صحيفة العرّاب

تسعيرة المحروقات .. بين احتكار الحيتان وحسبة أصحاب القرار

غير مقنعة ولا منطقية هذه الزيادات المتتالية على أسعار المشتقات النفطية التي أقرتها اللجنة الخاصة بالتسعير التابعة لوزارة الصناعة والتجارة ، وخاصة في المرتين الاخيرتين ، لانهما جاءتا في الوقت الذي كان المواطن حينه يرغب في الابقاء على الاسعار كما هي او تخفيضها الا ان المفاجأة كانت باتخاذ قرار برفع الاسعار وهو امر لا يتفق وسلم الصعود والهبوط العالمي في اسعار تلك المشتقات.

 لقد كان وزير الطاقة والثروة المعدنية المهندس خلدون قطيشات اكثر الناس حماسة وقبولا للتسعيرة الاسبوعية ثم اليومية لاسعار المشتقات النفطية ، الا ان حيتان اصحاب المحطات المزودة للوقود رأوا في ذلك تقييدا لهم في الحصول على هامش ربح اوسع او حتى في عدم قدرتهم على التحكم بالاسعار والكميات ، الامر الذي يعني فقدان هؤلاء المتنفذين اهميتهم واتخاذهم القرار المناسب لهم فقط دون غيرهم.
 
في المحطات العادية في الدول المتقدمة نجد كل يوم تسعيرة جديدة لاسعار المشتقات النفطية ، وهذا هو الصحيح ، اذ لماذا ننتظر شهرا كاملا حتى نغير اسعار المشتقات هذه مع انها في حالة من التقلب والتغير والتبدل يوميا. وعليه فلا بد من كسر احتكار حيتان اصحاب المحطات والوقوف عند المصلحة العليا للوطن والمواطن وان ينصاع هؤلاء التجار الكبار الى النداء الطبيعي من المواطن العادي ليقول اننا بحاجة الى تسعيرة يومية لنشهد قدرة مواطننا وتاجرنا وبائعنا على التعامل بجدية مع كل طارئ ، فاذا حصلت زيادة على المشتقات ترتفع الاسعار واذا حصل انخفاض نشهد تراجعا في الاسعار وبشكل يومي.
 
اما ان تقول لنا لجنة التسعير ان ذلك غير ممكن من الناحية العملية ، فهذا محض تحايل على العقول ، ولا يوجد فيه احترام لنا كمواطنين ومشترين وعملاء ، لاننا كنا نتوقع ان يقول لنا اصحاب الاختصاص واصحاب القرار اننا معكم معشر المواطنين ولن نخذلكم واننا قادرون على التسعير بشكل اقل من يومي لا ان نترك الحبل على الغارب لكل من هب ودب او نترك الامر لاصحاب محطات الوقود ليقولوا هم كلمتهم ، حيث لا يجوز ابدا ان تترك الامور هكذا ، اذ هل يعقل ان تترك التسعيرة شهرا كاملا ترتفع خلاله الاسعار وتهبط ونبقى ننتظر اللجنة وقراراتها لتخرج الينا بعد طول انتظار باننا لا نعرف شيئا عن التسعير واننا يجب ان نتعود على الانضباط وان نحترم اصحاب الاختصاص الذين هم يعرفون مصلحتنا اكثر منا ، وعلينا ان ننصاع لحسبتهم وندرك انهم اعقل منا واعرف بكل ما يحيط بنا.
 
هذا غير منطقي وغير مقبول ان نبقى مكتوفي الايدي ننتظر رحمة الله من اناس عاديين يحسبون متوسط اسعار المشتقات على مدار الشهر ثم يخرجونها كما يشاؤون لا كما تدل الارقام ، وحتى لو كان الامر كما يقولون ، فلماذا لا تترك الامور طبيعية ويتم احتساب الاسعار بشكل يومي ويتحمل المواطن الاسعار هبوطا وارتفاعا اولا بأول؟.
 
