ماهر ابو طير
رئيس هيئة مكافحة الفساد «الباشا» سميح بينو أعلن قبل ايام عن نتائج التحقيق في بعض ملفات شركة الفوسفات،وان الهيئة اكتشفت فسادا يصل في حده الاعلى الى ثلاثمائة مليون دولار نتيجة فروقات اسعار البيع،بالاضافة الى قصة العمولات والسمسرة.
تتم احالة القضية الى المدعي العام،وهناك اشخاص مطلوبون على خلفية هذه القضية،موجودون خارج البلد،ولابد من عودتهم من اجل تبيان الحقيقة والرد على هذه المعلومات،خصوصا،ان خروجهم كان مثيرا للتساؤلات على خلفية فتح كل ملف الفوسفات.
هذا اختبار للجهات المختصة،وهل ستكون قادرة على تطبيق القانون على الجميع،ام ان الملف سيتم طويه بشكل او اخر،على ذات طريقة طوي النواب للملف الاول من ملفات الفوسفات،وهو طوي ترك اثرا شعبيا حادا على مستوى النزاهة ومحاربة الفساد.
تحقيقات هيئة مكافحة الفساد تثبت من جهة اخرى ان الهيئة محترفة،ولاتخشى احدا،ولايوجد امامها خطوط حمراء،لان الاعلان عن ملف الثلاثمائة مليون دولار،يثبت ان لا حصانة لاحد،وان كل الاسماء قابلة للتحقيق والاتهام والشك.
من جهة اخرى تتأمل احوال الناس ومستوى الفقر،والدين الذي وصل الى اكثر من خمسة عشر مليار دينار،في بلد يتم نهبه،وفيه موارد من الماء الى السياحة الى البوتاس وصولا الى الصخر الزيتي والنحاس والفوسفات وغير ذلك.
لماذا اذن يتم الفقر والجوع والبطالة.هذا فقر ام افقار.وكأن لسان حال الاردني يقول:بيتي على دجلة وانام عطشانا.هذا شعور طبيعي لان موارد البلد تبددت بهذه الطريقة،ولان قصص الفساد تعطيك الدليل على وجود ما خفي وما كان اعظم.
اذا عدنا ايضا الى مشاريع الخصخصة من الاتصالات وبقية المشاريع،لاكتشفنا انها بيعت بثمن بخس،لمشترين باتوا يربحون مئات الملايين،وكان الاولى ان تتم الخصخصة،عبر بيع هذه الاسهم الى المواطنين،والاستفادة من المال المجموع لتطوير هذه المشاريع.
ما حدث عندنا هو العكس،خصخصة جائرة بأقل الاثمان،وارباح بالمليارات تخرج من البلد لحساب المستثمرين،وبالمقابل فساد في شركات اخرى بحيث تم نهب هذه الشركات العامة،ثم فساد في شركات القطاع الخاص ُمغطى بقرارات مجالس الادارات.
ملفات الفساد هي التي اضرت بالحبل السري بين الدولة والناس،ومن اجل ترميم هذا الحبل،لابد من اتخاذ اجراءات فاعلة،بعيدا عن مبدأ الاطفاء،لصالح مبدأ تحصيل الاموال ومحاسبة الفاسدين،دون استثناءات لاي اعتبار.
تبقى قصة الثلاثمائة مليون دولار،خطيرة،وذاكرة الناس لن تنساها،وستتابع التفاصيل المقبلة،خصوصا،القدرة على جلب المتسبب بهذا الفساد لمجرد سؤاله قبيل اتهامه رسميا.