تحقيق: مصعب الشوابكة
- أكثر من 100 شكوى على تسعيرة مستشفيات خاصة حفظ أكثر من 60 % منها..وأقصى عقوبات الوزارة ”إعادة المبلغ الزائدة”. - فروق في فاتورة أحد المرضى العرب يزيد عن 30 ألف دينار.. - في رصد ل 21 مستشفى خاصة لا يلتزم أي منها بتعليق لوائح الأجور والرقابة غائبة، حتى تاريخ اعداد هذا التحقيق. - استطلاع رأي: 52 % من المرضى يرون بأن بعض المستشفيات الخاصة تبالغ في تكلفة علاجهم. تصبح المصيبة اثنتين، حين يُوقع بك المرضُ في براثن الاقتراض؛ كما حصل مع أسرة عماد، الشاب العشريني عراقي الجنسية، إذ وصل بهم الحال لعرض منزلهم للبيع، لاستكمال تكلفة علاج فلذة الكبد الذي طَرحُه مرض السرطان الخبيث على أسرة عدة مستشفيات خاصة في عمان. تكلفة علاج عماد لم تسلم من الاستغلال، كما تُبين لنا الفواتير التفصيلية التي زودنا بها شقيقه زياد؛ إذ تجاوزت 20 ألف دينار خلال شهر تقريبا في مستشفى الخالدي فقط. فكشف حساب أسعار الأدوية التي تلقاها عماد في المستشفى والبالغ أكثر من 11 ألف دينار، يزيد بمقدار، 2024 دينار عن السعر المقرر من قبل المؤسسة العامة الغذاء والدواء. المدير الطبي لمستشفى الخالدي الدكتور جمال الأحمد، وبحضور المدير العام وليد الخالدي، يبرر تلك الزيادة، بإجازة وزير الصحة السابق طارق السحيمات للمستشفى عام 2000 ، إضافة 100 % على أسعار الأدوية، وفق كتاب رسمي، لم يطلعنا عليه. غير أن وزارة الصحة وعلى لسان الناطق الإعلامي حاتم الازرعي نفت وجود مثل هذا الكتاب، مؤكدة أن أسعار الدواء في المملكة موحدة للجميع وفق القانون. وفي المقابل، تكشف لائحة الأسعار المعتمدة من قبل وزارة الصحة لمستشفى الخالدي عام 2009 أن على المستشفى المذكور “تقاضي سعر الدواء الرسمي مضافا إليه 20%، أي وفق تسعيرة مؤسسة الغذاء والدواء. يتعجب شقيق الشاب العراقي، كيف حمّلهم المستشفى أيضا، ما قيمته 1200دينار كأسعار لخدمات قدمها “مركز عافية” التابع للمستشفى الخالدي، قائلا: “لم ينزل عماد من الغرف … ولم يزر مركز عافية …ولا غرفة الطوارئ”. يُسعر الدواء في المملكة الأردنية الهاشمية وفق قانون الدواء والصيدلة المؤقت رقم (80) لسنة 2001، حيث ينص على وجوب تقيد الصيدليات والمستشفيات الخاصة بهذه التسعيرة الموحدة. لكن فاتورة عماد، التي حصلنا على نسخة منها، تحتوي على أجور إسعاف بقيمة 94.50 دينار، وأجور غرفة الطوارئ بـ 54 دينار. “ليس كل ما يقوله المريض صحيحا”، هكذا يرد مدير عام المستشفى وليد الخالدي، “رَكّبَنا لعماد ((اكمى لاين)) (أنبوبة صغيرة لتزويد المريض بالأدوية والمكمل الغذائي) في غرفة الطوارئ، وسيارة الإسعاف كانت تنقل له الدم، كما عمل مركز عافية على معالجة الدم لتزويد المريض به، وأن جميع الإجراءات صحيحة من الناحية المالية والفنية” على ما يضيف الخالدي. العراقي عماد، ليس المتضرر الوحيد لاستغلال بعض المستشفيات الخاصة، فقد توصل استطلاع رأي علمي مُحَكم من قبل أستاذين جامعيين أُعد لصالح التحقيق إلى أن 52 % من المرضى يرون بأن بعض المستشفيات الخاصة تبالغ في تكلفة علاجهم. (جانبا تفاصيل الاستبانة) نتائج استطلاع رأي علمي مُحَكم من قبل أستاذين جامعيين (د.