صحيفة العرّاب

إدخال أول شحنة خردة عراقية للأردن منذ تفجيرات عمّان

أكدت مصادر رسمية دخول أول شحنة من الخردة العراقية إلى المملكة مؤخراً، وذلك بعد انقطاع استمر نحو أربعة أعوام إثر قرار رسمي بمنع استيراد هذه الخردة لأسباب أمنية وأبعاد بيئية.

 وعلمت "الغد" أن شحنة من خردة الحديد العراقية، التي تبلغ كميتها نحو 260 طناً، وصلت إلى المنطقة الحرة بالزرقاء في 2 أيلول (سبتمبر) الماضي.
 
وتعد هذه الشحنة أيضا الأولى التي تدخل المملكة منذ قرار الحكومة السماح بالعودة لاستيراد الخردة من العراق، الذي اتخذ في حزيران (يونيو) 2008.
 
وكانت الحكومة منعت رسميا استيراد الخردة من العراق أو إدخالها للبلاد لغايات إعادة التصدير للخارج بعد تفجيرات الفنادق بعمان في التاسع من تشرين الثاني (نوفمبر) 2005، وإثر تزايد الشكاوى من الآثار الصحية والإشعاعية السلبية لهذه الخردة، التي تتشكل أساسا من مخلفات وبقايا أسلحة الجيش العراقي بعد احتلال العراق في نيسان (إبريل) 2003.
 
وحسب وثيقة حصلت عليها "الغد"، تم استيراد كمية الخردة العراقية المذكورة من قبل شركة عراقية تدعى "أهل العراق للتجارة العامة"، ولصالح شركة الائتلاف الأردني لصناعة الحديد والصلب.
 
فيما أشارت مصادر مطلعة إلى أن شحنة جديدة من الخردة العراقية "وصلت" إلى الحدود الأردنية نهاية الأسبوع الماضي محملة من خلال أربع شاحنات، وهي موردة أيضا من شركة "أهل العراق للتجارة العامة".
 
مصدر رسمي في وزارة الداخلية أكد، إلى "الغد"، "دخول شحنة الخردة العراقية من قبل شركة "أهل العراق"، معتبرا أن استيراد الكمية "تم ضمن الأسس والأنظمة المتبعة لاستيراد الخردة".
 
وأشار إلى أنه تمت "الموافقة" على إدخال هذه الشحنة من قبل لجنة أمنية درست طلب الاستيراد، والذي ورد لوزارة الداخلية من وزارة الصناعة والتجارة.
 
كما لفت المصدر إلى أن الحكومة كانت عادت عن منع استيراد خردة الحديد من العراق (منتصف العام 2008) بعد ارتفاع أسعار الحديد عالميا، لكن "ضمن شروط وأسس صعبة جدا، وذلك بعد الحصول على موافقات أمنية على استيرادها"، لكنه لم يحدد تلك الأسس والشروط.
 
يشار إلى أن رفع الحظر عن استيراد الخردة العراقية جاء بعد ارتفاع أسعار الحديد إلى أرقام غير مسبوقة، حيث زاد طن الحديد في السوق المحلي حينها عن ألف دينار، قبل أن ينخفض تباعا ليصل نحو 400 دينار.
 
ويأتي استيراد هذه الكمية من الخردة العراقية من قبل شركة عراقية في ظل انتقادات لتجار خردة أردنيين من عدم السماح لهم باستيراد الخردة من العراق، بحسب التاجر ياسين نصار.
 
وكان عدد كبير من التجار الأردنيين استوردوا ما يقدر بمئات آلاف الأطنان من الخردة العراقية في فترة ما قبل منع الاستيراد نهاية العام 2005، إلا أن اغلب تلك الكميات المستوردة ذهبت للتصدير خارج المملكة، وتحديدا للهند والصين وأوروبا.
 
ورغم نفي مصانع صهر الخردة الأردنية أن يكون هناك منع رسمي للأردنيين لاستيراد الخردة من العراق، فإن هذه المصانع تعتبر أن الشروط المشددة والأسس الموضوعة للسماح باستيراد هذه الخردة "تمنع فعليا" من استيرادها.
 
