صحيفة العرّاب

آمنة لاجئة سورية رمت طفلها.. ماما سامحني ما بقدر أطعميك

 : باستغراب شديٍد تسّمر المشاهدون أمام حلقة جديدة من برنامج "أحمر بالخط العريض" الذي يبثّ على شاشة المؤسسة اللبنانيّة للإرسال مع الإعلامي مالك مكتبي والتي تناولت قضيّة انسانيّة للغاية تتعّلق بتخلّي وبيع أمهّاتٍ عن أطفالهّن الرضّع فلذات أكبادهّن مقابل المال لتأمين حياة أفضل لآطفالهّن الرضّع وفقاً لشهاداتٍ عدد من الأمهات اللواتي حضرن الى الاستديو وتحّدثّن بكل صراحة ومن دون مواربة عن التّخليّ بإرادتهن عن أطفالهّن الحديثي الولادة.

إستهلت الحلقة مع إحدى الأمهات التي تدعى جورجيت التي قّرّرت أن تبيع طفلتها الرضيعة مقابل مبلغ 30 ألف دولار لأنّ هذا المبلغ وفقاً للأم "بيعيشوها منيح" ويتّم تسجيل ولدها غير الشرعي ّعلى خانة عائلة تهتمّ به، وفي التفاصيل فقد أوضحت جورجيت التي أّنبّها ضميرها والتي حضرت الى البرنامج لتّوجّه رسالة الى الأمهات بعدم التخّلي عن أولادهّن لو مهما تطّلبّ الأمر منهّن من عذاب وألم بالقول "لديّ 3 أولاد وحاولت بيع ابني من خطيبي قبل أن نتّزوّج، وأب الطفل لم يسأل عنه عندما علم بحملي ولكننّي أصّريت على الجنين غير آبهة بآراء الناس بل أردت إنجابه حتى ولو كان غير شرّعي"، وأضافت قائلة "لقد عرضت عليّ الطبيبة بيع الطفلة لعائلة أجنبيّة لانّه طفل غير شرعي ولاسيّما وأنّ وضعي الإقتصادي غير مستّقر". وتابعت "لقد عُرض علّي بيع ابني للمّرة الثانيّة من قبل جارتي بسعر 15 ألف دولار أمريكي. وانّ صفقة البيع هذه تخّولني أن أعيش حياة جديدة ومسّتقّرة مالياً لي ولولدّي"، واكدّت أنها لم تبلغ الجهات الرسميّة بعمليّة البيع. وختمت جورجيت حديثها برسالة توجيهيّة الى الامهات لعدم التخّلي عن اطفالهّن.

حالة أخرى استدعت الإنتباه والتّوقف عندها وهي ما حصل مع الأم آمنة، اللاجئة السورية التي رمت بطفلها الرضيع البالغ من العمر الشهر والنصف، من حوالي الشهر، وبكامل إرادتها في حقل مقابل مبنى إحدى المنظمات الدوليّة، التي وعدتها بمساعدة أبنائها وتخلّفت بوعدها، وقالت "لقد حملته بين ذراعيّ وأثناء نومه قلت له (ماما سامحنيما بقدر أطعميك)، ووضعته في الحقل وتمنّيت أن تجده عائلة أفضل منّي لانّه لا يمكنني أن أقّدّم له الحليب والحفّاضات"، وأوضحت آمنة التي استرجعت ابنها والتي ساعدها البرنامج أنّها لم تندم عن التّخّلي عن ابنها معللّة الأسباب بكلامها، "تخليت عن إبني لأنّه ظلم معي وأردت أن تجده عائلة تستطيع أن تؤمن له ما لم أستطع أن أعطيه إياه"، وأشارت الى أنّ زوجها لم يكن يعلم بما فعلته وهي الآن استرجعت ابنها بعدما رأتها المنظمة وهي ترميه، وفي لحظتها قالت آمنة: "لقد شعرت أننّي لا أستحق أن أكون أمّا لأطفال لا أقدّم لهم شيئاً".

وختمت تقول إنّها أتت اليوم لتحصل على مساعدة لإعانة أبنائها الذين يعيشون بالحرمان شأنها شأن سائر الأمهات السوريات اللاجئات.

وأيضاً حضرت الأمّ "خالدية" التي لم تشأ سرد الأسباب التي دفعتها الى التخلّي عن طفلتها التي أنجبتها بلحظات ومن دون أيّ مساعدة من أحد الى تركها في كرم ٍللزيتون متمنيّة أن تجد من يعيلها ويقّدّم لها فرصاً أفضل منها، وتكتمّت خالدية عن أسباب رميها وحملها لطفلتها التي لم تبك ولم تتمّكن من ضمّها الى صدرها بل سردت تقول "أنجبنت ابنتي بالسّر، لم يدر أحدهم بحملي ولا أستطيع أن أكشف عن سبّب تكتمي عن الموضوع، غير أنّ الجميع عرف بالموضوع لاحقاً عندما استجوبتني الشرطة والطفلة توفيّت بعد شهر من ولادتها في ميتم بسبب مرضها". خالدية التي عبّرت عن ندمها الشديد لرمي ابنتها أتت لتدعو الأمهات الى عدم التخّلي عن أطفالهنّ أيّاً تكن الأسباب.

الى ذلك حضر شخصان من منطقة الناعمة عثرا على طفل حديث الولادة لم يتجاوز اليوم مرميّاً على الطريق في العاصفة الثلجية الكسا وهو يصارع الحياة فقد تم انقاذه بفضل العناية الإلهية، وقد علم أنّ الأم وهي من الجنسيّة السورية قد تركته وغادرت الى سوريا، حسب ما أثبتت التحقيقات.

وأثناء عرض الحلقة اشتعلت مواقع التواصل الإجتماعي من قبل عدد من الآراء التي لم تجد أيّ عذر يدفع أيّ أمّ الى التخّلي عن أولادها بحجّة تأمين حياة أفضل واستغربت موقف الأم التي قّرّرت التخّلي عن رضيعها بسبب الأوضاع السيئة سائلينها ألم تكن تدري بخطورة الأوضاع قبل أن تقدم على الحمل فالإنجاب؟ هذا ورفض العديد من التعليقات مسامحة أيّ أم تقدم على ترك ابنها لمصير مجهول مهما كانت الأسباب والظروف.

وختاماً.. لا يسعنا إلاّ الإستشهاد بما قاله جبران خليل خبران في رائعته عن الأولاد إذ قال"أولادكم ليسوا لكم…أولادكم أبناء الحياة".