صحيفة العرّاب

الأمن العام يدحض الاحصاءات..اتهام جهات أمريكية وإسرائيلية بافتعال ظاهرة جرائم الشرف

أظهرت دراسة رسمية حول الحديث عن تصاعد جرائم الشرف، أن الأعداد المثارة من قبل منظمات حقوق الإنسان "مبالغ فيها" مقارنة مع الأرقام التي سجلتها إدارة البحث الجنائي في مديرية الأمن العام. معتبرة أن تنامي القتل بداعي الشرف "فرية" تدحضها الإحصاءات. في الوقت الذي أشارت فيه تقارير صادرة عن منظمات حقوقية محلية ودولية إلى أن العدد الحقيقي أكثر مما أعلن عنه رسميا.

وتثبت تقارير الأمن العام أنه منذ بداية العام الجاري حتى نهاية شهر آب الماضي، تم تسجيل 7 حالات قتل "بداعي الشرف"، في حين سجلت 28 حالة قتل "بداعي الشرف" خلال الأعوام الثلاثة السابقة بمعدل 7 حالات في العام 2008 و15 حالة في 2007 و13 حالة في 2006. بينما تصر تقارير منظمات حقوق الإنسان على وقوع 30 حالة قتل "بداعي الشرف" سنويا.
 
ويعمل متخصصون قانونيون وعلماء اجتماع وشريعة على "نقض ومحاربة" مفهوم "جرائم الشرف"، معتبرين أن هذا المفهوم "دخيل" على المجتمع الأردني، ويسيء لسمعة بنات ونساء الأردن ويصفهن "بالمنحلات أخلاقيا"، على حدّ قولهم، كما يعرض الأردن لضغوط المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان.
 
المحامي سميح خريس قال لـ"السبيل" إن القانون الأردني لا يحتوي ما يبيح أو يجرم ما يسمى بـ"القتل بداعي الشرف"، وقانون العقوبات لا يفصل بين أغراض جرائم القتل، لافتا إلى أن المادة 340 من قانون العقوبات تشير إلى أنه "يستفيد من العذر المخفف من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في جرم الزنا المشهود أو في حالات جنسية فحشاء مع شخص آخر، فأقدم على قتلها أو إيذائها أو على قتل أو إيذاء أحدهما بغير عمد، فإن العقوبة تُخفف عنه لتصل إلى السجن لمدة 6 أشهر". أما المادة 98 من القانون، بحسب القانوني، فإنها تقضي بتخفيف العقوبة لمن يرتكب جريمة القتل وهو في حالة غضب عارم. وأشار خريس إلى أنه لا يحق أن يُقيم الدعوى على القاتل إلا ولي أمر المجني عليها، وهو غالبا ما يطلب باستئناف الحكم الصادر بحق القاتل، مضيفا أن ولي الأمر يطلب التخفيف لأن الجاني يكون من أقارب المجني عليها. ورأى أن قضية جرائم الشرف "مفتعلة ودخيلة" على المجتمع الأردني، وجرى "افتعال" هذه الظاهرة من قِبل منظمات حقوق الإنسان المرتبطة بجهات أميركية وإسرائيلية، مشيرا إلى أن ذلك يأتي في إطار هجمة على المجتمع الأردني، ومحاولة ضرب الجذور العربية والإسلامية للمجتمع.
 
من جهته، "تأسّف" أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية حمود العليمات على ما يُشاع من أن الأردن أصبح "مجزرة" تراق فيها دماء الأردنيات، مشيرا إلى أن التفسير النفسي للإقدام على القتل يأتي من دافع التقوى أو الفجور للقاتل.
 
وأضاف أن "المجتمعات الإنسانية لديها أولويات لتنظيم الغريزة الجنسية من خلال مؤسسة الزواج، لأن الأسرة هي عمود المجتمعات وأساسها، لذلك فإنها تُحاط بسياج حماية وخط دفاع اسمه "الشرف".
 
وبحسب العليمات، فإن الأسرة التي تصاب في شرفها تنهار بالكامل، لأن المساس به يسبب لها عزلة اجتماعية.
 
وتابع: "بسبب اعتياد المجتمعات توسيع دائرة الاتهام للأسرة المطعونة في شرفها، لتشمل الإخوة والأخوات والأب والأم وحتى الأقارب، ولهذا يسارع بعضهم إلى التخلص من هذا العار - كما يعتقدون - بالقتل".
 
