صحيفة العرّاب

زي "الخصر الساحل" ينتصر على الثوب العربي بعمان

بعد محاكمة، الصحفية السودانية لبني، في قضية ارتدائها البنطلون، وما آثارته من جدل وانتقادات واسعة، نظراً لغرابة القضية، وتدخل السلطات في شأن شخصي بحت، برزت قضية أكثر طرافة واستغراباً في الأردن، تتعلق بمنع مدير مطعم في حي عبدون الشهير في عمان، مواطنا أردنيا من ارتياد المطعم، بسبب ارتدائه ثوبا عربيا "دشداش"، وهو ما اعتبره المدير خرقا لانظمة ارتياد المطعم، واساءة لمستوى المحل!، وانتقلت القضية الي القضاء بعد ان سجل المواطن اياه شكوي ضد المطعم، معتبرا ان التصرف معه بهذه الطريقة غير اللائقة، إهانة شخصية وتعدياً سافراً على كرامته، خاصة أنه كان يصطحب معه أصدقاء اوروبيين، اثارت الحادثة دهشتهم واستغرابهم!. واعتبرها احدهم الذي يشغل موقعا مسؤولا في منظمة دولية، شكلا من اشكال التمييز العنصري!.

كان المطعم يعج بالزبائن، من شباب يرتدون لباسا افرنجيا، وربما غالبيتهم بنطلونات الجينز، وبينهم من ينتمون الي ما اصبح يعرف بـ جيل الخصر الساحل اما الصبايا فمنهن من كان نصف اللباس يظهر مفاتنهن وجزءا مهما من اجسادهن، وبنفس المعيار سأل مرتدي الدشداش، وهو نقابي معروف، مدير المطعم، لماذا لا يعتبر لباس هؤلاء الزبائن يخدش الحياء ويخالف الذوق العام والتقاليد والاعراف الاجتماعية؟
الخصر الساحل، الذي اصبح موضة كاسحة بين نسبة كبيرة من جيل الشباب وبخاصة في الجامعات والمدارس، اثار في الاونة الاخيرة الكثير من الانتقادات في الاوساط الاجتماعية، وقبل ايام قليلة كنت وبعض الاصدقاء في طريقنا الى المقهي، فلفت انتباهنا شاب كان يسير امامنا يرتدي بنطلون جينز، كان ساحلا الى اسفل مؤخرته، واستغربنا كيف يستطيع الشاب المشي بهذه الوضعية، دون ان يسقط البنطلون الى قدميه، حيث لم يكن ثمة شيء يمسكه،! ثم ما الامر المغري بارتداء البنطلون بهذه الطريقة، فليس فيها اي شيء من الاناقة والجمال؟.
حادثة اخرى غريبة حدثت خلال شهر رمضان في إحدى الكفتيريات في عمان الغربية، تقدم مشروبات تأخذ اسماء اجنبية، رواها الاستاذ خيري منصور بكثير من المرارة، في مقال رائع نشر بجريدة الدستور، والحادثة تعكس مستوي الانحدار الاخلاقي الذي يعصف بمجتمعاتنا، اذ كان يجلس رجل مسن يلبس زيا تقليديا، في ركن من الكفتيريا، ويبدو ان الرجل كان كفيفا ،وفجأة قام احد الشبان الذي كان يجلس ربما مع صديقته، باخراج الرجل المسن الى خارج الكفتيريا، وكأنه شيء معيب، فاستفز المشهد، رجل سويسري كان يجلس على طاولة اخرى، فقام باعادة الرجل الكفيف، واجلسه على طاولته وطلب له مشروبا على حسابه!.
قضية بنطلون لبنى هي جزء من ثقافة الوصاية للسلطات الرسمية، التي تجيز لنفسها فرض نمط من الولاء والتفكير والسلوك، وحتى اللباس على المواطنين، ومعاقبة كل من يخالف ذلك! اما حادثة مطعم عبدون وكفتيريا عمان الغربية، و"جيل الخصر الساحل"،فهي على العكس من ذلك تعكس ثقافة سطحية تنتشر في المجتمع، ربما تتوهم انها جزء من العولمة والتحولات التي يشهدها عالم اليوم، بما في ذلك جنون الازياء والموضات الحديثة، فيما الحقيقة ان هذه الاوهام تعكس حالة تخلف فكري، اذ ان العولمة والحداثة تعني النهوض بالمجتمعات واستثمار منتجات التكنولوجيا لتطوير وتنمية تفكير الناس ومستويات المعيشة اقتصاديا واجتماعيا، وفي حقل العلوم ،لكن أين نحن من ذلك، نأخذ بالقشور وتغرينا المظاهر السطحية!. بقلم - أحمد ذيبان