على ناصية شارع يقترب من دوار فراس في جبل الحسين ثمة متسول يتفنن في استدرار عطف المارة عبر وضعه لمادة الفلفل الاسود في عينيه ليستدرج دموعا مفتعلة تعد سلاحه الاقوى لسرقة الناس بشكل علني تحت غطاء التسول .
ورغم انه ضبط اكثر من ثلاثين مرة فانه لا زال يواصل مهنته لجني قرابة المئة دينار يوميا في حين حصل في احد الايام على مئة دولار دفعة واحدة من احدى السائحات العربيات وفقا لمواطنين .
ولا تقف فنون تسوله على استخدام الفلفل بل انه يقوم ببعثرة عدد من ( باكيتات) العلكة على الارض ويبدأ بالصراخ والعويل مدعيا ان فتيانا سلبوه ما بحوزته من ( غلة ) وداسوا علكته ونثروها على الارض في مشهد يستوقف المارة من الذين لا يتوانون عن تعويضه خسارته المادية الكبيرة جراء اعتداء الفتيان المفتعل عليه .
احدى السيدات وقعت ضحية ذلك المتسول الذي يتقن فن التمثيل والتحايل واقناع المارة بانه مظلوم كما تقول , لتقوم كغيرها ممن صدقوا كذب ادعائه بالعطف عليه ومساعدته , الا انها اكتشفت حقيقة امره ما دفع اصحاب محلات تجارية قريبة من مكان وجوده لتحذيرها منه بعدم المرور ثانية امام ذلك المتسول لانه حفظ شكل وجهها ولن يتركها وشأنها لاحقا .
ويعمل المتسول المعروف باسمه الرباعي بحسب عدد من المواطنين واصحاب محلات تجارية ممن يشاهدونه يوميا ضمن شبكة محكمة التنظيم اذ يتخذ من نقطة ما كمحطة للتسول فيما يراقبه عدد من المتواطئين معه ينتشرون بمحيطه بعيدا عن اعين الناس وقريبا من تحركاته .
ويراقب هؤلاء ذلك المتسول الذي يبلغ من العمر 16 عاما ويقومون بتنسيق تمثيلية ومشهد هجوم الفتيان عليه وبعثرتهم للعلكة وسلبهم لحصيلة تسوله وكذلك يتولون مهمة ابلاغه الفوري بطريقتهم في حال شعورهم بوجود رجال امن او مسؤولي مكافحة التسول في وزارة التنمية الاجتماعية بحسب ابو احمد , احد اصحاب المحلات التجارية في جبل الحسين .
ويركن المتسول المعروف بسرعة حركته وهروبه من مكان الى آخر في منطقة جبل الحسين منذ اكثر من اثني عشر عاما بحسب ابو محمد , صاحب محل تجاري , اي منذ ان كان في الرابعة من عمره حيث كان يكتفي بالتسول كما يوضح لكنه اليوم لا يخجل من قيامه بافعال منافية للاخلاق حين يتحرش بالفتيات من خلال الفاظ نابية ويشترك بشجارات جماعية ضد غيره من المتسولين مستخدما آلات حادة او يحاول الاعتداء على من يستفزه من المارة او من يمتنع عن اعطائه المال .
ويشاطره صاحب محل مجاور لمحله الحديث عن ذلك المتسول الذي يتمركز في عدد من الاماكن منها نفق الجامعة الاردنية وجبل الحسين واصفا اياه بالمحتال الذي لا يحسب اي حساب لرجال الامن او موظفي مكافحة التسول في وزارة التنمية الاجتماعية , اذ انه يجاهر بعدم اكتراثه لهم مدعيا انهم لا يقدرون عليه وانه سيعود الى مناطقه سالما مهما كان الاجراء المتخذ بحقه .
ويضيف ان المتسول الذي اصبح جزءا من المكان لا يستخدم الفلفل الاسود فحسب بل اي مواد اخرى قد تخدم الهدف ذاته كالبصل مثلا .
ويشير الى ان ما يعرف عنه مثير وغريب , ومن ذلك ان والده يمتلك عمارة مكونة من اربعة طوابق وان اخوانه واقرباءه ممن يتقاسمون ( غلة التسول ) يقومون باستئجار سيارات سياحية فاخرة وينفقون الاموال في الترف والسهر واللهو وشراء واستبدال احدث اجهزة الهواتف الخلوية الامر الذي يؤكده مدير برنامج مكافحة التسول في وزارة التنمية الاجتماعية خالد الرواشدة .
