"خلصونا" من مشاكل التوقيف الإداري، ليس مجرد شعار، بل عنوان حملة أطلقتها أمس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، "ليس المقصود منها الدخول مع الأمن العام في سجال، بل التأكيد على أهمية التقيد بمعايير وظروف التوقيف في المراكز الأمنية"، بحسب أمين سر المنظمة المحامي سميح سنقرط.
ولأن "خلاصنا حق قانوني"، وفق شعار الحملة التي تتولى تنفيذها لجنة السجون والمعتقلات في المنظمة، فإن الهدف الأساسي من الحملة يتمثل في "التأكد من: هل مراكز التوقيف تفي بالشروط الإنسانية لتوقيف أي شخص؟"، بحسب سنقرط.
وإلى جانب هذه الحملة، تعتزم المنظمة، وفقا لأمين سر لجنة السجون والمعتقلات المحامي عبد الكريم الشريدة، إطلاق حملة أخرى بعد انقضاء شهر رمضان المرتقب حلوله الجمعة أو السبت المقبلين.
وتبحث الحملة الثانية "قضية القيود الأمنية والضرر الذي يلحق بالمواطنين"، بحسب الشريدة، وهي ليست الأخيرة بل ثمة حملة ثالثة "تتعلق بالتقارير الطبية التي تصدر عن الطب الشرعي والطبيب المناوب، وبخاصة في مستشفيات القطاع الخاص، وما قد يتعرض له الموقوف من انتهاكات واستغلال".
وفي بيان أعلنته خلال مؤتمر صحافي عقدته أمس لإطلاق حملة "خلصونا"، قالت المنظمة: إن "مشكلة التوقيف في المراكز الأمنية ما تزال تشكل هما كبيرا لدى المواطنين، بحيث يفقد الموقوف خلال مدة توقيفه كافة الضمانات الحقوقية والقانونية، ويمنع عليه الاتصال أو توكيل محامٍ، فضلا عن عدم توفير المكان المناسب للنوم والأكل المناسب".
وقال البيان: "لذلك، وانطلاقاً من حرص المنظمة على صون كرامة المواطن الأردني وحقه في تلقي الضمانات القانونية الضامنة له منذ توقيفه، وحتى تقديمه للقضاء، فإن المنظمة العربية لحقوق الانسان، تعلن حملتها لهذا الشهر بعنوان: خلاصنا حق قانوني/ خلصونا".
وتهدف هذه الحملة إلى "إلقاء الضوء على واقع الحال للموقوفين بالمراكز الامنية"، "العمل على توفير الضمانات القانونية للموقوفين منذ لحظة توقيفهم من قبل رجال الضابطة العدلية وحتى تقديمهم للقضاء".
وتطالب الحملة بـ"تأمين الموقوفين بالمأكل والمكان المناسب للنوم، خصوصاً وأنه لا يتم إرسالهم لمراكز الإصلاح والتأهيل، ويبقى متحفظا عليهم في المراكز الأمنية"، إلى جانب "إجراء تعديلات تشريعية تضمن احتساب مدة التوقيف لدى المراكز الأمنية"، و"الإسراع بتحويل الموقوفين إلى المحاكم"، فضلا عن "مطالبة وزارة العدل وكما نص القانون بضرورة القيام بزيارات تفقدية للنظارة في المراكز الأمنية ومراكز الإصلاح والتأهيل".
وبحسب البيان، تؤكد الحملة على "حق الموقوف بالاتصال وإعلام ذويه بمكان توقيفه"، "وحقه في "الاتصال بالمحامي في أي وقت، كما نص قانون أصول المحاكمات الجزائية وبمعزل عن أي رقيب".
وتشدد على "ضرورة التزام الضابطة العدلية بتحويل الموقوفين إلى القضاء خلال 24 ساعة وكما نص القانون"، و"عدم الالتفاف على القانون باستغلال قانون منع الجرائم من قبل رجال الضابطة العدلية بالتنسيق مع الحكام الاداريين لتوقيف المواطنين لمدة أطول"، بحسب ما جاء في البيان.
وتلقي الحملة جزءا من المسؤولية على الموقوفين أنفسهم. ولذلك فإنها تقدم جملة نصائح وإرشادات قانونية، تدعو المواطنين لمعرفتها حفظا لحقوقهم في حال تعرضهم للتوقيف لأي سبب كان.