وأوضح مدير عام أحد مصانع صهر خردة الحديد الأردنية وليد أبو عجمية أن المستوردين الأردنيين ومصانع صهر الحديد، وعددها ثلاثة، "لم تتمكن من استيراد أي كمية من العراق وفق الأسس والشروط الموضوعة منذ قرار الحكومة بالسماح بالعودة لاستيراد الخردة من العراق".
 
وقال إن قرار منع الاستيراد للخردة العراقية "ما يزال قائما عمليا"، موضحاً أن الجهات الرسمية "تشترط استيراد الخردة على شكل "بالات" حديدية مصهورة في العراق وقبل دخولها إلى الأردن، على أن تكون البالة (الكتلة) بحجم نصف متر في نصف متر مكعب".
 
وحسب أبو عجمية، فإن شروط وأسس الاستيراد للخردة تحتاج من المصانع أو المستوردين الأردنيين إلى "إقامة مصانع صهر الخردة داخل العراق قبل تصديرها للمملكة، وهو أمر غير معقول وصعب".
 
واعتبر أبو عجمية أن الأردن "هو البلد الوحيد الذي خسر من الاستفادة من كميات الخردة العراقية الكبيرة، والتي تصدر إلى دول عديدة حاليا عبر إيران وتركيا وسورية".
 
وأوضح أنه "حتى الكميات التي تم إدخالها للمملكة ما قبل العام 2005 (أي قبل قرار المنع) كانت أغلبها لغايات التصدير إلى الخارج، باستثناء كميات قليلة استغلت داخليا".
 
ويتراوح سعر طن خردة الحديد محليا ما بين 100 و120 دينارا، وفقا للصنف والكمية.
 
وكان استيراد الخردة العراقية بكميات كبيرة بعد احتلال العراق آثار حفيظة الرأي العام الأردني وجهات بيئية رسمية وأهلية، حذرت من الآثار البيئية والإشعاعية الخطيرة لهذه الخردة، وهي خطورة ناتجة عن تعرض الكثير من الأسلحة والقطعات العسكرية العراقية لـ"التلوث الإشعاعي جراء ضربها وقصفها بقنابل اليورانيوم المستنفد"، بحسب تقارير دولية.
 
وتحدثت تقارير إعلامية أردنية في فترة السماح باستيراد الخردة العراقية وتجميعها في مكب للخردة بمنطقة الموقر جنوب عمان عن آثار صحية وبيئية "سلبية" لوجود هذه الخردة، وصلت إلى حد الإشارة إلى أنها تسببت بـ"تشوهات وأمراض لسكان المنطقة والعاملين في المكب"، لكنها معلومات وآراء لم تؤكد رسميا، فضلا عن التحذير من انتقال المواد المشعة عبر الهواء والبناء أو الآبار الارتوازية داخل التربة.
 
إلا أن أبو عجمية اعتبر، في تصريحه إلى "الغد"، انه "لم يكن من الممكن دخول أي كمية من الخردة العراقية الملوثة بالإشعاع لوجود رقابة أمنية وعلمية رسمية على دخولها عبر المركز الحدودي".
 
وأكد استعداد مصانع الصهر الأردنية لاستيراد الخردة العراقية "وفق أسس اقل تعقيدا، وتضمن في الوقت ذاته سلامة الكميات المستوردة ومأمونيتها من مختلف النواحي الأمنية والبيئية"، لافتاً إلى أنه يتوفر في المصانع الأردنية وحدات لمعالجة الشوائب وأخرى لفحص الخردة من المواد المشعة والخطرة.
 
وكانت وزارة الداخلية أعلنت في حزيران (يونيو) 2008 عن تشكيل لجنة حكومية كانت شرعت حينها باستقبال طلبات لاستيراد الخردة العراقية في محاولة من الحكومة للحد من ارتفاع أسعار الحديد.
 
يشار إلى أن المملكة تستهلك نحو 300 ألف طن من الحديد سنويا، فيما تبلغ الطاقة الإنتاجية للمصانع الأردنية العاملة (وعددها 12 مصنعا) نحو 1.4 مليون طن سنويا، وتشكل ما نسبته 7% من إجمالي كلف البناء في المملكة.