وليد الخطيب من مركز الدراسات الإستراتيجية/ الجامعة الأردنية، ود.باجس علوان المتخصص في استطلاع الرأي) أُعد لصالح التحقيق، ووزع على 300 مريض (داخلي/ عيادات) مقسمين إلى 200 مريض أردني و100 مريض من جنسيات عربية، في تسع مستشفيات خاصة بعمان (الخالدي/الأردن/ التخصصي/ الإسلامي/ الأمل/ فرح/ الإسراء/ الاستشاري/ فلسطين)، أفادت بأن 52 % من المرضى يرون أن المستشفيات الخاصة والأطباء يبالغون في تسعيرة العلاج. ويرى 49 % من المرضى أن الخدمات الطبية المقدمة لا تتناسب مع الثمن المدفوع مقابلها. السعودي الثلاثيني بندر، لم يدر بخدله أن الموت سيقطف روحه وهو مستلق على سريره بعد رحلة علاج استمرت ثمانية اشهر، في أروقة مستشفى أبن الهيثم، الذي دخله أثر حادث سير بداية عام العراقي عماد، ليس المتضرر الوحيد لاستغلال بعض المستشفيات الخاصة، فقد توصل استطلاع رأي علمي مُحَكم من قبل أستاذين جامعيين أُعد لصالح التحقيق إلى أن 52 % من المرضى يرون بأن بعض المستشفيات الخاصة تبالغ في تكلفة علاجهم. (جانبا تفاصيل الاستبانة) السعودي الثلاثيني بندر، لم يدر بخدله أن الموت سيقطف روحه وهو مستلق على سريره بعد رحلة علاج استمرت ثمانية اشهر، في أروقة مستشفى أبن الهيثم، الذي دخله أثر حادث سير بداية عام 2009. تكلفة علاج بندر، كانت مثار استياء السفارة السعودية في عمان، ما دفعها للشكوى لدى وزارة الصحة الأردنية، احتجاجاً على ارتفاع فاتورة علاج مواطنها. يفيد سجل الشكاوى في الوزارة عن تفاصيل هذه الحالة، أن فريق الوزارة زار المستشفى وأجرى دراسة للملف، أقر على أثرها بوجود “زيادة عن لائحة الأجور المعتمدة من الوزارة، بقيمة 38 ألف و814 دينار، و اكتفى بتوجيه المستشفى لإعادة المبلغ دون أي عقاب. خاطبنا مستشفى أبن الهيثم عبر الفاكس، إضافة إلى زياراتنا واتصالاتنا المتعددة لاطلاعنا على تفاصيل فاتورة بندر؛ وأخذ رد المستشفى لكنه لم يستجب لطلبنا. بلغ حجم العمل؛ في مستشفيات القطاع الخاص (عَددها 61 مستشفى)، عام 2011 قرابة 290 ألف حالة دخول، فيما بلغ عدد مراجعات عيادات الاختصاص فيها 839 ألف مراجع، كما أجريت داخلها أزيد من 130 ألف عملية جراحية، إضافة إلى أكثر من 54 ألف حالة ولادة. يكشف هذا التحقيق، الذي ينشر على جزئين، وعبر رحلة بحث وتقصي في أروقة (22) مستشفى خاص، باستخدام الكاميرا المخفية، إضافة إلى مراجعة عشرات التقارير الصادرة عن وزارة الصحة واللقاءات مع مسؤولين في القطاع الطبي، استمرت نحو عام، كيف يشجع غياب الرقابة الفاعلة من قبل وزارة الصحة للمستشفيات الخاصة على عدم التزام الأخيرة بلوائح الأجور المعتمدة من الوزارة، فضلا عن إجرائها فحوص طبية، مخبرية وإشعاعية، مداخلات جراحية وصرف أدوية، قد لا يحتاجها المرضى، لتعظيم الأرباح، ما يضر بالمريض مادياً وصحياً، والذي من شأنه أن يزعزع الثقة بالقطاع الطبي ويمس بسمعة السياحة العلاجية في البلاد. فاتورة إحدى المريضات..”