تزايدت الرغبة لدى المستثمرين العرب للاستثمار في بلدانهم استمرارًا لهذا التوجه الذي بدأ في أعقاب أحداث 11 أيلول (سبتمبر) العام 2001 والذي لا يزال مستمرًا، بدليل تزايد الاستثمارات الخليجية في بلدانها وفي بلدان عربية أخرى، منها الأردن، بهدف تنويع وتوزيع المخاطر والإفادة من الفرص المجزية المتاحة ومن مناخات الاستثمار الآخذة في التحسن في العديد من البلدان العربية وفي طليعتها الأردن. كما قامت الحكومة الأردنية بإصلاحات ايجابية للغاية تتعلق بعمليات مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. وشكل ذلك فرصة ذهبية أمام الحكومة الأردنية التي قامت بتوفير البيئات الاستثمارية الملائمة القادرة على اجتذاب هذه الرساميل، والحد من هجرتها أو تهجيرها إلى أسواق الخارج.
وكان الأردن من الدول التي استفادت من تدفق الاستثمار الخليجي بفعل تداعيات أحداث 11 أيلول(سبتمبر)، ووفرت الملاذ الآمن لها من خلال تقديم مشاريع مدروسة.
كما وفر الأردن بيئة حاضنة للاستثمارات الخليجية خلال السنوات الماضية، مكنها من تصدر استثمارات غير الأردنيين، بحجم زاد على 15 مليار دولار أميركي في مختلف القطاعات والمناطق الحرة والصناعية.
والواقع أن الأردن كان في طليعة البلدان العربية التي أدركت مثل هذه المتغيرات والمعطيات، فاتخذت قيادته ومنذ بضع سنوات وبفضل رؤية بعيدة المدى سلسلة من الإصلاحات، واعتمدت مجموعة من السياسات الرامية إلى استقطاب الرساميل. وبالفعل، فقد بدأت هذه الإصلاحات والسياسات تؤتي ثمارها من خلال قيام العديد من المشاريع الكبرى في مجالات البنية التحتية والسياحة والتطوير العقاري والصناعة وتكنولوجيا المعلومات وخدمات الصحة والتعليم وسواها من القطاعات.
كذلك شهدت البلاد نموًا اقتصاديًا مطردًا في القطاعات كافة، وما تشهده منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة من تدفقات استثمارية كبيرة، وما تشهده السوق المالية من نشاط ومن محافظ استثمارية خليجية وغيرها، كل ذلك ليس سوى دليل على هذا النمو.
ونتيجة لكل ذلك، لم يعد الأردن سوقًا محليًا وحسب، بل بات مركزًا إقليميًا، سواء بالنسبة إلى العراق وفلسطين بفعل الجغرافيا والتاريخ، أو بالنسبة إلى بلدان الخليج التي يرتبط الأردن بعلاقات تاريخية معها، وبجاليات أردنية تتوزع أقطارها الستة. ولقد اكتسب الأردن هذا الدور وهذه المزايا بفضل نظامه الحر وانفتاحه الاقتصادي، سواء عبر انضمامه إلى منظمة التجارة العالمية والاتحاد الأوروبي، أو عبر اتفاقات التجارة الحرة الثنائية مع بلدان عدة في مقدمها الولايات المتحدة الأميركية.
وعلى صعيد متصل، وفي إطار مكافحة الإرهاب، اتخذ الأردن إجراءات عدة مشددة، وهي على ثلاثة مستويات بعد أحداث 11 أيلول(سبتمبر) العام 2001:
التشريعات الوطنية:
قامت الحكومة الأردنية بتاريخ 8 تشرين الأول (أكتوبر) 2001 بإصدار قانون معدل لقانون العقوبات الأردني.وفرضت بموجبه عقوبات مشددة على أي فعل أو عمل، يعد في نظر القانون من الأعمال الإرهابية، واشتمل هذا القانون أيضًا على نصوص تجرّم وتعاقب الأشخاص الذين يشكلون عصابات ومجموعات بقصد إجرامي أو إرهابي. كما تساوي العقوبة على هذه الجرائم بعقوبة الأشخاص الذين يقدمون المساعدة والدعم لهذه المجموعات.
