غريب آليس كذلك، يا سبحان الله موتنا يدب الحياة بما لا حياة فيه آصلاً، فنائنا يحييّ الجمادات التراب والحجارة على غير ما فطرها الله عليه، آليس ذلك ضرب من الجنون، با الله عليكم من صاغ تلك العبارة ويرددها إنسان عادي، عاقل، راشد، آم غير ذلك؟؟!!
آحدهم إستفزني بحماسه النظري منقطع النظير بالحديث عن الوطن والمواطنة والوطنية والتضحية والفداء...الخ، من تلك الكلمات التي لم يعد لها مفهوم ولم تجر علينا إلا الكوارث، نموت، نهلك، من آجل من، نجرّ لحتفنا كقطيع، هل للوطن معنى عندما نفنى، وطن لمن؟؟!!
نموت نحن الشعب لبقاء حفنة ممن لا تعني لهم الآوطان آكثر من جواز سفر وبنك تحت تصرفه، وعند الطلب والجد والحاجة ينسحبون، لا يضحون بكلابهم قبيحة الشكل وقططهم السيامية..
هاهم يمتلكون المليارات المنهوبة، آسمائهم مدرجة ضمن قوائم الآثرىاء في العالم، ووطن يئن يترنح على شفير هاوية، ماذا قدموا له غير الكلام الفارغ والنقد الوقح لحال آصبحنا عليه هم سبب آساس فيه؟؟!!
آسف لتلقين أبنائنا معاني الموت والدماء، نزرعها في آذهانهم منذ الطفولة، آول ما يسطرّ على كرّساتهم، لنغرس بنفوسهم حب الموت وكره الحياة تحت مسمى الشهادة، ليوصموا بالإرهاب وتستباح دمائهم وحريتهم وكرامتهم وحقوقهم لاحقاً بحجة وبدون حجة..
لا يموت عاقل من آجل تراب قهر وحرم من آبسط حقوقه عليه، من تجرع الذل والمهانة وتاه في بلاد الدنيا ليجد لقمة ودرهم يعتاش به آطفاله، يرددها المنافقون المنعمون في الإحتفالات والآشعار والخطب الجوفاء..
نحن الوطن، حياته ومماته وفنائه، منّا يستمد إسمه وصيرورته ومكانته، لولانا لما إستحق ونال هذا الشرف نحن سرّه وسبب بقائه نضحي به لنحيا..
لن نموت من آجل وطن تمتع الغرباء فيه وحرم آبنائه حقوقهم وطن لم نعُد نملك من آرضه ومائه وهوائه وثرواته شيء وطن تتحكم به زمرة من السماسرة تقوده لكارثة محققة لا مستقبل له وفيه..
وطن لا يتساوى الناس فيه، هويته معروضة للبيع على قارعة الطريق تمنح لمن هب ودب دون حسيب ولا رقيب، شعبه خليط، وطن فسيفساؤه قبيحة الصورة والمنظر، وطن مُشتت المنابت والآصول، وطن يستمد آهله مواطنتهم من رقم مجرد من كل المعاني والقيمْ، وطن آصبح مواطنيه سكان!!
وطن لم يعُد وطن!!