ومن أبرز تلك الإرشادات، بحسب ما جاء في البيان: "معرفة التهمة المنسوبة اليك، وأن لا تجيب عنها الا بحضور محام"، و"الا تتوقف الا بموجب مذكرة صادرة عن المدعي العام أو القاضي المختص"، و"أن تبلغ نسخة من مذكرة التوقيف"، و"الاستعانة بمحامي دفاع"، و"تقديم شكوى خطية أو شفوية الى النيابة العامة أثناء فترة التوقيف".
كما تشمل "تقديم طلب إخلاء السبيل بالكفالة، وان رفضت الطعن بالقرار الصادر بالرفض"، و"اذا تقررت براءتك وأنت موقوف، فيجب الإفراج عنك فورا"، و"الزيارة من قبل أهلك وذويك ومحاميك"، و"إن كنت اجنبيا، أن تتصل بسفارة بلدك"، و"الحصول على الغذاء والدواء"، و"إن كنت اقل من سن 18 من عمرك، فيتم الاحتفاظ بك في اماكن خاصة بتوقيف الاحداث".
كما أن "من حقك اذا كنت لا تتقن اللغة العربية، ان تطلب مترجما"، و"ان كنت من ذوي الاحتياجات الخاصة (اصم - ابكم) الاستعانة بمترجم خاص بلغة الاشارة، او طلب المساعدة القانونية عند توقيفك".
وفي النتيجة، فإن "من حقك اثناء التوقيف، أن تحاط بظروف انسانية من حيث المكان ومن حيث المعاملة".
وكان تقرير أعلنه المركز الوطني لحقوق الإنسان قبل أسابيع حول أوضاع مراكز الإصلاح والتأهيل في المملكة، قال: إن "التوسع في التوقيف الإداري يفاقم مشكلة الاكتظاظ في مراكز الإصلاح والتأهيل، ويؤدي الى مشاكل نفسية واجتماعية من الضروري تجنبها".
وسجل التقرير ارتفاعا في عدد الموقوفين قضائيا، بحيث وصل عددهم خلال زيارات فريق المركز الميدانية الفجائية وشبه الفجائية والبالغة 32 زيارة إلى 10 مراكز في 6 محافظات، 11870 موقوفاً إداريا أردنيا، ونحو 1313 موقوفا أجنبيا.
كما دعا إلى ضرورة الحد من مشاكل التبليغ بين المحاكم والسجون، وتحديد آلية واضحة مع التأكيد على تجديد مذكرات التوقيف ضمن المواعيد القانونية، وعدم اللجوء للتجديد بشكل تلقائي، وتفعيل آلية التفتيش على السجون من قبل السلطة القضائية.
وطالب التقرير بضرورة بسط الرقابة القضائية على قرارات التوقيف الإداري وصلاحيات الحكام الإداريين الضبطية، وضمان احترام القرارات القضائية والأحكام النهائية بالبراءة أو عدم المسؤولية والالتزام بها، إلى جانب الأخذ بمبدأ ملاءمة الإجراء الضبطي والخطورة الجرمية عند فرض الإقامة الجبرية من قبل الحكام الاداريين.
ودعا إلى نقل صلاحية فرض الإقامة الجبرية إلى السلطة القضائية، ورفع مظلة الحاكم الإداري عن إجراءات التحقيق التي تقوم بها الشرطة، بحيث لا يسمح بالاستمرار بحجز الأشخاص والتحقيق معهم لمدد طويلة بالاستناد لمذكرات التوقيف الصادرة عن الحكام الإداريين.
وطالب تقرير المركز بضرورة إحالة المتهمين والمشتبه بهم للادعاء العام، ضمن المدة المحددة في قانون أصول المحاكمات الجزائية، والتزام الحكام الإداريين بنص المادة (4) من قانون منع الجرائم، من حيث الإجراءات الواجب اتباعها عند اللجوء إلى التوقيف الإداري، وذلك فيما يختص بإصدار مذكرة القبض وسماع أقوال الأشخاص، ومن ثم إصدار مذكرات التوقيف الإداري، ودراسة وتحليل قانون منع الجرائم والسعي الى سرعة تعديله أو إلغائه.