صحيفة العرّاب

"يا نايم وحد الدايم" ....المسحراتي طقس رمضاني يتلاشى ويسرق فرحة الاطفال بصوت طبلته

 "يا نايم وحد الدايم ، قوموا لطاعة الله ، يرحمنا ويرحمكم الله" بهذه الكلمات التي تفوح ايمانا ، وتلامس القلوب قبل ان تلامس الأذان وبأدعية دينية خالصة لوجه تعالى كان يصدح ابو شام اقدم مسحراتي ( طبال كما كان يسميه الكركيون آنذاك ) عرفته مدينة الكرك .

 

كبر سن ابو شام لم يكن ليمنعه عن اداء واجبه الايماني حتى في حلكة الليالي المطيرة في شوارع وازقة مدينة الكرك الموحشة قبل ان تعرف تلك الشوارع والازقة الكهرباء التي تبهر النظر في هذه الايام.
كان الاطفال الاكثر فرحا بسماع صوت ابو شام الشجي ودقات طبله الرنان ، ينامون مبكرا ليفيقوا عند السحور لمشاهدة ابو شام وإن سمح لهم الظرف يخرجون من منازلهم لمصافحته والتحدث اليه يداعبهم ويسمح لهم بإمساك العصى للضرب على الطبل لإرضاء نزعتهم الطفولية .

 

لاقى ابو شام وجه ربه وتداول المهمة بعده اشخاص اخرون لكن لم يبلغ احدهم ما وصل اليه ابو شام سمعة وتكريما بين الناس الذين عرفوه لسنوات طويلة ، فمن زاولوا المهمة بعد ابو شام كانوا اقرب في ادائهم الى تحقيق الكسب والمنفعة من اعطيات مالية وسواه منه الى واجب ديني وأخلاقي ، لم يكن ابو شام يبغي من ورائه ثناء ولا شكورا ، بل عملا خالصا لوجه الله والتقرب اليه لتتراجع اهمية المسحراتي الى ما وصلت اليه اليوم كصورة اقل شأنا بكثير مما كانت عليه بالأمس .

لم يكن الاختلاف بين مسحراتي الامس ومسحراتي اليوم وحده ما ادى الى تراجع الاهتمام المجتمعي بالمسحراتي ، بل إن الحداثة وتعدد اليات التذكير بموعد السحور وساعات السهر الممتدة حتى الى ما بعد تناول وجبة السحور عوامل اخرى اسهمت في ذلك .

عبثا تحاول بلدية الكرك في كل موسم رمضاني بعث الحياة من جديدة في مهمة المسحراتي فتسند ذلك لأي شخص وبغض النظر عن اية مواصفات ، فقط لمساعدة هذا المحتاج او ذاك ، فيما يراهن من تسند اليهم هذه المهمة على ما سيحصلون عليه من صدقات الصائمين قبل أي شيء اخر لتصبح وظيفة المسحراتي هيكلا بلا روحانية او مضمون