أتعاب متفرقة” بأكثر من 13 ألف دينار الغريب في فاتورة المريضة الخمسينية نبيلة التي دخلت المستشفى الإسلامي في عمان في نيسان/ إبريل 2012، لإجراء عملية لتحويل سائل الدماغ الشوكي، أنها تحتوي على بند سمته الفاتورة “أتعاب متفرقة” بلغت قيمته نحو 14 ألف دينار من إجمالي الفاتورة المقدرة بـ 18 ألف دينار. قابلنا مدير عام المستشفى الدكتور سمير الكايد الذي علق مازحاً “أنها مش سلبطة”، وطلبنا منه كشفا تفصيليا لهذه الأتعاب، غير أن الكشف الذي زودنا به لم يوضح شيئا سوى أن هذا المبلغ “فرق أتعاب طبيب / مدينة الحسين الطبية” فقط. وبمقارنة كاتب التحقيق لفاتورة نبيلة مع لائحة أسعار الإقامة والخدمات الطبية للمستشفى، المعتمدة من وزارة الصحة، وَجد أن فرق الإقامة في العناية المركزة/ الحثيثة الوارد في الفاتورة بقيمة 1320 دينارا يزيد عن تسعيرة الوزارة بمقدار 288 دينارا، إذ تبلغ تكلفة هذه الإقامة وفقَ لائحة الأسعار المعتمدة 1032 دينارا. حتى سيارة الإسعاف التي نقلت نبيلة من المطار لم تسلم من زيادة في سعر خدمتها، إذ بلغت الزيارة 22 دينارا خلافا للائحة أسعار المستشفى المعتمدة من وزارة الصحة المقدرة بـ100 دينار، رغم كل ذلك لم تتقدم نبيلة أو أي من ذويها بشكوى لوزارة الصحة. شكوك المريضة الخمسينية فطيمة في قرار طبيبها المعالج في مشفى الإسراء إجراء عملية جراحية لإزالة غضروف في عنقها- تصل كلفتها ل2000 دينار(2.800 دولار) في حال لم تحصل أي مضاعفات- دفعها لمراجعة ثلاثة أطباء اختصاص من خارج المستشفى. الأطباء الثلاثة، أفادوها بعدم الحاجة لإجراء العملية بعد اطلاعهم على التقارير الطبية والصور الإشعاعية. بحسب فطيمة. ” إطار خريطة تفاعلية توضح جميع الشكاوى على المستشفيات لآخر 5 سنوات وفق سجلات وزارة الصحة” مدير عام المستشفى الدكتور سمير الكايد، أصر أن المستشفى ملتزم بلائحة الأسعار المعتمدة للوزارة، وان مشفاه خيري ولا يسعى لكسب أرباح. لم يكن مستشفى الأمل بعيداً عن سابقه. فمقارنة كاتب التحقيق للائحة أجور الإقامة والخدمات الطبية المعتمدة من قبل وزارة الصحة وتلك التي يعتمدها المشفى، تكشف عن فرق يتراوح بين 5-15 دينارا في كل بند. لوائح الأسعار مغيبة مسح ميداني وثقته الكاميرا السرية لـ 22 مستشفى خاص في الأردن من أصل 61 مستشفى (بنسبة 36%)، زارها كاتب التحقيق وتجول في إرجاءها، اظهر غياب لائحة الأسعار المصدقة والمعتمدة من الوزارة عن جدرانها. المادة 39 من نظام المستشفيات الخاصة المعدل رقم 9 لسنة 1994 تنص على أن “يحدد كل مستشفى بالتنسيق مع الوزير أو من يفوضه لهذا الغرض أجور الإقامة والخدمات والمعالجة فيه باستثناء أجور الأطباء ويعلن عنها بلوائح مطبوعة ومصدقة من الوزارة تعلق في أمكنة بارزة في المستشفى بحيث يتمكن الأطباء والمرضى والمراجعون من الاطلاع عليه وعلى المستشفى التقيد بتلك الأجور” . ويعلق وزير الصحة د.عبد اللطيف الوريكات على ذلك بالقول: “إن المستشفيات الخاصة تبرز هذه اللوائح عندما يزورها مراقبو الوزارة فقط، هناك تجاوزات، لكن الوزارة بحاجة إلى أدلة لمحاسبة المخالفين”. بحسب رئيس جمعية المستشفيات الخاصة ومدير عام مستشفى التخصصي الدكتور فوزي الحموري، “لائحة الأجور متاحة لأي مريض يطلبها، وهي عبارة عن عشرات الصفحات لا نستطيع أن تعلقها على الحائط، مردفاً أن المريض عندما يدخل يوقع على سند إدخال يوضح تكلفة