في تقرير كتبه حمزة السعود و داود كتاب ونشره موقع " عمان نت " الذي صرح بأنه حصل على وثائق أظهرت أن الـ37% من أسهم شركة الفوسفات الأردنية بيعت لشقيق سلطان بروناي الأمير جيفري، الذي اتهم بالعديد من قضايا الفساد والقضايا الأخلاقية، ولم تبع هذه الأسهم لوكالة بروناي للاستثمار المملوكة لحكومة بروناي كما صرح رئيس الوزراء عون الخصاونة.
وتبين وثيقة قضائية بريطانية في إحدى القضايا التي رفعتها وكالة بروناي ضد الأمير “جيفري بلقيه” عام 2008 أن الأمير هو من يملك شركة “كاميل هولدينجز ليمتد” وهي الشركة التي سجلت باسمها أسهم شركة الفوسفات.
وقد يستغرب البعض وجود قضية من وكالة بروناي ضد مالك شركة “كاميل” وهو شقيق سلطان بروناي، إلا أن سلطان بروناي رفع عدة قضايا بالفعل بحق شقيقه جيفري بتهمة تبديد وسرقة 15 مليار دولار عندما كان جيفري رئيسا لوكالة بروناي للاستثمار من عام 1983 وحتى 1998؛ أي قبل توقيع اتفاقية بيع أسهم شركة الفوسفات بثماني سنوات.
وتسربت بعض المعلومات من مصادر نيابية في لجنة التحقيق في ملف الفوسفات “لعمان نت” لم تذكر سابقا في تقريرها، إذ أكد أكثر من عضو في لجنة التحقيق أن رئيس مجلس إدارة شركة الفوسفات السابق وليد الكردي وهو ممثل شركة “كاميل” شريك الأمير جيفري بلقيه.
رئيس الوزراء عون الخصاونة أكد في جلسة التصويت النيابية على ملف الفوسفات أن شركة “كاميل” مملوكة لشركتين مسجلتين في جزيرة “جيرسي” البريطانية وهما “بريمير سيركل ليمتد” و “ساكند سيركل ليمتد” واللتين تعودان لوكالة بروناي للاستثمار، بحسب الخصاونة.
إلا أن الجزء الأخير من حديث الخصاونة حول ملكية وكالة بروناي لشركة “كاميل” غير ممكن، إلا إذا رفعت الوكالة دعوى ضد نفسها، إذ أن الدعوى القضائية من قبل وكالة بروناي مسجلة ضد الأمير جيفري وهاتين الشركتين وهما المالكتان لشركة “كاميل”.
وفي محاولات حكومة بروناي تعقب ثروة الأمير جيفري لاستعادة الأموال التي أخذها من وكالة بروناي، يتأكد ما قالته لجنة التحقيق النيابية في ملف الفوسفات عن شركة “كاميل” بأنها شركة وهمية، حيث يقول رئيس محامي وكالة بروناي ريتشارد تشالك في إحدى إفاداته أمام القضاء البريطاني أن ثروة الأمير جيفري مشتتة بين عدة حسابات مصرفية “وشركات وهمية مسجلة في ملاجىء ضريبية”؛ ومنها شركتي بريمير سيركل ليمتد وساكند سيركل ليمتد.
- الوثائق تؤكد على ما جاء في تقرير اللجنة النيابية:
وكان تقرير لجنة التحقيق النيابية نص على أنه قبل التوقيع بيومين على اتفاقية بيع أسهم الفوسفات مع وكالة بروناي للاستثمار، تم شطب اسم وكالة بروناي للاستثمار عن النسختين النهائيتين “بقلم حبر واستبدالها بخط اليد” بشركة كاميل هولدنج ليمتد وهذه أول مرة يتم فيها ذكر لشركة كاميل.
وتابع التقرير أن إدخال شركة كاميل وجعلها طرفا في هذه الاتفاقيات جاء في اللحظة الأخيرة من اليوم الأخير ودون إرفاق طلب رسمي من وكالة بروناي للاستثمار.
وأشار التقرير إلى وجود رسالة غريبة تشير إلى حديث مسؤولين أردنيين عن تقديم شركة الفوسفات كـ”هدية خاصة” ﻷغنى سلطنة في العالم، وعرض للسيد وليد الكردي بأن يكون “شريكاً ذا قيمة مضافة” في الصفقة ليتفاوض على أفضل الشروط لصالح متلقي هذه “الهدية الخاصة”.
