اكد المشاركون في ملتقى تعزيز قدرات الاعلاميين في مجال العمل الجبري والاتجار بالبشر على أنه ليست هناك دولة محصنة من وجود الاتجار بالبشر فيها مهما اتخذت من إجراءات وقائية.
وأضاف المشاركون في الملتقى الذي نظمته منظمة العمل الدولية من خلال مشروع القضاء على العمل الجبري والاتجار بالبشر والممول من الحكومة الكندية وافتتحت أعماله في العقبة أمس أن وجود القوانين والتشريعات والمصادقة على الاتفاقيات الدولية لدولة ما لا يحميها من تكون دولة معبر لضحايا اتجار بالبشر أو تحوي عصابة منظمة للاتجار.
وخلال الملتقى الذي شارك فيه مجموعة من الإعلاميين وممثلي الجهات الحكومية المعنية بمحاربة الظاهرة ومنظمات حقوقية أكد رئيس اللجنة الإرشادية للمشروع أمين عام وزارة العمل مازن عودة أن هناك عدة ممارسات من قبل أصحاب العمل في المناطق الصناعية المؤهلة تعتبر من ممارسات الاتجار بالبشر والعمل الجبري.
وبين أن الوزارة وبالتعاون مع الأجهزة الأمنية تعمل بشكل مكثف على مكافحة تلك المظاهر من خلال العمليات التفتيشية المكثفة والإجراءات المختلفة.
وبين أن دور وزارة العمل في مكافحة الممارسات الخاطئة ضد العمالة ييتم من خلال متابعة كافة العمال وظروف عملهم والتأكد من تطبيق أصحاب العمل قانون العمل عليهم.
وشدد عودة على أهمية دور الإعلام في لفت انتباه الوزارة إلى كثير من قضايا الإساءة للعمالة من خلال نشر تلك القضايا مبينا ان الوزارة بدورها تعمل على متابعة تلك القضايا وحلها مباشرة.
القاضي محمد الحوامدة
من جانبه أكد رئيس اللجنة الوطنية لمنع الاتجار بالبشر امين عام وزارة العدل القاضي محمد الحوامدة أن الواقع العملي في المملكة للظاهرة لم يصل إلى مستوى الجريمة المنظمة وإذا ما حدثت فإن لها طابعا فرديا غير ممنهج.
ولفت إلى أنه لا بد من التركيز على نشر الوعي بخطورة جريمة الاتجار بالبشر بين افراد المجتمع على اختلاف شرائحهم وتعريفهم بالفرق بينها وبين الصور المشابهة لها من شأنه تعزيز مفهوم الوقاية بين افراد المجتمع وتحصينهم تماما من الوقع في شرك هذه الجرائم, مشيرا إلى ان ذلك يتطلب جهودا وطنية لوضع استراتيجية وطنية لمكافحة الاتجار بالبشر.
ومن جانب آخر أكد مدير مشروع القضاء على العمل الجبري والاتجار بالبشر فراس طعامنة أن الملتقى جاء نظرا لاهمية دور الاعلام في تناول القضايا التي تلمّ بالمجتمعات والمسؤوليات والمساهمة في معالجتها.
وأضاف انه يأتي أيضا من أجل التنسيق المباشر والتعاون والمستمر مع الاعلاميين من اجل الوصول الى افضل تنفيذ لاهداف المشروع وغاياته المتمثلة بالنتيجة في المضي قدما في القضاء على العمل الجبري والاتجار بالبشر, بالإضافة إلى المساهمة في رفع قدرات الاعلاميين ورفع مستوى الحساسية الاعلامية تجاه هذه الظاهرة التي اخذت الطابع العالمي حيث لا تكاد دولة تخلو من اعراض هذه العدوى وان لم تصبها اصابها غبارها.
وخلال الملتقى عرضت الخبيرة في قانون العمل واتفاقيات العمل الدولية من منظمة العمل الدولية د.هند الطراونة تعريف الاتجار بالبشر ومدى انتشار الظاهرة في العالم وبينت أنه هو الاستخدام والنقل لاشخاص عن طريق التهديد او الاختطاف او الخداع بهدف الاستغلال الجنسي او السخرة او نزع الاعضاء او الزواج القسري.
