إحساس بالحزن والوحدة والانعزال وميل الى ارتداء كل ما هو اسود... يضاف الى ذلك استعمال رمز الجمجمة في الكثير من الامور الحياتية العادية, اصبحت تميز المظهر الخارجي لفئة من الشبان والفتيات في ايامنا هذه.
فنجد مثلا فتاة تحمل حقيبتها المدرسية متباهية بما يزينها من رسومات الجماجم اضافة الى ارتدائها اقراطا واساور تحمل نفس تلك الرسومات منقوشا عليها حرف اكس ما يعني ان هذه الفتاة تقلد ما يطلق عليه في الغرب (الإيمو).
والإيمو هي اختصار لكلمة ( ايموشن) الانجليزية والتي تعني الانفعال والإحساس ، وقد بدأت كتيار في موسيقى الهارد روك في اوائل الثمانينيات لتتحول مع بداية الألفية الثالثة إلى نمط حياة لجماعات معينة بدأت تظهر في واشنطن وامتدت نتيجة التقليد الى العديد من المجتمعات العربية والفقيرة .
المعلمة عبلة تصف فتيات الـ ( ايمو ) بالميل نحو الحزن والتشاؤم والاكتئاب والصمت اضافة الى ادعاء الخجل مشيرة الى انها قريبة من الطالبات وتحاول تغيير تلك الميول قدر استطاعتها عن طريق بث روح العمل الجماعي بينهن اضافة الى اشاعة اجواء المرح على الحصة وحفزهن على المشاركة.
ولدى المرور من امام احدى المدارس او احد المولات فاننا نستطيع تمييز من يسمون انفسهم بـ (الإيمو)... اذ ان مظهرهم لافتا من خلال تسريحة الشعر ، فالذكور يطيلونه ويكون منسدلا الى الامام اضافة الى عمل جرح بأحد الحاجبين وثقب احدى الاذنين .
وان ملابسهم السوداء تكون عبارة عن بنطلونات ضيقة جدا او فضفاضة جدا وتكاد تكون مهترئة ويرتدون الاساور السوداء بكل اشكالها, ويفضلون اللجوء الى الموسيقا الحزينة والاغاني الكئيبة ايضا .
وجهات نظر ...
مدير ادارة التعليم العام في وزارة التربية والتعليم الدكتور منذر الشبول يؤكد ان تعليمات الوزارة بخصوص المظهر العام للطالب معروفة ومطبقة حسب الاصول ، ويقول انها تشدد على الالتزام بالزي المدرسي وعدم استخدام مواد التجميل والاكسسوارات وان لا تكون الفتاة ملفتة للنظر من حيث استخدام الحلي والزينة وكذلك الحال بالنسبة للذكور ، اذ ان التعليمات تلزمهم بارتداء الزي المدرسي وتقليم الاظافر وتسريح الشعر بطريقة لائقة .
ويضيف ان جميع المدارس مطالبة كمؤسسات تربوية بان تلزم الطلبة بحسن المظهر والهندام العام لهم مشيرا الى ان دور مدير المدرسة ارشادي وتوجيهي اكثر منه ايقاع عقوبات بحق المخالفين .
تقول المعلمة عبلة ان الايمو ممن تعرفهن من الطالبات يعملن على استحضار اي حزن سابق مر بهن ليبقى في الاذهان مشيرة الى ان الايمو باختصار شخصية حساسة ومتمردة في ذات الوقت .
ام رندة التي ضاقت ذرعا بابنتها المراهقة قالت ان اكثر ما يلفت نظر ابنتها في محلات الاكسسوارات هي الاقراط التي تحمل صور الجماجم, وتضيف اعتقدت في البداية ان الامر مجرد موضة وتقليد وانه سرعان ما سيزول الى غير رجعة ، ولكنها تفاجأت بان ابنتها 12 عاما مغرمة جدا باللون الاسود والاساور السوداء وانها اكتشفت ان رسسومات الجماجم انتشرت على دفاتر المدرسة الخاصة بها اضافة الى رسم الجمجمة على حائط غرفتها .
استاذ العمل الاجتماعي في الجامعة الاردنية الدكتور فواز المومني يشير الى ان ثقافة ما يسمى بـ (الايمو) ثقافة مستوردة من الغرب يدعي اصحابها بانهم حساسون ويتألمون في واقع حياتهم مع العلم بانهم من بيئات مرفهة اجتماعيا .
