صحيفة العرّاب

محللون يحذرون من تبعات استخدام المجال الجوي الأردني لضرب إيران

راجت في الآونة الأخيرة، تقارير مختلفة تتحدث عن سيناريوهات محتملة يمكن أن تعتمدها إسرائيل في استهدافها للبرنامج النووي الإيراني على المدى المنظور، وخلال استخدامها لمجالات ومسارات الوصول إلى قلب هذه المفاعلات وتدميرها نهائيا، والتي من ضمنها حسب التوقعات المجال الجوي الأردني، حيث يحذر محللون من الكلفة السياسية والاقتصادية لسيناريو من هذا النوع.

 وتشير التوقعات العسكرية إلى أن تدمير مصنع تخصيب اليورانيوم الواقع على سطح الأرض في منطقة أصفهان يتطلب من إسرائيل توجيه 9 قنابل من طراز معين، كما تحتاج إسرائيل لضرب المفاعل النووي في منطقة أراك 4 قنابل، و55 قنبلة لتدمير مصنع تخصيب اليورانيوم الواقع تحت سطح الأرض في "ناتانز"، على أن تقوم مقاتلات من طراز F-16I و F-15E بنقل القنابل.
 
وتتوقع بعض التقارير الصحافية الدولية أن يتاثر الأردن من أي هجوم إسرائيلي على إيران نظرا لقربه من إسرائيل.
 
من جهته، فضل وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الدكتور نبيل الشريف عدم الحديث في هذا الموضوع حينما سألته "الغد" عن استعدادات الحكومة في حال هاجمت إسرائيل إيران، ونشبت حرب بينهما.
 
ومن ناحيته قال الخبير في الشؤون السياسية الإيرانية د. محجوب الزويري في حديث لـ"الغد" أن المشكلة المحتملة في حرب كهذه تنبع من الطبيعة الجغرافية والسياسية للمنطقة.
 
ويضيف الزويري "أن إسرائيل أمام أحد خيارين إن أرادت توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية، وهما إما عن طريق اختراق المجال الجوي الأردني أو المرور من الحدود السورية التركية.
 
ويستبعد الزويري أن يقوم الأردن بإعطاء الضوء الأخضر للطائرات الإسرائيلية في استعمال مجاله الجوي.
 
ويشدد على أن استعمال إسرائيل للمجال الجوي بصورة مخالفة سيؤدي بطبيعة الحال إلى تبعات سلبية لا تحمد عقباها خاصة من الناحية السياسية، الأمر الذي سيؤدي إلى لغط واحتقان سياسي قد يتهدد اتفاقية السلام القائمة بين الطرفين.
 
وحول توقيت الضربة الاستباقية الإسرائيلية، يرى أن التكهن بتاريخ محدد هو أمر صعب للغاية، لأن المنطقة تشهد حاليا مرحلة تجاذب سياسي قوية، أهمها اجتماع (5+1) مع إيران الأسبوع المقبل.
 
ويشير إلى أن إسرائيل لم تلتزم سابقا بمواعيد محددة لضرباتها العسكرية، كما أنها تعول على اتخاذ قراراتها بشكل منفرد من دون استشارة الولايات المتحدة الأميركية، مستشهدا على ذلك بما حصل في حرب تموز عام 2006 ضد حزب الله اللبناني، والعدوان على غزة أواخر العام الماضي وضرب بعض المدن العراقية والمواقع السورية.
 
ويقول الزويري "لست متفائلا من المواجهة الثنائية بين إسرائيل وإيران، لأن كل ملف شرق أوسطي أحيل إلى مجلس الأمن في السابق تحت الفصل السابع، انتهى بحرب دامية".
 
ويؤكد الخبير العسكري الفريق الركن المتقاعد د.غازي الطيب أن احتمالية تأثر الأردن من الحرب الإسرائيلية الإيرانية كبيرة جدا، من حيث سقوط الصواريخ التي تطلقها إيران على إسرائيل في المناطق الوسطى.
 
ويرى الطيب أن المنطقة الوسطى ستكون الأكثر عرضة لهذه الصواريخ، والتي يبدو أنها ستسقط فيها بعد تعقبها من قبل الرادارات الإسرائيلية، حيث قامت إسرائيل بنشر بطاريات باتريوت على حدودها الشرقية المقابلة لنهر الأردن والحدود الأردنية.
 
ويضيف أن لإسرائيل أفضل منظومة دفاع ضد الصواريخ بعيدة المدى في العالم، وهذا ما يرجح إمكانية سقوط هذه الصواريخ في الأراضي الأردنية، إلا أن طبيعة المنطقة الصحراوية والنائية من السكان، لن تزيد من احتمالات وقوع خسائر بشرية وإنما فقط قد تترتب عليها كلفة سياسية بين الأردن والبلدين المتحاربين.
 
ويضيف الطيب أنه لا يمكن التنبؤ بذلك منذ الآن، بيد أن المملكة عليها أخذ الحيطة والحذر من أي تبعات على هذه الحرب.
 
وعن سيناريو استعمال المجال الجوي الأردني، كمسار للطائرات الحربية الإسرائيلية، يشير الطيب إلى أن هذا الاحتمال غير وارد لأن الأردن يرفض بشدة استعمال مجاله لمهاجمة دول الجوار، مؤكدا أن لإسرائيل طرقا أخرى وبديلة منها التنقل عبر الحدود الشمالية.
 
ويرى الخبير الاقتصادي حسام عايش أن أي حرب إقليمية تؤثر على الأردن كما غيره من الدول، وليس هناك نتائج متوقعة إذا ما خرجت الأمور عن نطاق السيطرة.
 
ويقول عايش: إن الحرب، في حال اندلاعها، ستكون نتائجها مباشرة على دول الخليج بشكل عام وعلى الأردن بشكل خاص، الأمر الذي سيؤدي إلى إحداث مشاكل في أسعار النفط وتصديره.
 
ويشير إلى أن تحويلات المغتربين الأردنيين في دول الخليج ستتأثر أيضا نتيجة الحرب المتوقعة، والتي تعتبر أهم المصادر المالية للخزينة الأردنية.
 
ويؤكد على أن الصادرات التجارية الأردنية ستتأثر بشكل كبير، إضافة إلى العلاقات التجارية بين الأردن ودول الخليج، خصوصا مع هروب بعض الاستثمارات العربية والأجنبية من الأردن الذي يقع في منطقة "الوصل" بين البلدين المتحاربين.
 
ويشير عايش إلى أن الفترة الزمنية للحرب إذا ما طالت، ستؤدي بطريقة أو بأخرى إلى عودة أعداد كبيرة من المغتربين الأردنيين في الخليج إلى بلدهم، الأمر الذي سيخلق تقدما في سلم البطالة، إضافة إلى تأثر الاتفاقيات الأردنية الإسرائيلية بشكل سلبي من حيث موضوع المياه والزراعة والتجارة.
 
ويقول "إن طبيعة العملية الاقتصادية في الأردن تعتمد بصورة أو بأخرى على نمو اقتصادات الدول العربية المجاورة وخاصة في دول الخليج، وأن الحرب ستؤثر على جميع دول المنطقة، ما يخلق عجزا آخر في الموازنة واستقطاب الاستثمارات".
 
ولم يغفل عايش تأثر حركة النقل في ميناء العقبة البحري، وتأثر وصول النفط العراقي إلى السوق الأردنية حيث يباع بأسعار تفضيلية.الغد