معالجته”. لكن ولدى سؤالنا، إدارة وبعض موظفي مستشفى عمان الجراحي عن لائحة أجوره، أكد لنا أنها أسرار مستشفى وغير مخولين بمنحها لنا. وهو ذات الرد الذي تلقيناه من مستشفىي عاقلة والشريف للعيون. فواتير مبهمة حصلنا على 27 فاتورة طبية لمرضى تلقوا العلاج في ثمانية مستشفيات خاصة، كانت 25 منها تبرز القيمة النهائية المطلوبة دون ذكر التفصيلات. ويجمع 10 مرضى قابلناهم، على صعوبة حصولهم على فاتورة تفصيلية، لما تطالبهم به المستشفيات الخاصة من أثمان الطبابة، والخدمات الطبية الأخرى. حتى السفارة اليمنية لم تسلم من التعجيز في طلبها لتفاصيل الفاتورة وفق ما يعلّق، المستشار الطبي في السفارة اليمنية د. عبد الوهاب العلفي، بالقول: “الأمور يجب أن تكون أكثر شفافية ووضوحا، فالفواتير مبهمة بدون تفصيل، وتلبية بعض المستشفيات لطلبنا بتفاصيل الفاتورة يحتاج من 3-4 ساعات”. من جانبه، يُبَرر المدير الطبي في مستشفى الخالدي جمال الأحمد ذلك بالقول: “إن المريض الذي يحتاج إلى فاتورة تفصيلية عليه أن يتواصل مع المدير الإداري أو مع المدير الطبي، ليكونا على إطلاع بطلبه، لغايات ضبط الجودة لا أكثر”. رقابة متهالكة يطالب وزير الصحة الأسبق د. زيد حمزة وزارة الصحة “بتفعيل الرقابة أكثر واتخاذ اجراءات عقابية صارمة بحق المخالفين، لان مشكلة استغلال المرضى ليست طارئة”. في المقابل، ينفي وزير الصحة الحالي د. عبد اللطيف الوريكات ضعف دور وزارته، مؤكداً على إمكانياتها في إيقاف إي طبيب، وإغلاق أي مستشفى مخالف. لكن، مراجعة كاتب التحقيق للعقوبات التي اتخذتها وزارة الصحة خلال الأعوام 2008-2012 بحق المستشفيات الخاصة، تبين أن الوزارة لم تعاقب أي مستشفى لمخالفته للائحة الأسعار المعتمدة، بل اكتفت بالطلب بإعادة المبالغ الزائد، من المستشفيات التي رَصدت فيها مخالفات للائحة الأجور بناءً على شكاوى، وعددها 47 شكوى من أصل 167 الشكاوى في نفس الفترة. لدى تدقيقنا، في سجل الشكاوى الخاص بوزارة الصحة، تبن لنا أن 23 حالة تم إعادة المبالغ الزائدة لها، من أصل 47 طالبت الوزارة المستشفيات بإعادتها، في حين لم يتسن لنا التأكد فيما إذا استجابت المستشفيات لطلب الوزارة بخصوص الشكاوى 24 المتبيقية. لا يوجد نص قانوني واضح يجرم المستشفيات الخاصة التي تلتزم بأسعار وأجور الخدمات الطبية، غير أن قانون الصحة العامة رقم 47 لعام 2008 أجاز للوزير إغلاق المستشفى أو المركز الطبي، كلياً أو جزئياً إذا لم يصوب أوضعه، بعد إخطاره بضرورة إزالة المخالفة ضمن المدة التي يحددها الإخطار. نتائج استطلاعنا؛ تفيد أن 44.1 % من المرضى لا يشعرون بالرقابة الكافية على الخدمات الصحية والطبية المقدمة في الأردن. يقول الخبير في المسؤولية الطبية الدكتور محمد شريم” الجسم الطبي بكل مؤسساته لا يوجد لديه خطة إستراتيجية للتعامل مع مشكلة استغلال المرضى والأخطاء الطبية، وهذا يؤكد أن الخطة الرقابية غير موجودة”. 