ويقول ان تلك الفئة غير مرتبطة بقضايا مجتمعها سواء الدينية او الوطنية او حتى الاجتماعية وغير مسؤولة 0 سيواجه مقلدو (الايمو) بحسب الدكتور المومني تحديا كبيرا في حياتهم المستقبلية ، اذ ان ادعاءهم بالخجل والحساسية من شأنه ان يصبح حقيقة واقعة وبما ان السلوك الاجتماعي سلوك متعلم فانه سيعاني من الرهاب الاجتماعي ويصبح انسانا خجولا قد يودي به ذلك الشعور الى الادمان مثلا في محاولة للابتعاد والخروج عن مجتمعه الحقيقي .
ويضيف ان فتيات وشباب ( الايمو) يعانون من اشكالية في التكيف الاجتماعي لذلك يحاولون ايجاد بيئة ومجتمع خاص بهم يميزهم عن الاخرين , وسبب ذلك الانفتاح الهائل على الغرب .
ويعزو المومني وجود هذه الظاهرة الى التنشئة الاجتماعية المتساهلة مشددا على دور الاسرة الكبير في تعديل وضبط سلوك ابنائها حيث تعتقد العديد من العائلات بان ذلك يعتبر حرية شخصية للابناء المراهقين وانها سرعان ما ستزول مع مرور الوقت .
العديد من محلات الاكسسوارات تعرض ما يحتاجه الشبان والفتيات من الاشياء الكمالية مليئة برسومات الجماجم سواء باللونين الاسود اوالابيض او بالوان اخرى مخصصة للفتيات .
سالم موسى بائع في احد محلات الاكسسوارات يبين ان رسومات الجماجم والتي كانت لفترة زمنية تقتصر على الشبان من دون الاناث اصبحت الان صفة رقي وتتماشي مع الموضة بالنسبة للفتيات.
ويشير الى ان الشركات المصنعة باتت تعمل على تجميل الشر من خلال رسم الجماجم بالوان زاهية وبراقة اضافة الى تعديلات على الرسمة مثل الباس الجمجمة طاقية او وضع سيجارة في فم الجمجمة .
استاذ العقيدة الاسلامية في كلية الشريعة بالجامعة الاردنية الدكتور عطاالله المعايطة يوضح ان افرازات الاختلاط والانفتاح على الغرب بدأت بالظهور في مجتمعاتنا مؤكدا على ان العرب لم يعرفوا ابدا ثقافة الجبن والحزن والالم وان العربي يبقى ثابتا مرفوع الرأس مهما حل به من احزان ومصائب .
ويقول ان تلك الفئة من المجتمع تنقل مذاهب عدمية يعيش بها الغرب ممن يمارسون كل شيء ولا يعودوا يشعرون باللذة او الفرح لاي شيء فيميل الى الحزن مما ينتج عندهم النظرة العدمية الى الحياة وبالتالي ارتداء الجماجم سواء في سلاسل في رقابهم او حتى فوق رؤوسهم .
ويستعرض اهم الاسباب التي ادت الى انتشار ظواهر اجتماعية ثقافية غريبة عن مجتمعنا وثقافتنا الاسلامية العربية مثل ضعف التوعية الدينية والاجتماعية بهدف بناء جيل قوي يعيد للمجتمع كيانه وقوته اضافة الى الدعوة الى الاخلاق الحميدة ومكارم الاخلاق وحب الغير .
ويطالب المتعلمين والمثقفين وممن يفهمون عقلية الشباب للتاثير على هؤلاء المقلدين وتعليمهم ان الحياة افضل مما يعتقدون اذا مارسوا نشاطاتهم بطريقة سليمة .
استاذ علم النفس في جامعة مؤتة الدكتور علي الهنداوي يقول ان تلك الفئة من الناس تعيش في صراع فكري ولا يوجد ما يشغلها فتلجأ الى البحث عن القوة والعنف والخطر ما يوحي لها بانها تشكل نوعا من الفكر الخاص بها موضحا انه كلما زاد مؤيدوها زادت قناعتها وتمسكها بهذا الفكر الزائف " بارتدائها الجماجم كانها ترسل الى العالم رسالة تقر بوجودها وباصرارها على مجاراة الموضة بكل اشكالها .
ويبين ان الجمجمة ترمز الى عنصر الوجود من خلال البحث عن القوة وان تلك الفئة من الشبان ترسم الجمجمة في رمز القوة والخطر بذات الوقت . وفاء مطالقة / بترا