تواجه جماعة الإخوان المسلمين هذه الايام تحديا حقيقيا مع نفسها وسط تصاعد أزمتها الداخلية وانسداد الطرق التوافقية وعدم وجود أي تقدم ملحوظ على المبادرات الاصلاحية لاحتواء الازمة التي انتهت باستقالة جماعية للحمائم وتلويح الصقور باستقالة ممثالة لاعادة تشكيلة المكتب التنفيذي للجماعة بعد العيد في حال استمرار الازمة الداخلية.
وربما يحتاج هذا التحدي - بحسب المراقبين - الى قيام الاخوان بغربلة حقيقية تعيد التأكيد على الخط السياسي للجماعة بهدف تجنّب استمرارها في مربع الازمات الذي ما زال يعصف بمستقبلها.
وكانت محاولات حسم الملفات الخطرة والحساسة لا سيما علاقة جماعة الاخوان المسلمين بحركة المقاومة الاسلامية حماس والتداخل التنظيمي بينهما أبرز القضايا التي اشعلت فتيل الازمة داخل البيت الاخواني.
وكشفت مصادر داخل الحركة الاسلامية عن طلب المراقب العام للاخوان الدكتور همام سعيد من رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية حماس خالد مشعل في اتصال هاتفي اجراه معه قبل أيام ترك الشؤون التنظيمية للجماعة للمعالجة المؤسسية الداخلية.
وجاء ذلك بعد مساعي حركة حماس للتوسط وحل الخلاف الدائر بين صقور وحمائم جماعة الاخوان المسلمين ووعد مشعل قيادات الحركة باعادة النظر في دراسة موضوع المكاتب الادارية من قبل اللجنة التنفيذية لحماس.
إلا أن الناطق باسم الجماعة جميل ابو بكر قال في تصريح لـ "العرب اليوم": "إن المراقب العام للاخوان همام سعيد أكد لمشعل في أكثر من اتصال أن حل الشأن التنظيمي للجماعة يجب ان يكون داخليا ولكن هذا الحديث جاء بشكل أخوي, وليس لان حماس عرضت وساطتها في الشأن الداخلي للاخوان", على حد قوله.
وكانت مصادر داخل الحركة الاسلامية قد أكدت أن هناك اتصالات مستمرة بين مشعل والاخوان لمتابعة تطورات الازمة الداخلية لا سيما وأن أحد الأسباب الرئيسية لاشتعال فتيل الازمة الاخوانية إزدواجية العلاقة بين التنظيمين الاردني والفلسطيني.
واكدت مصادر داخل الحركة "ان الحمائم المستقيلين وهم ارحيل غرايبة وممدوح المحيسن واحمد كفاوين قرروا الانتقال الى صفوف المعارضة الداخلية في الجماعة في خطوة تؤكد عدم رغبتهم بحدوث انشقاق في صفوف الاخوان.
وقالت المصادر: "في حال عدم انفراج الازمة والتصويت على استقالات الحمائم من مجلس شورى جماعة الاخوان المسلمين فان الحمائم سيستمرون بممارسة عملهم ونشاطهم في مجلس الشورى".
ونوهت ان نائب المراقب العام للجماعة عبد الحميد القضاه سينضم الى الحمائم الثلاثة المستقيلين في حال عدم انفراج الازمة الاخوانية بعد عطلة العيد.
وبعد أن لاحظ الحمائم اصرار الصقور على عدم التراجع عن قرار حل اللجنة السياسية في الجماعة التي يرأسها رحيل الغرايبة وهي إحدى أبرز الاسباب التي دفعت الحمائم لتقديم استقالاتهم اعلنوا عدولهم عن فكرة زيارة دمشق ولقاء مشعل لحسم موضوع ازدواجية التنظيم.
ولم يمض يومان حتى هاجموا المراقب العام للاخوان المسلمين في بيان اصدره عضو المكتب التنفيذي المستقيل احمد كفاوين في سابقة لم تعهدها أزمات الجماعة طوال مسيرتها مستنكرا ما وصفه "بمنهجية المراقب العام في ادارة الجماعة التي ادت الى تأزيم المواقف واتساع شقة الخلاف واضعاف دور الجماعة في الاصلاح والتغيير وتناقض دورها السياسي وعجزه عن حل الخلاف وتوحيد صفوف الجماعة وعدم قيامه بأي جهد لرأب الصدع.
