يشهد السوق السياحي في المملكة حاليا ظاهرة غريبة تشبه الى حد كبير ما تقوم به شركات تسويق سياحي اقليمية وهمية. ففي كثير من مواقع التسوق ينتشر مندوبو مبيعات يستوقفون الزبائن ليطرحوا عليهم عدة اسئلة يخبروهم بعدها انهم فازوا برحلة سياحية الى الخارج وعليهم مراجعة مكتب الشركة لمعرفة التفاصيل .
ولدى مراجعة "الضحية" يعرض عليه توقيع عقد لقضاء الاجازات السنوية في منتجعات وفنادق عالمية شهيرة مقابل ما يقارب 3500 دينار. لكن بعد ذلك يكتشف "الضحية" حجم الوهم الذي اشتراه .
المواطن احمد محمد سلمان روى تجربته الشخصية مع واحدة من هذه الشركات فقال: "في يوم الأربعاء الموافق 09/09/2009 تم إيقافي في احد المراكز التجارية الكبرى في مدينة الزرقاء، من قبل مندوب لشركة وسؤالي عدة أسئلة على أنها مسابقة للفوز برحلة سياحية لإحدى الدول العربية ، لكن شريطة اخذ مبلغ 5 دنانير مستردة بوصل مالي من المندوب مع بطاقة دعوة الى تلك الشركة شريطة أن اذهب إليها بنفس اليوم الساعة 9:30 مساء وحضور اجتماع لمدة 90 دقيقة كي أتمكن من اخذ الجائزة على حد قوله. وفعلا اخذ 5 دنانير ورقم هاتفي وتم الاتصال بي من موظفة الاستقبال للتأكيد على مجيئي مع زوجتي للشركة للحصول على جائزة :( رحلة سياحية الى احدى الدول العربية وسيتم تحديدها من قبلهم بعد انتهاء الاجتماع). في نهاية اليوم ذهبت مع زوجتي وتم استقبالنا من موظف تسويق وجلسنا بصالة تحتوي على عدة طاولات لكل أسرة موظف تسويق يستقبلهم وقد تم تشغيل موسيقى صاخبة لدرجة انك لا تستطيع سماع من هم حولك. وعند جلوسنا اخذ الموظف يسرد احبال من الخيال بامتلاكنا شاليه بافضل المناطق السياحية بدول العالم لمدة اسبوع لكل عام على مدى الحياة ( طبعا كان الاسلوب بسرد الافكار متقنا لدرجة انه لم نتمكن من الهروب بالاشتراك معهم في هذه الافكار الوهمية) طبعا كي نتمكن من التملك لهذا الشاليه الذي يمكن ان يكون ب 96 دولة عالمية وبأفضل الفنادق 5 نجوم و ... الخ من المميزات والمغريات, يجب علينا ان نشترك وندفع مبلغ يقارب 3500 دينار وبالاقساط المريحة جدا ودفعة اولى بما يناسب وضعك الاجتماعي ( وكنت بحاجة ماسة لمثل هذا العرض كون دخلي محدودا وانا متزوج من فترة قريبة ولم اتمكن من قضاء اجازة شهر العسل سوى بالبيت لمحدودية الدخل) وكان العرض عبارة عن بصيص من الامل ببدء رحلات سياحية وبمناطق خيالية وباي وقت واي مكان لمدة اسبوع دون ان نتكلف ماديا غير سعر التذاكر ، وبعد ان اشتركنا انا وزوجتي ووقعنا على العقد( طبعا لم يتم توقيع احد من الشركة على العقد) الذي لم نستلم النسخة منه الا بعد ان قرأه لنا السيد ( ص . ح) المسؤول المالي للشركة وطبعا كنا نجد صعوبه في سماعه لكن لم نعطي اهتماما لان السيد (ل . ن ) كما كان يدعي بانه شرح لنا بنود العقد كاملة ، وفور موافقتنا تمت الأمور بسرعة البرق واخذ صور عن اوراقنا الرسمية واخذ المال بسرعة ولكن بعد خروجنا ووصولنا الى منزلنا تفتحت اذهاننا الى السراب الذي تخيلناه كيف لنا ان نتملك شاليه بفندق 5 نجوم باي مكان في العالم لمدة اسبوع مدى الحياة يمكن ايجاره وبيعه وتوريثه كما زعموا لنا وعندما قرأنا العقد فوجئنا بانه لا يوجد وثيقة تدل على امتلاكنا لهذا الشاليه كما أنه لا يوجد بند بامكانية بيعه وانما اذا اردنا ان نلغي العقد الوهمي علينا ان ندفع ما قيمته 40% من قيمة العقد أي ما يقارب 1500 دينار اردني. وعندما تحدثنا الى السيد (ص . ح ) اجاب بكل هدوء ليس لكم نقود لدينا واذا اردتم الالغاء عليكم دفع المبلغ المذكور اعلاه.