23% من إجمالي الشكاوى في خمس سنوات تتعلق بمخالفة التسعيرة. وبحسب أرقام الوزارة، تتزايد شكاوى المرضى الأردنيين على المستشفيات الخاصة في آخر خمس سنوات بشكل ملحوظ، لمخالفتها لائحة الأسعار والأجور، إذ بلغت 104 شكاوى آخر خمس سنوات، تصدّر عام 2011 المرتبة الأولى في عددها، إذ بلغت 32 شكوى. إجراءات وزارة الصحة إزاء هذه الشكوى، كانت حفظ 64 شكوى لسلامة الإجراءات من أصل 104 شكاوى بنسبة وصلت 61.5 %، أقرت الوزارة بوجود زيادة عن التسعيرة المعتمدة ل24 شكوى بنسبة 23 %، فيما يبلغ عدد الشكاوى التي رفع أصحابها قضايا أمام القضاء ب12 شكوى. الشكاوى كانت من نصيب 38 مستشفى خاص من أصل 61 مستشفى تعمل في جميع مناطق المملكة، أي ما يزيد 50%منها، الشكاوى التي أقرت الوزارة بوجود زيادة فيها عن التسعيرة المعتمدة، خاطبت بخصوصها المستشفيات بإعادة المبالغ الزائدة، والتي تراوحت هذه المبالغ بين 100 دينار و3367 دينار. ثقافة الشكوى واهنة قلة شكوى المرضى العرب، مبررة وفق قول وزير الصحة الأسبق الدكتور نايف الفايز: “فالمريض العربي ليس لديه الوقت والرغبة والعزم على تقديم شكوى أو التظلم لوزارة الصحة أو المحاكم”، مؤكداً أن الاستغلال يطال المريض الأردني والعربي معاً. نتائج استطلاع علمي مُحكم (الإطار في الأعلى) أجري لمصلحة التحقيق، تفيد بأن 4.2 % من المرضى فقط يتقدمون بشكاوى بسبب الممارسات السيئة من قبل بعض المستشفيات. يربط وزير الصحة الأسبق الدكتور زيد حمزة قلة الشكوى بوعي الناس، بخاصة في ظل عدم ترسخ ثقافة الشكوى بشكل جيد، مطالبا المتضررين باللجوء إلى القضاء. بينما يُسجل وزير الصحة الحالي د.عبد اللطيف الوريكات عتبه على المرضى لعدم تقدمهم بشكوى بحجة “ما بدي اقطع أرزاق الناس”، مطالبا المرضى بتقديم شكوى من أجل اتخاذ إجراءات صارم بحق المخالفين سواء من المستشفيات الخاصة أو الأطباء. المرضى العرب استغلال يصل لـ 60 % من قيمة الفاتورة تقدمنا بطلب لوزارة الصحة للحصول على عدد ومحتوى الشكاوى المقدمة من مرضى وسفارات عربية خلال السنوات الخمسة الماضية لديها، إلا أنها لم تجبنا خلال المدة القانونية، ما دفعنا للتظلم لمجلس المعلومات، الذي قرر وجوب إعطائنا المعلومات التي طلبناها، نظرا لمخالفتها لقانون ضمان حق الحصول على المعلومات. حصلنا بعد أربعة أشهر من المراوحة مع وزارة الصحة، على ما طلبناه. فوجدنا أن مجموع شكاوى السفارات والمرضى العرب على المستشفيات الخاصة، وفق رد الوزارة، 63 اعتراضا على أسعار الخدمات الطبية خلال الفترة الواقعة بين عامي 2008-2012. مظهرة تزايدا ملحوظا. وصل لـ 14 شكوى حتى منتصف عام 2012 و23 شكوى عام 2011، مقارنة بـ 4 شكاوى كانت في عام 2008. تصدرت ليبيا المركز الأول في عدد الشكاوى البالغة 14 شكوى خلال السنوات الخمس الماضية، تلتها اليمن ب12 شكوى، ثم السعودية بـ 11 شكوى، فالسودان 9 شكاوى والعراق 7. في المقابل تباينت إجراءات وزارة الصحة حيال هذه الشكاوى بين إعادة المبلغ الزائدة عن التسعيرة ل23 شكوى من أصل 63، تلتها 14شكوى قيد الإجراء، و11 تم تحويلها إلى نقابة الأطباء، و9 شكاوى حفظت، و4 منظورة أمام القضاء، و قضيتين تم تسويتهما مع المشتكين. تراوحت الزيادة للشكاوى 23 الخاصة بالسفارات والمرضى العرب، والتي فَصلت بها وزارة الصحة بين 100 دينار و 39 ألف دينار، في حين بلغت الزيادة في بعض الفواتير 60 % من أجمالي المبلغ. يبلغ عدد المرضى العرب بحسب جمعية المستشفيات الخاصة 234 ألف مريض (إدخال/عيادات) لعام 2010، بنسبة 23 % من مجموع عدد المرضى الذين قُدمت لهم الخدمات العلاجية في المملكة. في المقابل، برّرَ المدير الطبي لمستشفى الخالدي جمال الأحمد زيادة الأسعار على المرضى الأجانب؛ من منطلق المعاملة بالمثل قائلا “كل المستشفيات الخاصة ..