ومن جانبه قال قال رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستهلك الدكتور محمد عبيدات اننا كنا نتمنى في "حماية المستهلك" ان تقوم الحكومة بتثبيت اسعار المحروقات خلال التعديل الاخير الذي أتى قبيل شهر رمضان المبارك ، حتى لا يكون ذلك مبررا لمزيد من رفع الاسعار في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الغالبية العظمى من المواطنين. واشار الى ان "حماية المستهلك" ترى في هذا القرار تشجيعا بل دعوة صريحة للمستوردين والتجار والصناع لرفع اسعار المنتجات الغذائية والاساسية تحديدا بدون وجه حق وتحت مبررات واهية. الى ذلك قال الكاتب والمحلل الاقتصادي حسام عايش ان قرار رفع اسعار المحروقات سيساهم في رفع اسعار السلع والخدمات ، لاسيما ونحن نستقبل شهر رمضان المبارك ، حيث يسعى المواطنون الى تلبية احتياجاتهم الاساسية في ظل تراجع قدراتهم الشرائية.
 
على ذات الصعيد ارجع امين عام وزارة الطاقة رئيس لجنة التسعير فاروق الحياري رفع اسعار المحروقات الاخير الى الارتفاع العالمي الذي شهدته اسعار النفط العالمية ، مؤكدا ان الحكومة تقوم بعكس الاسعار العالمية على واقع السوق المحلي سواء كان ارتفاعا او انخفاضا تطبيقا للشفافية التي اتبعتها منذ بدء صعود النفط عن مستوياته المعهودة. واضاف ان اسعار الغاز المستخدم في البيوت ما زالت تدعم من قبل الحكومة اذ يبلغ معدل دعم الاسطوانة الواحد نحو 1,31 دينار وياتي الدعم لمادة الغاز انطلاقا من حرص الحكومة على التخفيف من الاعباء الملقاة على عاتق المواطن.
 
وقال الحياري ان لجنة التسعير ملتزمة التزاما تاما بآليات التسعير التي اقرها مجلس الوزراء ، وانه لا مجال للاجتهاد في هذا الموضوع على الاطلاق. واضاف ان آلية التسعير يحكمها برنامج حاسوبي دقيق ، حيث يتم رصد معدل الاسعار للنفط الخام والمشتقات النفطية الاخرى خلال الـ 30 يوما التي تسبق موعد الاعلان عن الاسعار الجديدة اعتمادا على نشرة "بلاتس" العالمية والتي ترصد اسعار المشتقات النفطية العالمية بشكل يومي وبكلفة اشتراك سنوي في هذه النشرة تبلغ 50 الف دولار.
 
وبحسب تصريحات سابقة اكد الحياري ان آلية التسعير الحالية تتضمن احتساب كلف المشتق النفطي في ميناء ينبع السعودي يضاف اليها تكاليف النقل والتأمين ورسوم الموانىء وكلف التخزين والمناولة في ميناء العقبة وكلف النقل من العقبة والتخزين في مقر المصفاة وكذلك كلف المناولة والتخزين في الزرقاء بالاضافة الى كلف النقل البري للمستهلكين وعمولات المحطات ومراكز توزيع الغاز ورسوم البلديات وضريبة المبيعات على البنزين بنوعيه وضريبة المطارات حتى يتم اخيرا احتساب السعر النهائي للمستهلك.
 
وكان وزير الصناعة والتجارة المهندس عامر الحديدي قرر تعديل اسعار المحروقات اعتبارا من يوم الجمعة المنصرم وحتى 17 الشهر المقبل. وبموجب القرار فقد ارتفعت اسعار جميع المشتقات النفطية بنسبة تراوحت بين 2 في المائة و8ر5 بالمئة باستثناء السولار ـ للبواخر انخفضت اسعارها 4,2 بالمئة.
 
وقد ارتفعت اسعار مادتي السولار والكاز من 40 قرشا للتر الى 41,5 قرش وبنسبة 3,75 بالمئة والبنزين اوكتان 90 من 44 قرشا الى 45,5 قرش واوكتان 95 من 51,5 الى 53,5 قرش للتر. الدستور