ويضيف المواطن سلمان : "لقد كنا ضحية نصب واحتيال من قبل شركة ( ......... للتسويق) وعندما بحثنا عن هذه الشركة عن طريق الانترنت صدمنا بانها شركة للنصب والاحتيال. فأين وزارة السياحة من هذه الشركات التي تدمر سمعة السياحة في بلدنا الحبيب الاردن؟ واين الامن للحد من هذه الاحتيالات التي يقع فيها الناس الابرياء؟.. وناشد المواطن الضحية المسؤولين بكل مكان لحماية المواطن الاردني من هذه المصائد الاحتيالية المتقنة راجيا مساعدته لاسترداد ماله والغاء العقد دون التضرر ماليا) .
ما تقوم به مثل هذه الشركات يشبه تماما ما بات معروفا في دول الجوار التي تعمل فيها شركات مماثلة بضعة أشهر ضمن شبكة موزعة في منشآت سياحية معروفة ويصطادون الزبائن بحجة أنهم فازوا مجاناً بقضاء إجازة في منتجع شرم الشيخ في مصر أو غيره وعليهم مراجعة إدارة الشركة للحصول على الأوراق وعند المراجعة يتم إقناعهم بإجراء عقد لشراء ملكية الإقامة لمدة أسبوع, سنوياً, مدى الحياة في أي بلد مشترك بالنادي الدولي لقضاء الإجازات.
وبعدها يعطون عناوين غير صحيحة ثم يختفون فجأة تاركين الزبائن في حيرة من أمر هذه العقود لأنها تحتاج إلى متابعة للاستفادة منها إذا كانت صحيحة أو معترف عليها من شركات عالمية أم لا...
والمعروف عالمياً أن هناك نوعاً من الاشتراك بالإجازات السياحية اسمها( مشاركة الوقت) وبموجب عقد نظامي تمتلك العائلة مدى الحياة حق الإقامة في منتجع أو فندق معروف لمدة أسبوع سنوياً ويحق لها التصرف به بأشكال مختلفة واستبداله بمنتجع آخر في أي دولة مشتركة في منظمة تبادل الإجازات العالمية التي مقرها في لندن ولها مكاتب اقليمية في القاهرة ودبي.
فمثلاً المواطن المشترك بحجز أسبوع سنوياً بمنتجع في لبنان مسجل في هذه المنظمة الدولية يستطيع أن يختار فندقاً بديلاً في مصر أو اسبانيا مثلاً لقضاء إجازته السنوية, وهي تعتبر أحد الأنواع الراقية من السياحة لأنها تروج بأسعار مقبولة وضمن عقود دولية متعارف عليها ولكن زبائنها في الوقت الحالي من المقتدرين مادياً.
وفي الاردن فإن هذه النوع من السياحة ليس منتشراً بشكل واسع. ويبدو أن النشاط الإعلامي للشركات الدولية يشجع الشركات الاقليمية لتعمل في الخفاء لبيع وتسويق هذه الخدمة ودون أي رادع لتكرار هذا النشاط لمدة قصيرة من شهرين إلى ثلاثة أشهر وتغير أماكنها وأسماءها باستمرار.
وليست المشكلة في عدم وجود مكاتب دائمة لهذه الشركات الوهمية وحسب, إنما المشكلة الأهم كيف تعمل هذه الشركات المزعومة علناً وليس لديها السجلات النظامية والتراخيص المطلوبة للعمل. منبر الراي