تعامل المرضى الأجانب بشكل مختلف عن الأردني بزيادة تتراوح بين 20%- 30% وان مستشفى الخالدي يزيد بحدود 25 % على المريض الأجنبي”. بدوره، يقول رئيس جمعية المستشفيات الخاصة د. فوزي الحموري : ” الكمال لله؛ ففي كل قطاع هناك تجاوزات، وفي قطاع المستشفيات الخاصة محدودة جدا، ولا ترقى قضية استغلال المرضى إلى ظاهرة ممكن أن نتفاعل معها”. زعماء عرب وسفارات تشتكي المستشار الطبي في السفارة اليمنية في عمان، الدكتور عبد الوهاب العلفي يؤكد وجود استغلال للمرضى اليمنيين في الأردن، من قبل بعض المستشفيات الخاصة والأطباء، “فالمريض اليمني يفاجأ بتكلفة العلاج الباهظة في الأردن”، مطالبا بأن “يُبلغ المريض بالتكاليف والأسعار قبل الشروع في علاجه”. السفارة الأردنية في الخرطوم تلقت العديد من شكاوى لمرضى سودانيين تركز على المبالغ المرتفعة التي تتقاضاها المستشفيات الخاصة، بحسب للسفير الأردني الأسبق في الخرطوم منذر قباعة. إضافة إلى أن العديد من الصحف السودانية كانت تنشر تحقيقات صحفية تتضمن شكوى استغلال بعض المستشفيات الأردنية الخاصة للمرضى السودانيين، بحسبه. كما أكد لنا وزير الصحة الأسبق د. نايف الفايز، في مقابلة مصورة تصريحا سابقا له، خلال افتتاحه لجمعية المستشفيات الخاصة، قال فيه : أن زعماء عرب اشتكوا للملك عبد الله الثاني استغلال مرضاهم في الأردن. في حين، يرجع دبلوماسي أردني رفيع المستوى – طلب عدم ذكر اسمه- أسباب ارتفاع قيمة المطالبات المالية لبعض المستشفيات الأردنية الخاصة، بان تلك المستشفيات تدفع عمولات لأكثر من طرف بداً من ( السمسار ) الموجود في البلد العربي الذي ينتمي إليه المريض، وانتهاءً ببعض العاملين بسفارات الدول المعنية والمعتمدة في الأردن وهذا يشكل عبئ مادي يضاف إلى قيمة الفاتورة النهائية التي يدفعها المريض ( الغلبان). استغلال المرضى الليبيين وجوه الاستغلال التي يتعرض لها بعض المرضى العرب كانت حديث الساعة بعد زيارة وزيرة الصحة الليبية د. فاطمة الحورش، للبلاد في منتصف آذار/مارس 2012. إذ وصفت في تصريحات لليونايتد برس إنترناشونال؛ تكلفة علاج المرضى الليبيين في الأردن “بالخيالية”، تجاوزت 90 مليون دولار مؤكدة وجود ما وصفته بالفساد المالي في هذا الملف، وان وزارتها لم ترسل سوى 300 لبيبي وليبية للعلاج في الخارج وأن تكلفة علاجهم تجاوزت 90 مليون دولار. إلا أن رئيس جمعية المستشفيات الخاصة السابق عوني البشير، أكد لنا أن عدد المرضى الليبيين الذي تم علاجهم في الأردن منذ انطلاق الثورة الليبية بلغ 70 ألف مريض. كاتب التحقيق، اتصل بوزارة الصحة الليبية والسفارة الليبية في عمان أكثر من مرة، وراسلهما عبر الفاكس أيضا، لكنه لم يفلح في الحصول على رد. في المقابل، أقر لنا وزير الصحة الأردني الحالي د.