وكشفت وثيقة سرية وصلت لرئيس مجلس شورى الاخوان الدكتور عبد اللطيف عربيات عمق الخلافات داخل جماعة الاخوان بشأن المطالبة بالانفصال عن حركة حماس واوضحت كيفية نشأة العلاقة بين التنظيمين الاردني والفلسطيني.
وحددت الوثيقة الرؤية التنظيمية تجاه حماس واكدت "ان التنظيم في الاردن معلن وقد حصل على ترخيص وهو بخلاف تنظيمات الاخوان في أقطار أخرى يعارض سياسيات الحكومة ولا يعادي أبدا النظام القائم وهو تنظيم مدني أهدافه معلنة ووسائله معروفة ومكشوفة, ولم يستخدم القوة لتحقيق أهدافه بخلاف التنظيم الفلسطيني الذي يستخدم المقاومة المسلحة المشروعة بسبب الاحتلال الصهيوني لفلسطين".
وعلى حد منطق الوثيقة" فإن التداخل بين التنظيمين سيفتح شهية المتربصين بالاخوان للدس من اجل الانتقام ويقدم هدية مجانية للخصوم من اجل القضاء على الصيغة الاخوانية الاردنية بحيث تصبح ورقة تستخدمها الحكومات في الوقت المناسب".
ويشار ان لجنة مصالحة إخوانية داخلية كانت قد اوصت بتنفيذ الفصل التنظيمي بين جماعة الاخوان وحركة حماس عبر تخيير أعضاء المكاتب الادارية في الخليج بين الانضمام للمجلس الاستشاري للحركة او جماعة الاخوان بالاردن.
واستندت التوصية لخلافات سابقة حول مشكلة الازدواجية التنظيمية في تمثيل المكاتب الإدارية الإخوانية في الخارج لا سيما في أربع دول خليجية وهي السعودية وقطر والكويت والإمارات حيث انضمت هذه المكاتب لتنظيم إخوان الأردن عام 1978 بعد حصول الاندماج بين التنظيمين فيما عرف بـ تنظيم بلاد الشام وتم تقليص نسبتها في السنوات الأخيرة في شورى الإخوان.
بدوره شدد مشعل في خطابه اثناء وجوده بعمان لتقبل العزاء بوالده على رفض حركة حماس للوطن البديل والتوطين وأي علاقة سياسية مع الأردن تؤثر على الحقوق الفلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1967 مؤكدا ان حماس ترفض الاتكاء على هذه العلاقة لتمرير أي حلول تصفوية للقضية الفلسطينية على حساب الأردن.
رئيس مجلس شورى جماعة الاخوان المسلمين الدكتور عبد اللطيف عربيات أكد ان المطلوب في علاج المشكلة القائمة في جماعة الاخوان المسلمين استمرار الحوار العقلاني.
وقال عربيات في تصريح لـ "العرب اليوم" إن الجماعة تنظيم له مسار طويل وفيه وجهات نظر عديدة ولكن المطلوب الوصول الى اتفاق الحوار وعلاج المشكلة.
واكد ان الخط السياسي للاخوان هو جزء من منظومة كاملة والجماعة لديها رؤى ومواقف سياسية ومواقف سياسية ولكن هناك مستجدات على الساحة الوطنية والعالمية وهناك رؤى مختلفة تحتاج الى حوار وصولا الى الاتفاق.
واكد بدوره ابو بكر ان الخط السياسي لجماعة الاخوان المسلمين واضح ومثبت برؤاها وان الاصلاح السياسي بند رئيسي في خطة الجماعة ولكن موضوع الاصلاح فيه تصور واجتهادات وليس تناقضات مشيرا الى استمرار حكماء الجماعة في تقريب وجهات النظر وصولا الى انفراج الازمة والمرجح ان تكون بعد العيد.العرب اليوم