ويرى العليمات أن مرتكب جريمة الشرف يحظى بالقبول والرضا من المجتمع، وارتكاب هذه الجريمة يغطي على التقصير الحاصل أصلا من الأسر في التنشئة والتربية.
 
ودعا إلى عدم تضخيم المشكلة أو التعميم على المجتمع الأردني من خلال الحالات الفردية وتصوير نساء وبنات الأردن بأنهن "منحلات" وغير ملتزمات بشرع الله أو بالقانون والأخلاق، لا سمح الله.
 
أما أستاذ الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة العلوم التطبيقية الدكتور منذر زيتون، فأكد أن ارتكاب ما يسمى بـ "جرائم الشرف" أمر مرفوض في ديننا الإسلامي، لأن النفس الإنسانية نفس كريمة ومحصنة ولا يجوز الاعتداء عليها فيما دون القتل فكيف بالقتل، فالقتل عقوبة لا يجوز لأحد أن يوقعها إلا ولي الأمر أو الحاكم.
 
ولفت زيتون إلى أن أكثر الحالات التي تتهم بالشرف وتقتل باسمه تكون بريئة، وأن القتل يكون إما انتقاما أو تحريضا باسم الشرف.
 
وأضاف أن طرق إثبات الجرائم في الإسلام تقوم على البينة الصادقة دون أي شبهة، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "ادرؤوا الحدود بالشبهات".
 
وقال زيتون إن الإسلام حصّن المجتمع من هذه الآفات بإشاعة قيم الفضيلة والاحتشام، وشرع الزواج كطريق صحيح أمام تلبية الحاجات العاطفية والجسدية للإنسان، وأوجد في نفس المؤمن ضوابط ذاتية ينتهي معها عما نهى الله تعالى ويأتمر بما أمر.
 
من جانبه، طالب مدير جمعية العفاف مفيد سرحان بعدم "تضخيم" حالات القتل "بداعي الشرف"، مؤكدا على أهمية تحديد حجمها الحقيقي دون تهويل، ومن ثم دراسة الأسباب الحقيقية التي تؤدي إليها، ووضع الحلول العملية التي تساهم في حلها.
 
وأشار إلى أن تضخيم ما يسمى "بجرائم الشرف" لا يساهم في حلها، بل يسيء إلى سمعة الأردن، ويجعلنا تحت ضغط المنظمات الدولية. وشدد سرحان على الالتزام بالمنهج الإسلامي الذي يدعو إلى العفة ويحرم التعامل مع الجنس خارج مؤسسة الزواج، داعيا إلى ضرورة تطبيق نظام العقوبات الإسلامي. وكان مركز المعلومات والبحوث في مؤسسة الملك الحسين بن طلال والمركز الأردني للبحوث الاجتماعية ومركز المفرق للدراسات والبحوث التنموية، أعدوا دراسة علمية ربطت بين الفقر و"جرائم الشرف"، حيث أجريت على 102 جريمة مسجلة رسميا بين الأعوام 2000 و2009.
 
وأشارت الدراسة إلى أن 30 في المئة من سكان الأردن فقراء, وأن الفقر يتركز بصورة أكبر في منطقة الوسط.
 
وتشير الإحصاءات إلى أن 81 في المئة من الضحايا لم يتجاوزن 30 عاما، وأن 8 في المئة منهن حاصلات على شهادة الثانوية العامة، الأمر الذي يدعو للربط بين التحصيل العلمي المتدني وهذه الجرائم.
 
في حين أن 18 في المئة من المجني عليهنّ عاملات، فيما بلغ دخل 42 في المئة من الضحايا 450 دينارا، إلى جانب أن 54 في المئة من الضحايا تركزن في منطقة الوسط وهي منطقة الفقر، حسب الدراسة.
 
وبيّنت الدراسة أن 76 في المئة من الجناة هم إخوة للضحايا، و64 في المئة منهم هم دون سن 30 عاما, في حين أن التحصيل العلمي لـ92 في المئة منهم دون الثانوية العامة، و51 في المئة منهم في منطقة الوسط. ولفتت إلى أن العنف الأسري في تزايد عبر السنوات الأربعة الأخيرة، لا سيما أنها بلغت 1423 حالة في عام 2004، في حين بلغت نحو 4312 نهاية العام 2008، مشيرة إلى أن 9 في المئة من حالات عام 2008 كانت اعتداء جنسياً. السبيل