وميزت بين جريمة الاتجار بالبشر عن الاوصاف الجرمية للهجرة غير الشرعية حيث قالت ان جريمة تهريب المهاجرين هي جريمة ترتكب ضد سيادة الدولة بينما جريمة الاتجار هي جريمة ترتكب ضد الافراد الذين يتم استغلالهم والاتجار بهم واستخدامهم كسلعة.
وفصلت الفئات المستهدفة من الاتجار بالبشر والتي تتضمن النساء والاطفال والعمالة الوافدة حيث ان كثير من هذه العمالة بحسب الطراونة تتعرض لانواع من الاعمال القسرية والاستعباد فيتحول عقد العمل الى عقد استعباد.
وعرضت بعض الارقام التي تكشف حجم الظاهرة في العالم من خلال إحصاءات أعدتها منظمة العمل الدولية حيث كشفت الارقام ان عدد ضحايا الاتجار بالبشر يصل إلى 12 مليون و300 الف ضحية سنويا.
وأضافت أن 56% من هذه الضحايا هم من الاطفال والنساء كما أن ما بين 40-50% من الضحايا هم من الاطفال أقل من 15 عاما.
وبينت أن 43% من المتجر بهم تكون التجارة بهم على شكل تجارة الجنس والاستغلال كما ان 32% من حجم الظاهرة تكون على شكل العمل الجبري.
واضافت انه ونظرا للارباح الهائلة المتأتية جراء هذه التجارة تم تصنيفها عالميا في المرتبة الثانية بعد المخدرات, حيث تقدر ارباحها السنوية بـ31.6 مليار دولار مع التوقعات بالزيادة نظرا لضعف آليات العقوبة لهذه الجريمة.
ووجهت الطراونة عددا من الانتقادات للإعلام الاردني في مجال تغطية مكافحة الاتجار بالبشر وبينت ان الإعلام اهتم بالتعليق على تقارير اعلامية اجنبية دون التعرض لها بصفة عامة ودون الاهتمام بها لاسباب انسانية كما انه يتم التركيز على ما ورد في التقارير الدولية فقط دون وجود البحث الاستقصائي أو الميداني عما جاء في تلك التقارير.
يشار الى ان هذا الملتقى هو الثاني الذي ينظمه المشروع حيث تم تنظيم ملتقى أول للجنة الوطنية لمنع الاتجار بالبشر, تمكن فيها المشروع من بناء شراكة قوية مع اللجنة الوطنية والخروج بالعديد من التوصيات التي تعنى بتطبيق اهداف المشروع المنسجمة مع مسؤوليات اللجنة الوطنية لمنع الاتجار بالبشر, كما تم تشكيل لجنة فرعية عن اللجنة الوطنية تكون بمثابة لجنة توجيهية للمشروع لغايات تنسيق الجهود لتنفيذ توصيات الملتقى.
ويهدف هذا الملتقى الذي يستمر حتى الغد الى تعريف الاعلاميين بالمشروع ,اهدافه وغاياته ورفع قدراتهم بموضوع العمل الجبري والاتجار بالبشر وكافة القضايا المتعلقة فيه بالاضافة الى خلق شراكة نوعية بين الاعلاميين والمشروع لغايات نشر الوعي المجتمعي بالقضايا المحيطة بظاهرة الاتجار بالبشر من خلال اقتراح تشكيل لجنة اعلامية للمشروع والخروج بتوصيات حول خطة اعلامية لغايات وضع الخطط والاجراءات الوقائية اللازمة للحد من انتشار هذه الظاهرة والسعي بالاردن الى مصاف الدول المحاربة لها عالميا.
مشروع القضاء علىالعمل الجبري والاتجار بالبشر مصمم لمدة 18 شهرا لمساعدة الحكومة الأردنية و الشركاء الاجتماعيين على متابعة و تعزيز الجهود المتخذة للحد من جرائم الاتجار بالبشر بالاضافة الى ضبط ومراقبة وتنظيم عملية التشغيل. علاوة على ذلك فإن المشروع سيساعد الأردن في التقدم باتجاه المصادقة على مبادئ حرية التجمع النقابي ومكافحة العمل الجبري وعمالة الأطفال بالاضافة الى مكافحة التمييز فيما يتعلق بالمهن والتوظيف.