بقلم.. مجيد رافيزاده (خبير سوري-إيراني بشؤون الشرق الأوسط وهو رئيس المجلس الأمريكي الدولي وعضو في مجلس جامعة هارفارد)
عندما كان طفلا في دمشق، كانت غالبية من يعرفه ترى في الرئيس الحالي بشار الأسد طفلا خجولا، متحفظا، يميل إلى الانطواء، ضعيفا ومترددا.
وكان يبدو أنه لم يرث أيا من ميزات والده حافظ وشقيقيه ماهر وباسل ولاسيما الذكاء والقوة ومهارات القيادة. وحتى شكله باعتبار طوله الفارع ورقة ملامحه، دعمت صورته باعتباره شخصا ضعيفا في عيون غالبية الشعب السوري. لكن يد القدر أثبتت للجميع أنهم كانوا على خطأ.
فكيف تحول صاحب العينين الزرقاوين وطويل القامة والمتعلم في الغرب طب العيون والذي امتلك مهارات الفحص وإيجاد الحلول إلى زعيم سيء.
وقبل أن يصبح رئيسا، كانت غالبية السوريين ترى فيه شخصا ميالا إلى المطالعة والتنظير وليس شخصا يمتلك مؤهلات قيادة بلد. ويلخص أبوهشام، وهو صديق لي ومن الطائفة العلوية التي ينحدر منها بشار، وجهة النظر بقوله 'لا يمكن لبشار أن يقف في وجه قوى مثل إسرائيل والولايات المتحدة. نحن بحاجة لزعيم مثل باسل.'
تغير قدر بشار عام 1994، فعندما كان يدرس طب العيون في إنجلترا، تلقى اتصالا من والده يطلب منه العودة إلى دمشق بعد مصرع شقيقه باسل في حادث سير وهو الذي كان مرشحا فوق العادة لخلافة والده. لقد غيّر ذلك مسار حياة بشار إلى الأبد.
ولكونه كان بعيدا عن الأعين ولا علاقة له بشؤون السياسة، فقد تم إخضاعه لدورة تدريب مكثفة عسكرية وسياسية تلقى فيها أسس مبادئ حزب البعث والعلمانية.
أشرف على دورات التدريب تلك لسنوات عديدة العسكر القديم من حزب البعث السوري الحاكم والجيش.
لكن كان يبدو أنّ لبشار نظرة مختلفة لما يريد أن تكون عليه سوريا بعيدا عن تسلط حزب البعث وسيطرة العسكر وسياسات العسكر القديم المحيط بوالده. ورغم أنّه عزز أولا سلطة العسكر القديم ونزوعهم إلى حملات القمع، إلا أنّ نزوعه إلى الحياة الغربية انعكس على خطاب توليه الرئاسة بعد رحيل والده. فقد تعهد ساعتها بأنّ الوقت قد حان لتحديث البلاد وتحقيق 'آمال شعبنا المشروعة.'
وبعد أن اعتمد والده طويلا على مبادئ الاشتراكية شهدت البلاد منحى ليبراليا يشجع على المثال الغربي، لكن ذلك أفادت منه دائرته الضيقة والأقلية العلوية، فيما توسع الفارق بين الأغنياء والفقراء. ولعل من الأخطاء التي زادت الطين بلة أنّ بشار لم يقتنع بأن الانفتاح الاقتصادي يقتضي أيضا انفتاحا سياسيا.
على العكس من ذلك، بادر بشار إلى قمع المجموعات المعارضة والناشطين الحقوقيين وتلقى في ذلك مساعدة من النظام الإيراني الذي توسع نفوذه في البلاد أكثر من أي وقت مضى. كما زادت الخلافات بين أطراف الدائرة الضيقة من العسكر القديم. وعكس موقف قائد الاستخبارات العسكرية المخضرم ومستشار والده علي دوبا، الرافض للابتعاد عن مبادئ حزب البعث السوري، تلك الخلافات.
وعند اندلاع الاحتجاجات في مارس/أيار 2011، حاول بشار العودة إلى الأصول بالاعتماد على علي دوبا نفسه، الذي لعب دورا بارزا في مجزرة حما قبل عقود، وشقيقه ماهر، وعلى الأقليات وحوّل أجهزة الدولة إلى خادم مطيع له.
وحتى الآن يبدو أن بشار والعسكري القديم نجحا في الاستمرار مع دخول الحرب عامها الثالث، معتمدين في ذلك على معطى مهم يتمثل في كون الطبقة المستفيدة من حكمه-الأقليات ودائرة الأعمال والمال والجيش- لم تظهر انشقاقا واضحا.
وها هو الآن يستمر في العمل على إقناع المجموعة الدولية بأنه لا بديل أفضل منه لحكم سوريا، قائلا إنّه إذا لم يستمر هو قائدا لسوريا الموحدة، فبإمكانه أن يسرّب النزاع إلى المنطقة ككل وأن يحوّل بلاده إلى جهنم من الحرائق.
إليكم أبرز النقاط في حياة الرئيس السوري:
- ولد بشار الأسد في العاصمة السورية، دمشق بتاريخ 11 سبتمبر/أيلول عام 1965
- متزوج من أسماء الأخرس ولهما ثلاثة أطفال: ذكران وأنثى.
- درس في مدارس دمشق ونال الشهادة الثانوية عام 1982.
- ثم انتسب إلى كلية الطب في جامعة دمشق وتخرج منها عام 1988.
- تخصص في طب العيون عام 1992 في مشفى تشرين العسكري، تابع بعدها اختصاصه في لندن حتى عام 1994، عندما اضطر للعودة إلى دمشق بعد وفاة أخيه باسل الأسد في حادث سيارة.
- تضمنت نشاطاته العامة قبل تسلم الرئاسة، انخراطه في العمل الوطني والجماهيري عام 1994.
- ترأس الجمعية السورية للمعلوماتية في عام 1995، وعمل خلالها على نشر الثقافة المعلوماتية.
- انتسب الأسد إلى القوات المسلحة ضابطاً في إدارة الخدمات الطبية في العام 1985، وتدرج في السلك العسكري واتبع العديد من الدورات العسكرية وفي 11 يونيو/حزيران 2000، رقي إلى رتبة فريق وعين قائداً عاماً للجيش والقوات المسلحة .
- انتخب رئيساً لحزب البعث العربي الاشتراكي في المؤتمر التاسع للحزب في حزيران 2000.
- انتخب في 10 يوليو/تموز عام 2000 رئيساً للجمهورية، وتسلم مهام منصبه بعد أداء اليمين الدستورية أمام مجلس الشعب بتاريخ 17 يوليو/تموز عام 2000.
- أعيد انتخابه على لقيادة حزب البعث ولجنته المركزية في المؤتمر العاشر للحزب في أيار/مايو 2005.
- أعيد انتخابه لرئاسة للجمهورية بتاريخ 25 أيار/مايو عام 2007، وأدى اليمين الدستورية أمام مجلس الشعب بتاريخ 17 يوليو/تموز عام 2007 ليبدأ ولايته الدستورية الثانية.
- ترأس في مارس/آذار عام 2008 مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة.
- انطلقت موجة شعبية عارمة ضد النظام السوري يوم الثلاثاء 15 آذار / مارس عام 2011، ووسط مطالبات بتنحي الأسد، إلا أن الثورة تستمر لليوم.