صحيفة العرّاب

طبيبة تروي معايشتها معاناة مريضة..الأخطاء الطبية كثير من الإهمال... قليل من الصحة

تتهدد الأخطاء الطبية في مستشفيات حكومية وخاصة حياة مرضى ومراجعين بسبب الاهمال وعدم اتباع الخطوات المتعارف عليها في الاوساط الطبية البروتكولات العلاجية من دون اتخاذ اي اجراءات حاسمة اتجاه المقصرين والمستهترين بحياة الاخرين.

 ولا يوجد تعريف واحد لمصطلح الاخطاء الطبية ولكن على الاغلب يعني تعرض مريض لضرر أو وفاة جراء تقصير أو إهمال من قبل الطاقم العلاجي الطبي والمساعد او قصور في الأداء والسلوك أو كنتيجة مباشرة لعدم قيام الطبيب باتباع قواعد السلامة والتصرفات المهنية المتعارف عليها أو نتيجة لإظهار الطبيب لنقص في المعرفة والمهارة أو لفشله في تقديم العناية والرعاية المتعارف عليهما واللتين كان بإمكان طبيب اَخر تقديمهما لمساعدة المريض على الشفاء.
 
ولا يملك الاهالي في الغالب المعرفة الطبية الكافية لتقييم اوجه التقصير التي تشوب اداء الكوادر التمريضية والطبية في المستشفيات ويتحول المستشفى من مكان للشفاء الى مكان يكون مصدرا للمرض وفق الطبيبة زينب الوحش التي تحمل شهادة الدكتوراه في الامراض المعدية والحاصلة على عدد من الجوائز العالمية في هذا المجال بعد ان اتيحت لها فرصة للاطلاع على واقع الخدمات المقدمة خلال مرافقتها طفلة اصيبت بحروق بلغت نسبتها 25%.
 
وتستعرض الدكتورة الوحش في حديثها ل¯العرب اليوم جزءا من اوجه التقصير التي واجهتها خلال ادخال طفلة عمرها 15 شهرا الى مستشفى البشير يوم الاربعاء 26 من الشهر الماضي مشيرة الى انه بعد اصطحاب الطفلة الى المستشفى بعد الافطار الى قسم الطوارئ يوم الثلاثاء وهي في حالة حروق في الوجه والجزء العلوي من الصدر والبطن والكتف الايمن وبلغت نسبة الحروق نسبة 25% الا انه لم يتم ادخالها بداية في المستشفى وتم التعامل مع الحالة بشكل مباشر وتم الطلب من الاهل مراجعة المستشفى في اليوم التالي من دون ان تعطى المسكنات وتتساءل كيف يتم ارجاع الطفلة الى البيت وهي معرضة لمضاعفات كالاختناق والالتهابات.
 
وعند المراجعة في اليوم التالي لاجراء الغيار للحرق تبين للممرض المسؤول عن الغيار في العيادة الخارجية ان الطفلة بحاجة الى الادخال الى قسم العناية الحثيثة وحدة الحروق فورا وعند تقييم الطبيب طلب اعطائها سوائل فورا الى ان امدادها بالسوائل تأخر حوالي اربع ساعات وهو نوع من الاهمال الذي قد يتسبب بالجفاف ومضاعفات اخرى.
 
وتضيف عندما اصبحت الطفلة تعاني من الاستفراغ والاسهال طلبنا حضور الطبيب وذلك الساعة الثالثة عصرا الا ان الطبيب لم يحضر الا في منتصف الليل رغم امكانية تعرض الطفلة لمضاعفات خطيرة على صحتها.
 
وتوضح بان الطفلة بعد ثلاثة ايام من ادخالها الى المستشفى بدأت تعاني من ارتفاع درجة حرارتها التي وصلت الى حوالي 38.5 وتم طلب الطبيب الا ان ممرضي القسم قالوا بان الحرارة طبيعية وهو امر عادي وارتفعت في اليوم الاخر الى 39.5 وعندها طلب الاهل الطبيب مرة اخرى لمعرفة سبب ارتفاع الحرارة وطلب اجراء فحص CBC وهنا يتساءل الاهل عن دور الكادر التمريضي.
 
وقالت عندما تم اخذ عينة دم تم اخذها من شريان رئيسي رغم صغر سن الطفلة وبوساطة سيرنج ذي حجم كبير بدلا من استخدام اخر بحجم 2ملم وظهر بان الاشخاص غير مؤهلين مشيرة الى ان العينة التي ارسلت كانت من دون نموذج.
 
واشارت ان الطفلة بقيت على السوائل الوريدية التي اعطيت لها عند دخولها المستشفى في اول يوم من دون اجراء اعادة تقييم رغم ان الطفلة اصبحت قادرة على تناول غذائها الطبيعي.
 
واشارت انه خلال الوردية الصباحية يوم السبت الساعة 12 ظهرا تم تسجيل الحرارة لجميع مرضى القسم بمن فيهم الطفلة من دون قياسها فعليا بل بوضع فروق بسيطة بين درجات الحرارة مضيفة انه لم يتم وضع علاجميبو على وجه الطفلة كون العلاج موجودا في خزانة مغلقة مفتاحها مع ممرض مجاز.
 
واشارت الى ان احد المرضى في الغرفة المجاورة لغرفة الطفلة وهي غرف عناية حثيثة كان يدخن وعندما تم الطلب من الكادر منعه من التدخين كان الجواب بانهم لا يستطيعون منع هذا الشخص من التدخين.
 
واضافت من الاهمال وعدم المبالاة الواضحة بانه عند اخراج الطفلة من المستشفى واعطائها المضاد الحيوي لها من القسم لم توضح كمية جرعة الدواء وعدد المرات في اليوم.
 
وتطالب الدكتورة الوحش باجراء اعادة تقويم سنوية للكوادر التمريضية من خلال اجراء فحوص سنوية لتقويمهم ومعلوماتهم ومكافأة المجد ومعاقبة المقصر في اداء عمله.
 
وتدل جميع الدراسات العالمية الى أن أكثر من 80% من الأخطاء الطبية تعود لخلل في النظام الصحي نفسه وليس لأخطاء بشرية مباشرة وأن غالبية الأخطاء تحدث في المستشفيات.
 
اوضاع القطاع الطبي.. تزايدت ازماتها ما حوّل هذا المجال العلاجي الانساني المهم الى مسرح جاهز لعرض مختلف الفصول الدرامية, من اخطاء طبية قاتلة احيانا او مؤدية الى اصابات باضرار صحية بالغة في وقت نفتقد فيه الى تشريع رئيسي قادر على التعامل القانوني مع معظم هذه الحالات, الا وهو قانون المسؤولية الطبية الذي يراوح مكانه كمشروع قانون منذ عام 1996 اي منذ اكثر من اثني عشر عاما, وحتى عندما تم انجاز مسودة لمشروع قانون المسؤولية الطبية قبل اكثر من عامين, احتدمت الخلافات بين الاطراف ذات العلاقة, بين تنازع للصلاحيات وتعتيم على الاخطاء وتغليب المصالح الفئوية الطبية على حساب المصلحة العامة.