في برقية سرية مؤرخة في 20 شباط/فبراير 2007، سربتها "ويكليكس" تدور حول انتقاد رجل دين سني لموقف النظام السوري من نشاط إيران التشييعي، تنقل السفارة الأمريكية في دمشق ما مفاده أن رجل الدين السني البارز "صلاح كفتارو" انتقد نظام بشار الأسد لمحاولته قمع أي انتقاد لنشاط إيران التشييعي داخل سوريا.
صلاح (نجل المفتي السابق أحمد كفتارو)، وخلال محادثة مع مسؤولين في سفارة واشنطن بدمشق، وجه نقدا صريحا لنظام بشار الذي يسعى لخنق أي تحفظ سني تجاه نشاطات إيران الحثيثة لنشر مذهبها داخل سوريا.
وأوضح كفتارو أن بشار أرسل له شخصين هما "فواز إسرب" و"عيسى شبيب"، ليحذراه من إثارة أي تصريحات حول الموضوع (مساعي إيران التشييعية في سوريا).. إسرب رجل أعمال يمت بصلة مصاهرة لعائلة الأسد.
إسرب ردد على مسامع صلاح أن انتقاد نشاطات التشييع لن يخدم ما سماها المصالح العليا التي أنشئ من أجلها "مجمع أبي النور الإسلامي" الذي أسسه أحمد كفتارو، ويديره الآن خلفا له ابنه صلاح.
ولتوضيح موقفه أكثر، روى صلاح أن الشيخ وهبة الزحيلي (وصفته بالسني الوهابي وواحد من ابرز علماء دمشق) انتقد في إحدى خطب الجمعة نشاطات إيران التشييعية، متعهدا أمام المصلين أن "لا يسمح السنة بها"، فما كان من مخابرات بشار إلا أن استدعوه على الفور ولمرتين، مرة إلى الاستخبارات العسكرية وأخرى إلى الأمن السياسي، وتم تحذير الزحيلي من قبل كبار المسؤولين هناك، ومنهم: فؤاد ناصيف خير بك، وحسن دياب، حيث قالوا له: "ادعاءاتك خطيرة.. هل تملك إثباتا، إياك أن تتكلم بهذه الموضوعات مستقبلا إن لم تكن تملك دليلا عليها"!
وكما تنقل البرقية فإن صلاح كف عن إثارة موضوع التشييع الإيراني أمام الناس، لكنه يبقى حانقا من تصاعد جهود بشار ونظامه لمنع أي انتقاد سني في هذا الشأن، بدلا من أن يمحص النظام في حقيقة هذه الظاهرة، ويقوم بوضع حد لأي تجاوزات قد تثير انقساما طائفيا.
وتتابع البرقية: في نظر صلاح فإن بشار غير مستعد نهائيا لسماع أي انتقاد لإيران، كما إنه وبموازاة تضييقه الممنهج على أي نشاط سني لنشر الوعي والعلم بين الناس، فإن بشار يسمح ويسهل أي نشاط شيعي.
ونبه صلاح إلى أن نظام بشار سمح بفتح 8 مكاتب تابعة لفصائل عراقية شيعية في السيدة زينب (قرب دمشق)، كما أعطى الإذن بفتح مدرستين دينيتين مشتبها بتوجهاتهما الشيعية في كل من إدلب والرقة، وأن هاتين المدرستين مولتهما إيران، كاشفا أن نصف الطلاب الذين التحقوا بمدرسة إدلب قد غادروها خلال أشهر، بعدما اشتموا رائحة التشيع الإيراني فيها.
ولفت صلاح أن القناة الرئيسية التي تمر عبرها نشاطات التشييع الإيرانية، هي المحلقية الثقافية في سفارة طهران بدمشق، وهنا يفتح كاتب التقرير قوسين ليقول داخلهما إن هناك أشخاصا علويين تتصل بهم السفارة يرددون مثل هذا الكلام، منبهين إلى أن الملحقية الثقافية الإيرانية ليس لها نشاطات معلنة سوى قيامها أحيانا بفتح دورات مجانية لتعليم الفارسية، في مسعى لتثبيت العقيدة الشيعية.
وتحت عنوان فرعي "المفتي أيضا يحاول إسكات السنة"، تتابع البرقية عن صلاح كفتارو قوله إن المفتي العام أحمد حسون هو ممن يتبنون ويؤيدون توجه بشار في حظر الحديث عن نشاطات التشييع الإيراني داخل سوريا، وقد طلب حسون من جمع غفير من علماء السنة تزويده بدليل ولو عن حالة واحدة تحول فيها سني سوري إلى شيعي، وقد رد صلاح موضحا أن الدليل الحقيقي لا يتعلق بأمثلة محددة، بل بمدى رد فعل السنة، وأن مدير أوقاف الرقة أخبر صلاح مؤخرا عن تحول البعض من "الصوفية المعتدلة نحو الوهابية المتشددة"، وأن هؤلاء يهددون بتدمير المزار الشيعي الضخم والمجمع الديني اللذين بنتهما إيران بأموالها في الرقة، ليكونا مقصدا لـ"حجاجها".
ونوه صلاح بأن مدير المجمع الشيعي في الرقة، هو واحد من السنة الذين تحولوا إلى مذهب التشيع الإيراني.