلى، هي العاجلة، الحصول على تمويل لميزانية السنوات الست المقبلة، وذلك بعد تقديمها خطة متوسطة المدى للمانحين.
أما البند الثاني فقد كان وضع تقرير مفصّل باحتياجات الأونروا ترفعه اللجنة الاستشارية إلى الهيئة العامّة في نيويورك لدراسته تمهيداً للموافقة عليه.
أما المطلب الثالث، فقد كان جديداً على روزنامة الأونروا: إذ لم تكتف الأخيرة بمطالبة الدول المانحة بمستحقاتها الموعودة، بل ناشدت هذه الدول زيادة تبرّعاتها لتحسين نوعية الخدمات المقدّمة إلى اللاجئين، وخصوصاً في المناطق التي تواجه تحدّيات صعبة في مجالي التعليم والصحة: مثل لبنان وغزّة والضفة.
لبنان الذي انتهز وفده (رئيس لجنة الحوار اللبناني ـــــ الفلسطيني السفير خليل مكاوي ونائبه زياد الصايغ وممثل وزارة الخارجية داني حدّاد) الفرصة لإيصال رسالتين: الأولى، رؤية الدولة اللبنانية (التقليدية) لسياستها تجاه اللاجئين بما يضمن التوازن بين «سيادة واستقرار لبنان وضمان حياة كريمة للاجئين وفقاً للقرار الدولي194»، وأما الثانية (المستجدة على طرح لبنان) فكانت خاصة بمخيم نهر البارد. إذ جدّد مكاوي التأكيد أن «تقاعس» الدول المانحة عن تقديم الأموال اللازمة لإعادة إعمار المخيّم، سيكون من شأنه تعطيل إعمار 5 قطاعات في هذا المخيم، وخصوصاً أن الكلفة المتوافرة لا تكفي سوى 3 قطاعات منه. وقد دعا السفير مكاوي الدول المانحة إلى عدم خفض موازنة الأونروا العامة «كي لا يصاب لبنان بشظايا هذا الخفض».
ولعل اجتماع عمّان كان مناسبة استغلها الوفد اللبناني للتأكد من «نيات دولة كندا»، حسب تعبير السفير مكاوي، تجاه القضية الفلسطينية، «بعدما تناهت إلينا من طريق الهمس معلومة مفادها أن كندا (ضايعة شوية)»، كما قال. وفسرت مصادر مقربة من الوفد اللبناني لـ«الأخبار» المعلومات بأنها أنباء عن تغيير محتمل ستقوم به كندا في وجهة تبرعاتها، استجابة «لضغط اللوبي الصهيوني وموقفه من الأونروا التي أدانت اعتداءات إسرائيل على غزة أخيراً»، كما قال.
وقد وجد المصدر أن التعبير عن هذا التغيير في موقف كندا، بدا واضحاً عندما أعلنت أن تبرعاتها ستصب في إطار موازنة المشاريع، لا في الموازنة العامة. أي إنها تدعم مشاريع مؤقتة، لا وجود الأونروا نفسه.
يبقى أن تقدير الموازنة النهائية للأونروا غير واضح، حيث اقتصر الدعم على بعض الدول وأكبره من الولايات المتحدة الأميركية التي تبرعت بـ55 مليون دولار. وسيتضح حجم التمويل في اللقاء التحضيري الذي تعقده الهيئة العامة في 25 أيلول المقبل في نيويورك.
من جهة أخرى، تستعد مصر لتسلم رئاسة الهيئة الاستشارية العليا للأونروا، فيما تتسلم السعودية نيابة هذه الهيئة، وهو أمر يتخوف مراقبون من أن يكون له «تأثير ما» في ظل سياسة هاتين الدولتين تجاه القضية الفلسطينية.
(المنار)