وفي مجال مراقبة الحدود، فإن قانون الجمارك الأردني رقم (3) لسنة 1998 قد أعطى لموظفي الجمارك صفة وصلاحيات الضباط العدليين بهدف التحري عن التهريب ومقاومته، سواء أكان هذا التهريب للأشخاص أو للمواد الممنوعة من الإدخال لإقليم المملكة .
الإجراءات التنفيذية
في أعقاب صدور قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بمكافحة الإرهاب وبشكل خاص القرار رقم 1373، قامت الحكومة الأردنية باتخاذ سلسلة من الإجراءات التنفيذية على ضوء ما جاء في هذه القرارات. وأصدرت تعليمات إلى البنوك العاملة في المملكة كافة، تتضمن التقيد بفحص حسابات عملائها والتأكيد من تجميد الأرصدة عند طلب الحكومة انسجامًا مع القرار، وتضمن أيضًا تعليمات خاصة بمكافحة غسل الأموال.
وأصدر البنك المركزي أخيرًا تعليمات خاصة بمكافحة غسل الأموال لشركات الصرافة المرخصة في المملكة لتعزيز الإجراءات الوقائية التي يجب إتباعها من قبلها ومنع استغلال أنشطتها في أعمال غير مشروعة. وهذه التعليمات تنسجم مع أحكام قانون غسل الأموال عام 2007 ومتطلبات المعايير الدولية والاتفاقيات التي صادقت عليها المملكة.
وفي مجال إصدار البطاقات الشخصية والجوازات، أعطيت تعليمات ليتم إصدارها، وفقًا للمعايير الدولية لمنع تزييفها. وتقوم الأجهزة الأمنية الأردنية بإجراء عمليات لتبادل المعلومات الاستخبارية، بما يخدم مكافحة الإرهاب مع العديد من الدول الصديقة ومع "الانتربول"، كما تجري بعض تلك العمليات ضمن اتفاقيات ثنائية للتعاون الأمني .كما وتقوم الأجهزة الأمنية بمراقبة بيع وشراء المواد الأولية الداخلة في صناعة المواد الخطرة لضمان عدم استخدامها لغايات إرهابية .
المعاهدات والاتفاقيات:
قامت الحكومة الأردنية بالانضمام إلى سبع اتفاقيات دولية خاصة بالإرهاب الدولي وهي:
1 . الاتفاقية المتعلقة بالجرائم وبعض الأفعال الأخرى المرتكبة على متن الطائرات، الموقعة في طوكيو في 14 سبتمبر 1963.
2.اتفاقية قمع الاستيلاء غير المشروع على الطائرات والموقعة في لاهاي 16 ديسمبر 1970.
3. اتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة الطيران المدني الموقعة في مونتريال في 23 سبتمبر 1971.
4. اتفاقية قمع الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص المتمتعين بحماية دولية، بمن فيهم الموظفين الدبلوماسيين والمعاقبة عليها التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 14 ديسمبر 1973.
5. الاتفاقية الدولية لمناهضة أخذ الرهائن التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 17 ديسمبر 1979.
6. البروتوكول المتعلق بقمع العنف غير المشروع في الطائرات التي تخدم الطيران المدني الموقع في مونتريال في 24 فبراير 1998.
7.اتفاقية تمييز المتفجرات البلاستيكية بغرض كشفها الموقعة في مونتريال في مارس 1991.
8.قامت الحكومة الأردنية بالتوقيع أيضًا على الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب، كما تدرس الحكومة الأردنية الانضمام في القريب العاجل إلى اتفاقيات أخرى عدة، خاصة بمكافحة الإرهاب الدولي. ايلاف