في خطوة جريئة قرر أبو قاسم الخطيب أن يستبدل اللحمة الحمراء البلدية في وليمة دعا لها بعضا من أقاربه بـالدجاج بعد أن ارتفع سعرها ووصل إلى مستوى لا تتحمله ميزانيته المتواضعة لوليمة معدة لأكثر من (40) شخصا.
واعترف الرجل الستيني الذي أولم بمناسبة حصول ابنه على درجة الماجستير أنه في البداية كان مترددا ومتخوفا من ردة فعل المعازيم لحظة رؤيتهم للمنسف وقد غطته أكوام الدجاج عوضا عن اللحمة الحمراء البلدية إلا أنه وبعد أن شرح لضيوفه سبب ذلك تعاطفوا معه وقرروا مقاطعة اللحوم البلدية أيضا.
ويقول الخطيب : أعرف أنها خطوة جريئة وأن مجرد التفكير باستبدال اللحم البلدي بالدجاج في مجتمع يعتمد على المظاهر هو مغامرة بالنسبة لنا إلا أن أسعار اللحوم الحمراء البلدية لم تدع لنا خيارا وجعلتنا نسير مع حملة المقاطعة أملا منا من أن تعاود الأسعار الهبوط مرة أخرى.
وارتفعت في الآونة الأخيرة أسعار اللحوم الحمراء البلدية وتراوحت بين (8-11) دينارا في بعض المحال وهو ما أرهق جيوب المواطنين واستنزف ميزانياتهم وجعلهم ينظرون إلى اللحمة البلدية كسلعة بعيدة المنال كما جعل عددا كبيرا منهم يقاطع تلقائيا لعدم مقدرتهم على شراءها أصلا.
ومع ارتفاع الأسعار ، صار وجود اللحم البلدي على مناسف الأردنيين نادر الحدوث بخلاف ما كان من قبل حيث بدأ عدد كبير منهم باستبدال اللحوم البلدية بالمستوردة أو باللحوم البيضاء لفرق الأسعار الشاسع بينهما حيث يبلغ سعر كيلو لحم دبي المستورد ما بين (5,4-5,5) للكيلو الواحد.
ويعتبراحمد خليل ،الذي كان يقف في أحد المولات من أجل شراء لحمة دبي ،أنها أفضل بديل عن اللحوم البلدية فهي تتمتع بطعم جيد وسعر منخفض اللحوم البلدية التي لم يعد بمقدور المواطن العادي شراءها بحسب ما أفاد الشاب.
بينما يشير بهاء الدين الخلايلة أن الطبقة الوسطى ودعت اللحوم البلدية مبكرا منذ أن ارتفعت أسعارها ولم يعد بمقدوره شراءها، وقال : أنا اخطط لإقامة وليمة رمضانية لأهلي وإخواني إلا أنني أخبرتهم مسبقا أن الدجاج هو سيد المنسف هذه المرة، وأضاف ضاحكا أن اللحم البلدي بالنسبة لي أصبح شيئا من ذكريات الماضي.
واعترف الخلايلة أن سعر اللحوم البلدية الحمراء صارت حكرا على الأغنياء وذوي الدخول المرتفعة ولم يعد بمقدور ذوي الدخول المحدودة أو الطبقة الوسطى رؤيتها إلا على واجهات الملاحم فقط، متسائلا من يستطيع أن يطهو لعائلته (5) كيلو لحم بلدي تكون كلفتها عليه(45) دينارا فقط.
هذا ولم تؤد حملة مقاطعة اللحوم الحمراء البلدية التي استمرت طيلة الاسبوع الذي سبق حلول شهر رمضان إلى هبوط أسعارها على الرغم من التجاوب الذي شهدته الحملة من قبل المواطنين وانخفاض الإقبال عليها بنسب عالية وصلت الـ(40) بحسب جمعية حماية المستهلك والذي عزته الجمعية إلى قلة الكميات المعروضة بسبب الاحتكار.
وقال تجار مواشي أن قلة العرض بسبب احتكار إحدى كبريات شركات اللحوم للخراف البلدية يجعل من انخفاض سعرها أمرا مستحيلا حيث تتحكم الشركة بكمية الخراف المعروض في الأسواق.
واستبعد مربوا المواشي هبوطا قريبا في أسعار الخراف البلدي ما لم يكن هناك تدخل حكومي وذلك لاحتكاره من قبل جهة واحده هي من تتحكم بسعره ومن تتحكم بكميته أيضا وبالتالي فمهما حصل لن تخفض سعره طالما لم يكن هناك أي تدخل حكومي لإعادة الأمور لنصابها الصحيح.
وبين إبراهيم المرايات (مربي مواشي) أن أحد كبار تجار المواشي في المملكة قام بشراء كميات كبيرة جدا من الخراف البلدية واحتكرها من أجل أن يتحكم بسعرها قبل شهر رمضان المبارك.
وقال التاجر الذي يملك أكثر من (300) رأس من الماشية أن الشركة احتكرت نسبة كبيرة جدا من أمهات الخراف المملكة وبالتالي فإن حملة المقاطعة لن تسهم في تخفيض الأسعار أو ردعها بسبب امتلاكه لعدد كبير من الخراف.
واعتبر عدد من مربي المواشي أن الحل الوحيد لتخفيض أسعار اللحم البلدي هو تدخل حكومي يفرض تسعيرة موحدة لكيلو اللحم وبالتالي لن يضطر المواطنون للجوء إلى المقاطعة.
وقال شادي أبو خليل موظف حكومي و الذي كان يحمل دجاجا مجمدا بيده :كنا ننتظر قرارا حكوميا يقضي بوجوب تخفيض الأسعار إلا أنه من الواضح أن اللحوم المستوردة والدواجن ستكون ضيفة على موائدنا طوال الشهر الكريم.
وفي كلام يمني به النفس ولا يخلو من نبرة السخرية، قال الرجل وهو ينظر لأبنائه الثلاثة ضاحكا : الجاج طعمه طيب واللحم البلدي مو أحسن منه بإشي. الرأي