صحيفة العرّاب

الجزيرة: انتقادات لحكومة الأردن بسبب "القمع"

رغم توجهها لمعالجة مطالب مشاركين في اعتصامات سياسية وعمالية ومطلبية، فإن الانتقادات تزايدت تجاه الحكومة الأردنية بعد استخدام قوات الأمن العنف لتفريق الاعتصامات وسط خشية من عودة "الأجواء العرفية" للمملكة.

وفرقت قوات الأمن الأردنية في يوليو/ تموز الماضي ثلاثة اعتصامات، واحد للنقابات المهنية احتجاجا على استيراد الخضار والفواكه الإسرائيلية، وثان لأهالي بلدة الطيبة جنوبي الأردن احتجاجا على انقطاع المياه عن منازلهم أكثر من شهرين.
لكن فض قوات الدرك لاعتصام ثالث لعمال مؤسسة الموانئ في العقبة (350 كلم جنوب عمان) نهاية الشهر الفائت، وجرح معتصمين من بينهم مصاب واحد بجروح خطيرة، دفع أحزابا سياسية ونقابات مهنية ومنظمات لحقوق الإنسان وعشائر وبرلمانيين لتوجيه انتقادات قاسية للحكومة.
ودفع "عنف الحكومة" -كما وصفه كتاب ومحللون- إلى الحديث عن تحولات تؤشر لمزيد من التدخل الأمني في الحياة السياسية.
ويؤكد رئيس لجنة عمال المياومة (الذين يعملون بالأجر اليومي) في الوزارات الحكومية محمد السنيد الذي تعرض للاعتقال جراء مشاركته في اعتصامات عمالية، أن تجربة الحكومات بفض الاعتصامات بالقوة "لم تنجح". 
العنف ليس الحل
ويوضح، في حديث للجزيرة نت، أن الحكومة لجأت بعد 19 اعتصاما قام بها عمال المياومة لحل مشكلتهم عبر الأطر القانونية، وأن تعاملها بالعنف مع اعتصام عمال الموانئ لم ينه مطالبهم التي تحقق جزء منها عبر المفاوضات بينهم وبين إدارة الموانئ قبل أيام.
وبرأي السنيد فإن الاعتصامات العمالية "كرست مفهوم أنه لا يمكن انتزاع الحقوق دون تضحية". وزاد "العمال أدركوا ذلك، ولهذا السبب شاهدنا صمودهم رغم الاعتقالات وفض اعتصامات بقوة غير مسبوقة من قبل قوات الأمن".
ويلفت إلى أن "صمود اعتصامات عمال المياومة في وجه الضغوط والملاحقة الأمنية شجع عمالا في مؤسسات عديدة على اللجوء إلى الإضراب والاعتصام لوقف انحياز الحكومة لأصحاب العمل".
وبعيدا عن تفاصيل المطالب يرى عضو المكتب التنفيذي في جماعة الإخوان المسلمين، والناطق باسمها جميل أبو بكر أن فض الاعتصامات بالقوة "مرتبط بسياسة رسمية أكثر من كونه معالجة لأحداث محددة".
وقال أبو بكر "هناك إجماع لدى سياسيين ومحللين بأن سلوك الناس في الاعتصامات كان ديمقراطيا، لكن الحكومة قابلت هذه الديمقراطية بأساليب عرفية".
ويرى القيادي الإسلامي أن "وجود مجلس نواب ضعيف وحكومات غير معنية بالإصلاح السياسي ومنع الناس من المشاركة في الحياة العامة، تزيد من منسوب الاحتقان في الشارع".
وذهب إلى حد اعتبار سلوك الحكومة "مثيرا للتساؤل خاصة وأن المرحلة المقبلة ستشهد مخاضا كبيرا وسط هواجس الناس من احتمالات تعرض الأردن لضغوط فيما يتعلق بالحل النهائي للقضية الفلسطينية". وزاد أبو بكر أن "احتكار الحكومة للقرار وتوجهها للحل الأمني لا يبشر بخير".
ودفعت الانتقادات الحكومة لمعالجة مطالب عمال الموانئ، وجرى نقل مصاب بجروح خطيرة للعلاج في أرقى مستشفياتها، كما توجهت لإنهاء أزمة مع النقابات المهنية بعد فض اعتصام "الخضار والفواكه الإسرائيلية" بالقوة.
تحولات هامة
وبرأي طاهر العدوان رئيس تحرير صحيفة العرب اليوم التي انتقدت سلوك الحكومة ضد الاعتصامات فإن "الحكومة استبدلت واجبها المتعلق بحماية الاعتصامات بقمعها".
وقال للجزيرة نت إن الاقتصاد الأردني يمر بمرحلة تحولات هامة خاصة مع سيطرة رأس المال الأجنبي على المؤسسات الكبرى، وهو ما يعني أن دور الحكومة يجب أن يكون حماية الطبقة العاملة لا الانحياز للمستثمر الأجنبي.
وتابع قائلا "الحكومة تمارس اقتصادا رأسماليا لكنها غير معنية بما تمليه قواعد هذا الاقتصاد من حماية لحقوق العمال والسماح لهم بالاحتجاج".
ويطالب العدوان الحكومة بإلغاء قانون الاجتماعات العامة العرفي كما وصفه، وهو يمنع إقامة التظاهرات أو الاعتصامات إلا بموافقة مسبقة من الحكام الإداريين.
وكان القانون السابق للاجتماعات والذي صدر عام 1952 يسمح بإقامة التظاهرات دون إذن مسبق من السلطات التي نص القانون الملغى على ضرورة إبلاغها بموعد ومكان الاعتصام فقط.
ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي أن القلق الذي يشعر به الأردنيون تجاه أسئلة المستقبل "يجب أن يصاحبه مزيد من الحريات العامة لا مزيدا من الكبت ومعالجة الاحتجاجات عبر أساليب المنع والقمع".