عبد اللطيف وريكات، وجود استغلال وسمسرة في علاج المرضى اللبيبين من قبل الجانبين الليبي والأردني، مؤكدا أن وزارته كانت تراقب الوضع من بعيد، قائلا “خلينا نشوف وين بتصل الأمور” . إجابة وزارة الصحة غير واضحة، إزاء دورها في حماية المرضى الليبيين من الاستغلال، سوى تهديد الوزير بممارسة صلاحياته، ومطالبتهِ الجانب الليبي بمخاطبةِ الوزارة في حال أردوا معرفة القيمة الحقيقية لعلاج مرضاهم. من جهته، يرد رئيس جمعية المستشفيات الخاصة آنذاك د.عوني البشير بالقول “عندما يقول وزير الصحة أن هناك فساد في معالجة الليبيين يكون هو المسؤول أيضا عن هذا الفساد، لأنه لم يطبق القانون؛ ولم يمارس صلاحياته”. غير أننا اكتشفنا أن البشير نفسه، كان قد أرسل كتابا رسميا لوزارة الصحة يؤكد فيه تعرض مرضى ليبيين للاستغلال والسمسرة في بعض المستشفيات الخاصة ، وتدخل وسطاء لتوزيع المرضى الليبيين على مستشفيات الخاصة بعينها مقابل عمولات تصل إلى 20 % على الحالة المرضية الوحدة، بحسب الكتاب الذي حصلنا على نسخة منه. ولكن البشير يصر على أن هذا الكتاب مزور، مضيفا أن جمعية المستشفيات الخاصة غير مسؤولة عنه، كما بعث برسالة للسفير الليبي في عمان حصلنا على نسخة منها، يؤكد فيها أن الكتاب لم يصدر من طرف الجمعية البتة. سكوب : 75 % من فواتير المرضى الليبيين الصادرة عن المشافي الخاصة منضبطة بلوائح الأجور شركة سكوب للتدقيق، المكلفة بتدقيق الفواتير الخاصة بعلاج المرضى الليبيين في الأردن، تؤكد على لسان مساعد مديرها العام د. رانيه شواهين، أن مطالبات المستشفيات الخاصة من الليبيين في المرحلة الأولى كانت 30 مليون دينار أردني، أجازت منها الشركة 25 مليون للصرف، فيما تتوقع أن يجاز 60 مليون فقط من أصل 70 مليون دينار إجمالي ما تطالبه المستشفيات الخاصة من الجانب الليبي، والمتمثل بالمكتب الصحي الليبي فقط؛ متوقعة أن يبلغ الحسم 10 مليون من إجمالي تكلفة علاج الليبيين. عدد الفواتير الخاصة بالمرضى الليبيين لم يتجاوز 150 ألف فاتورة، كانت منضبطة بنسبة 75 % بشكل عام، أما الفواتير غير المنضبطة بالتسعيرة فنحو 50 % منها كانت بسبب عدم إطلاع الأطباء على لائحة الأجور الطبية الخاصة بأتعابهم. وفق ما توضح شواهين. تتابع قائلة، لا يوجد مستشفى خاص دَققت عليه شركة سكوب إلا وتم إرجاع فواتير له، عازية ذلك باستعجال المستشفيات الخاصة بتصدير فواتيرها لشركة تحت ضغط العمل. الليبيون و أوراق “العطوفة” الليبية الستينية أم احمد، تصرخ بأعلى صوتها داخل أروقة مستشفى الإسراء هناك أوراق عطوفة تباع بـ100 و150 دينارا، من قبل أردنيين في بعض الفنادق وسيارات التكسي. تعرفنا على أم احمد أمام مكاتب البعثة الليبية في مستشفى الإسراء، وأخبرتنا أنها تنظر منذ عشرة أيام الحصول على ورقة عطوفة للعلاج عن مرض أعصاب يفقدها السيطرة على حركتها، شارحة لنا عدم قدرتها المالية على شراء هذا الورقة للعلاج. أم احمد ليست الوحيدة التي تنظر الحصول على ورقة العطوفة التي تباع وتزور في السوق السوادء، بل كان هناك عشرات المرضى الليبيين ينتظرون هذه الورقة للعلاج أو الرجوع إلى لليبية “بخُفي حُنين”. صندوق التأمين الصحي لم يسلم أيضا أوراق