- النزاع القانوني بين الأمير وسطان بروناي:
وتعود قصة النزاع بين الأمير جيفري وشقيقه سلطان بروناي إلى 22 من شباط عام 2000، حيث تم إصدار شكوى من بلاط بروناي ضد الأمير جيفري مع إدعاء أنه إستولى على نحو غير ملائم بمبالغ طائلة من وكالة بروناي للإستثمار.
وبحسب مجلة “فانتي فير” الامريكية التي نشرت تفاصيل قصة الأمير جيفري وحياته التي اتصفت بالبذخ وشابها العديد من الفضائح “الجنسية”، فقد قامت القوات المسلحة التابعة لسلطنة بروناي بتفتيش قصر جيفري وتلقى أمراً بتسليم جواز سفره بعد التوقيع على عقد تسوية تعهد بموجبه بإعادة الموجودات بما في ذلك أكثر من 600 عقار، أكثر من 2000 سيارة، أكثر من 100 لوحة فنية، 5 بواخر و9 طائرات، فضلاً عن ما توازي قيمته مليارات الدولارات من المنقولات التي قام بتخزينها في 21 مستودعاً.
وبعد أن وقع على الإلتزام كلياً ببنود الإتفاق، غادر جيفري البلاد، وسرعان ما قال محامو ومحاسبو السلطان بأن جيفري قام بتمويل شركته المُفترض أن تكون رابحة شركة أماديو للتنمية، والتي كانت توظف الآلاف، عن طريق أموال وكالة بروناي للإستثمار وليس من الأرباح التي حققتها من أعمالها.
ولدى توقف هذا التمويل، لم تعد شركة أماديو للتنمية عاجزة عن الدفع وحسب، بل أن المحققين أكدوا بانها باتت مدينة بأكثر من 590 مليون دولار، وهو ما تحول إلى ذعر لدى مراجعة قائمة الموجودات التي حولها جيفري لهم، حيث تعهد بأن تشمل كل شيء.
وكتب رئيس محامي وكالة بروناي للإستثمار في مذكرة قانونية أن القائمة التي قدمها الأمير جيفري لم تكن كاملة ولا تتلاءم بالمرة للعديد من الأسباب، مشيرا إلى أنه تم إغفال شركات بكاملها، وكذلك أرقام حسابات وأرصدة الأمير في العديد من المصارف.
وواصل جيفري إنفاقاته اللامحدودة في الخارج، ما جعل ممثل لوكالة بروناي للاستثمار يقول إن الأمير ما يزال يمول نشاطاته من خلال موجودات الوكالة وقد رد جيفري بأن السلطان أتاح له بموجب إتفاق غير مكتوب وسري بينهما أن يدعم نفسه عن طريق الإحتفاظ بست عقارات لضمان أسلوب حياته.
وكان من المحتمل أن يتحول النزاع بين الشقيقين إلى أكثر النزاعات القانونية كلفة حيث أن وكالة بروناي للاستثمار والسلطان أنفقا ما يُقدر بـ400 مليون دولار في تعقب ثروة جيفري التي أكدت وكالة بروناي للإستثمار بأنها كانت مشتتة بين عدة حسابات مصرفية وشركات وهمية مسجلة في ملاجىء ضريبية.
وقد تم تعديل دستور بروناي من أجل أن يكون للسلطان سطوة مطلقة على شقيقه، وبعدها أخذ السلطان يجمد موجودات جيفري إعتباراً من العام 2000 عن طريق إصدار إنذارات لم يكن لها مفاعيل كثيرة، وادعى بأن جيفري باع مجموعات لا يمكن إيجاد أثر لها من الأعمال الفنية، السيارات والمجوهرات كانت مشمولة بأمر التجميد وتمكن بطريقة ما من تسييل عقاراته إلى أموال نقدية للإبقاء على مستوى لائق له ولعائلته، وعندما استنكف عن الإستجابة لإنذار صادر عن بريطانيا في 2008، أصدرت المحكمة المعنية مذكرة توقيف بحقه. ولدى مواجهته بإمكانية صدور حكم بالحبس عامين لرفضه الكشف عن حساباته المصرفية، إستقر جيفري بعيداَ عن الأنظار في فنادقه ذات الخمس نجوم وقصوره إلى أن تصالح أخيراً مع أخيه وعاد إلى بروناي بعد إيجاد تبرير لجزء ضئيل على الأقل من الثروة الضائعة.