صحيفة العرّاب

خبراء: الدين العام يعكس محاولة الحكومة تغطية عجز الموازنة بالاقتراض

يعكس ارتفاع حجم المديونية الداخلية والخارجية خلال الفترة الماضية، محاولة حكومية لتغطية عجز الموازنة العامة بواسطة الدين، الأمر الذي يؤثر على تقييم الملاءة المالية للأردن وسحب السيولة المحلية، كما يؤكد خبراء.

 ورأى آخرون أن ارتفاع المديونية يؤشر على خلل بالاقتصاد، نتيجة عدم التوازن بين الإيرادات والنفقات، في ظل انفاق الحكومة بأكثر من الموارد المتوفرة.
 
وكان حجم الدين العام قد بلغ حتى شهر أيار(مايو) الماضي، ما قيمته 9.7 بليون دينار، يتركز معظمه في جانب الدين الداخلي، ويصل مقداره 6.23 بليون دينار، ودين خارجي تبلغ قيمته 3.54 بليون دينار.
 
وزير الاقتصاد الأسبق، سامر الطويل، قال إن الزيادة بحجم المديونية متوقع في ظل ارتفاع عجز الموازنة العامة، حيث يتم تغطية العجز من الاقتراض الداخلي والخارجي.
 
وأكد الطويل أن ارتفاع حجم المديونية سيؤثر بشكل سلبي على تقييم الملاءة المالية للأردن، وزيادة جميع المخاطر المالية، في وقت ترتفع فيه المخاطر التي ترتبط بارتفاع المديونية الخارجية لعدم قدرة الحكومة على الإقتراض من الخارج.
 
وأضاف أن اضطرار الحكومة للإقتراض من البنوك المحلية يؤدي إلى سحب جزء من السيولة المتاحة من الجهاز المصرفي، ما ينعكس على قدرة ورغبة الجهاز المصرفي على إقراض القطاع الخاص، ويؤثر سلباً على الاستثمار والنمو.
 
وارتفعت قيمة الدين العام حتى الربع الأول من العام الحالي لتبلغ 9.58 بليون دينار، صعوداً من 7.59 بليون دينار خلال هذه الفترة من العام 2008 بنسبة زيادة 26%، وهو معدل مرتفع جداً مقارنة مع خطط الحكومة في تخفيض حجم الدين.
 
وقال خبير اقتصادي، طلب عدم ذكر اسمه، إنه كلما زاد العجز في الموازنة العامة للدولة، زادت فرص تغطية العجز من خلال المديونية سواء الخارجية أو الداخلية، بينما ارتفعت المديونية الداخلية في الفترة الأخيرة على حساب المديونية الخارجية وتسديد العجز.    
 
 وبين المصدر أن زيادة مديونية الدول بخاصة الخارجية منها، زاد ما يسمى بالـ Country Risk بمقاييس متعارف عليها دولياً؛ إذ كلما زادت المخاطر بالنسبة للدولة أثر ذلك سلباً على الاستثمار. وارتفعت قيمة الدين بمقدار 2 بليون دينار خلال عام واحد، فيما تأتي الزيادة بعد صفقة الأردن مع نادي باريس، حينما اشترى ما مجموعه 2.4 بليون دولار ودفع نحو 2.1 بليون دولار، منها 1.2 بليون دينار من عوائد التخاصية ونصف بليون دينار من عوائد الاستثمارات.           
 
وذكر المصدر أنه طالما كانت الاحتياطيات المتوفرة في البنك المركزي عالية سيكون تأثير الاستدانة من الخارج قليل، في حين لا بد من معرفة مكونات هذه الاحتياطيات، إذا كانت ناتجة عن نمو اقتصادي.        
 
ولفت أنه في حال ثبات الاحتياطيات عند نسب معينة، كلما كان ذلك مطمئناً للجهات الأجنبية، إذ إن من المهم نمو الاحتياطيات نتيجة زيادة الصادرات، بدلاً من النمو جراء المساعدات على سبيل المثال، موضحاً أن شراء الديون من نادي باريس ساهم بتحسين صورة الأردن الخارجية، ويتيح إمكانية إعادة الإقتراض من الخارج.        
 
ويأتي الارتفاع في حجم الدين، وسط تقديرات تؤكد تراجع إيرادات الخزينة بحوالي 300 إلى 400 مليون دينار، عن التقديرات الواردة في موازنة العام الحالي بخاصة الإيرادات الضريبية. بدوره، قال وزير الصناعة والتجارة، الأسبق محمد الحلايقة، إن المديونية أحد المؤشرات التي تدل على صحة الاقتصاد، في حين أن ارتفاع المديونية تؤشر على خلل في الاقتصاد يتمثل باضطرار الحكومة للإنفاق أكثر من الموارد المتوافرة لديها.    
 
وأوضح الحلايقة أن زيادة المديونية تدل على عدم الإتزان بين الإيرادات والنفقات، وبالتالي عدم وجود أولويات اقتصادية سليمة، فارتفاع المديونية دون نمو يتسبب بمشكلة؛ إذ لا بد من تسديد الدين الخارجي، في حين أن لجوء الحكومة للدين الداخلي يسحب السيولة من الجهاز المصرفي المخصصة للقطاع الخاص. يشار إلى أن حجم الدين خلال العام الماضي قدر إلى الناتج المحلي الإجـمالي ما معــدله 60.2 %، رغم أن التضخم خلال العام الماضي بلغ ما نســـبته 15.8 %، ما يعني بلغة بسيطة أن نمو الناتج المحلي زاد بفعل معدلات التضخم القياسية.   
 
من جهة أخرى، دعا الطويل إلى وقف عملية الانفلات المالي المتمثل بالعجز الكبير في الموازنة، لما لذلك من آثار وأبعاد جدية على الاستقرار المالي والنقدي على المدى القصير، لاسيما أن عجز الموازنة يترجم إلى قروض والتي تتحول إلى ضرائب مستقبلية.