العطوفة، كما يطلق عليها المرضى الليبيين، هي الورقة المعتمدة من اللجنة الليبية، وتفيد بان حاملها يستطيع العلاج على نفقة المجلس الوطني الانتقالي. لم ينكر مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام في مستشفى الإسراء جميل أبو عزام، وجود أوراق عطوفة مزورة، مقراً أنه ضبط أوراق مزورة من المرضى أنفسهم، يكونوا قد غيروا تخصص العلاج، مثلا من مسالك إلى أعصاب، “والأطباء في اللجنة الليبية قاموا بالتصديق عليها بالختم والتوقيع”، بحسبه. بدورنا، حصلنا على ثلاثة نسخ من تلك الأوراق المزورة من مرضى، حيث يقوم بعض الليبين بتزويرها وتصويرها لدى إحدى المكتبات في شارع الجامعة الأردنية، على ما أفادنا صاحب المكتبة نفسه. شركة سكوب للتدقيق مرتبطة بعقد مع المكتب الصحي الليبي وهيئة رعاية شؤون الجرحى. لم تنف هذه الشركة وجود أوراق عطوفة مزورة، وقد أطلعها المكتب الصحي الليبي على كيفية التمييز بين الأوراق المزورة وغير المزورة، بحسب مساعد مدير عام الشركة الدكتورة رانيه شواهين. استياء المرضى من بعض المستشفيات الخاصة ينعكس على الأردن نتائج استطلاعنا العلمي (الإطار في الأعلى)، أفادت أن 27.6% من المرضى الاردنيين و العرب لا ينصحون بالعلاج في الأردن بسبب الممارسات السيئة من قبل بعض المستشفيات الخاصة، مقابل 55.5% ينصحون المرضى بالعلاج في الأردن. في حين يرفض 17.3% من المرضى العرب وفق الاستطلاع، العودة إلى الأردن للعلاج إذا احتاجوا لإجراءات طبية لاحقة، فيما يؤيد 19.8% العودة للأردن بغرض العلاج. في حين لم يحدد62.9% موقفا من ذلك. يرى رئيس جمعية المستشفيات الخاصة د. فوزي الحموري، أن نتائج هذه الاستبانة “غير دقيقة”، مؤكدا أن المستشفيات الخاصة تقوم بعمل استبيانات يومية على المرضى الأردنيين والعرب، ونسبة الرضا أكثر من 90%. في ظل إصرار الجهات المسؤولة على التقليل من حجم المشكلة، وتبرير ضعف رقابتهم، يبقى عماد وزملائه المرضى يسبحون في وحل من الاستغلال والجشع يفقدهم ما تبقى في جيوبهم. الشكل (1) يوضح عدد شكاوى المرضى حسب الجنسية. الشكل (2) يوضح إجراءات وزارة الصحة على شكاوى المرضى العرب الشكل (3) يوضح عدد شكوى المرضى الأردنيين لدى وزارة الصحة، لأخر خمس سنوات الشكل (4) يوضح إجراءات وزارة الصحة على شكاوى المرضى العرب أنجز هذا التحقيق بدعم وإشراف شبكة أريج، وإعداد الوحدة الاستقصائية في راديو البلد.
“هناك قصص مخزية عن استغلال مرضى، فالمرضى العرب ليسوا وحدهم من يقعون ضحية الاستغلال، الحكومة تتقع ضحية الاستغلال من قبل بعض المستشفيات الخاصة، لأنها تؤمن بعض موظفيها في هذه المستشفيات وفق عقود، والتامين الصحي من جانبه اكتشف فواتير لا حصر لها تجتاز الخطوط الحمراء، فالفاتورة التي تبلغ قيمتها 5 ألاف أصبحت 30 ألف، وعلى الهاتف تنزل قيمة فاتورة أخرى من 80 ألف دينار إلى 30 ألف دينار”، بحسب وزير الصحة السابق زيد حمزة.
من جانبه، لم ينفي وزير الصحة الحالي د. عبد اللطيف الوريكات وجود ما وصفه “بالتعد على صندوق التامين الصحي من بعض المستشفيات الخاصة”، مؤكدا أن الوزارة حولت ملفات التجاوزات على الصندوق لهيئة مكافحة الفساد لدراسته.