يقول الرواشدة الى وكالة الانباء الاردنية ان هذا المتسول المعروف ورغم انه ضبط اكثر من ثلاثين مرة الا انه يعود ويمارس مهنته دون اي خوف ذلك انه استسهل العقوبة التي لا تتجاوز الضبط من خلال حملات المكافحة ثم التحويل للمراكز الامنية ومراكز التنمية الاجتماعية المعنية ثم للقضاء , فالافراج عنه بكفالة وبدفع غرامة مالية تصل الى 15 دينارا في حين يحصل هذا المتسول على حوالي مئة دينار يوميا جراء التسول مؤكدا ان الاجراءات القانونية بحق المتسولين ليست رادعة .
ولا يعمل هذا المتسول لوحده كما يوضح الرواشدة بل ان له لفيفا من اقرباء يراقبون حركته ويعملون عمل ( البودي جارد ) لحمايته واحاطته وتبليغه بوجود حملة مكافحة حيث يقومون بتطويقه وتعطيل حركة موظفي الحملة وتهريبه مشيرا الى انهم من اصحاب السوابق وهم من عائلة واحدة امتهنت التسول منذ اعوام باستخدام مختلف الاساليب وصولا الى ترويع المارة بالتلويح باستخدام الادوات الحادة كالمشارط والامواس واطلاق الالفاظ النابية والتحرش بالفتيات .
ويعترف الرواشدة ان موظفي مكافحة التسول يخشون بعض المتسولين بسبب استخدامهم للادوات الحادة مؤكدا " نحن موظفون مدنيون عزل " في مواجهة اشرار لا يأبهون لشيء وان حملات وزارة التنمية لمكافحة التسول التي تنظم بالشراكة مع مديرية الامن العام لا بد وان تعزز بمزيد من افراد الامن العام .
ويقترح لتفعيل مكافحة التسول تدخل البحث الجنائي لتحري المتسولين والتحقيق معهم اذ ينتمي اغلبهم الى عصابات تمتهن الاحتيال والنصب جهارا نهارا تحت غطاء التسول الممنوع اصلا اضافة الى سرقة حقائب السيدات والنظارات الثمينة والهواتف الخلوية .
ورغم الحملات الامنية الصباحية والمسائية المكثفة التي ينظمها قسم مكافحة التسول في قيادة امن اقليم العاصمة بالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية لتأدية الواجب على اكمل وجه, ورغم انه تم ضبط اكثر من 270 متسولا خلال الشهر الماضي الا ان المتسولين يعودون الى اماكن وجودهم دون اي خوف بسبب غياب التشريعات القانونية الرادعة بحقهم بحسب الناطق الاعلامي في مديرية الامن العام الرائد محمد الخطيب .
ويطالب بتغليظ العقوبات بحقهم وايداعهم مراكز تأهيل مخصصة لهم ليتعلموا المهن المختلفة ويعودوا مثل أي مواطن صالح في المجتمع .
ويشير الرواشدة الى تعزيز خطة وزارة التنمية الاجتماعية في مكافحة التسول خلال شهر رمضان المبارك والتي لا تنفصل عن خطة الصيف كما يقول .
وتأتي الخطة بحسب قوله في سياق التعاون مع امانة عمان الكبرى التي رفدت الوزارة بباصات تتغير كل مرة لتضليل المتسولين وتستخدم لضبطهم , وكذلك بعدد من موظفي الامانة المتخصصين بضبط الباعة المتجولين واصحاب البسطات ممن يجمعون بين التسول والبيع المتجول .
وهذا الامر يؤكده المنسق العام بين الامانة ووزارة التنمية حسين البطيخي ويقول ان التنسيق بينهما في مجال مكافحة التسول يتم على اعلى مستوى وهو امتداد لتعاون قائم منذ اعوام وتم تفعيله اكثر منذ العام الماضي .
ويشير الى دور الامانة في مكافحة التسول من خلال الاعلام اذ انها بصدد انتاج عدد من الافلام الكرتونية ذات العلاقة , ومن المتوقع ان تبث عبر وسائل الاعلام المختلفة خلال شهر تشرين الاول المقبل .
ويشاطر البطيخي الرواشدة حول اهمية الشراكة بين الجهات المعنية وضرورة تعزيز الدور الامني مؤكدا اهمية تكاتف جهود وزارتي الداخلية والعدل وكذلك استحداث تشريعات قانونية رادعة تسهم في الحد بشكل اكبر من التسول .
ويعول على دور المواطن الذي يعد شريكا في المكافحة داعيا الى الاتصال على رقم الخط الساخن المجاني الخاص بشكاوى المواطنين من المتسولين والباعة المتجولين وهو 4633812 .