تفتح شكاوى الجاليات الأردنية في دول مختلفة الباب على أسئلة حول واقع الخدمات التي تقدمها تلك السفارات، وفي ذات الوقت تضع الأصبع ليؤشر "على ضعف ما تقدمه تلك السفارات من مستوى خدمي للمواطن الاردني المغترب".
وللامانة في النقل بعض تلك الشكاوى تجاوزت دور السفارات وحملتها ما لا يدخل في نطاق عملها، وأناطت بها أدوارا لا تدخل في صلب عملها.
وليس عذرا أن لا تضطلع السفارة وكادرها بمهمتها في خدمة المواطنين في الخارج على أكمل وجه، الا ان النظرة الشمولية لهذا الموضوع تحتم قبل البحث عن المقصر في تحمل المسؤولية، الالتفات الى الإمكانات والموازنات المرصودة والموجهة لبعض السفارات لتقوم بتلك المهام، وفي هذا السياق يشير دبلوماسي سابق فضل عدم الكشف عن اسمه أنه "لا يمكن لسفارة أردنية أن توازن جيدا في تعاملاتها بمسؤولية وانصاف، ما دامت موازنتها قليلة أصلا".
ويضيف الدبلوماسي أنه في بعض الدول "يكاد السفير لا يكفيه راتبه للعيش الكريم خاصة في دول أجنبية".
ويزيد كذلك بأن مخصصات السفارات "تكاد لا تسمح لها بتوفير إيجار مبنى أو مكان السفارة والإنفاق على باقي الخدمات".
لكن، وبحسب المهام الملقاة على عاتق السفارات خاصة تجاه الجالية، فإن تلك السفارات وبحسب الشكاوى مقصرة.
فعلى سبيل المثال وليس الحصر، على ضعف دور السفارات في تقديم الخدمة، فإن الموقع الإلكتروني للسفارة الأردنية في قطر، لم يحدّث منذ حزيران (يونيو) من العام 2002، حيث بمقدور أي مسؤول أن يدخل ليعرف ذلك، والحال كذلك في مواقع إلكترونية كثيرة لسفاراتنا في الخارج، والتي وإن كانت أكثر حداثة من موقع السفارة الأردنية في قطر.
وعلى صدر الصفحة الإلكترونية لموقع وزارة الخارجية جاء تعريف مهام الوزارة والسفارات في الخارج على نحو سؤال وجواب اقتبسنا منه: كيف يمكن أن أصل إلى السفارة الأردنية في بلدي؟
"يمكن أن تصل إلى السفارات الأردنية في الخارج من خلال موقع السفارات الأردنية في الخارج على الصفحة الرئيسية والتي تقودك إلى العناوين الكاملة للسفارات"، وفي جواب على سؤال آخر: متى يتم تحديث موقع الوزارة الإلكتروني؟ والجواب: "يتم التحديث بشكل يومي".
وبالعودة الى شكاوى وردت في تعليقات على مقال للزميل رئيس التحرير موسى برهومة بعنوان "لا تزعجوا السفير..إنه يلعب البولو"، كتبها إثر زيارته مع وفد إعلامي لجمهورية الصين الشعبية بمناسبة احتفالاتها بالذكرى الستين لتأسيسها، قال فيه "إننا لم نر السفير قط، ولا سمعنا عنه أو سمع منا أيما شيء".
وأضاف "وليس في تصرف سفيرنا المحبوب في بكين أي غرابة، فلم يكن زميله في الدبلوماسية، سفيرنا الأغر في الإمارات بأوفر كرما منه، ما يشي أن المعضلة ليست محصورة في هذين السفيرين، فالأمر يكاد يكون سمة طاغية لعدد غير قليل من سفرائنا في الخارج".
ويقول محمود العمري في تعليقه ومن خلال تجربته التي استمرت منذ عام 1979 وحتى كتابة هذة السطور وبحكم دراسته وعمله مع المنظمات والهيئات الدولية وزيارته لكثير من الدول "لم يحالفه الحظ ولا مرة بلقاء أحد السفراء الأردنيين ولا حتى في احتفالات ومناسبات سفارات الدول الصديقة للاردن".
من جهته يروي آدم قصة حصلت معه أثناء دراسته في احدى الدول، حيث توفي أخ لزميل أردني كان يعاني من ضائقة مالية وجمع له الطلبة الأردنيون الذين لم يتجاوز عددهم 20 طالبا مبلغا من المال وذهب للسفارة الأردنية هناك وحينما طلب من السفير أن يتبرع رفض بحجة أنه "لا يستطيع التبرع" فقد يموت كل "يوم أحد أقارب الطلبة الأردنيين"، وبعدها يؤكد آدم بأن السفير"أصدر تعميما بعدم السماح للطلبة الأردنيين بدخول السفارة إلا لإنجاز معاملات رسمية وفي قاعة الاستقبال فقط".
ويُرجع أبو خالد وهو أحد المعلقين المشكلة الى الوراء ويقول "الظاهرة ليست جديدة ولا تخص سفيرا بعينه فعندما تعود به الذاكرة الى فترة الدراسة الجامعية خارج الوطن يقول "كنا نعاني من نفس المشكلة".
ويعزو أبو خالد ذلك الى أن "سفراءنا بالخارج مثل مسؤولينا في الداخل يحصلون على مناصبهم من خلال نظام العطايا".
أما الدكتور يوشع العمري الذي قدر له أن يمضي في جمهورية ألمانيا الاتحادية خمس سنوات حرص منذ اللحظة الأولى أن يسجل اسمه لدى "سفارتنا" في برلين.
ويضيف "انقضت خمس سنوات دون أن يصله من السفارة حتى مجرد بريد إلكتروني في عيد أو مناسبة رسمية".
لم تكن تلك ملاحظة العمري على أداء السفارات في الخارج، لكنه عندما قدر له أن يحتاج الى مصادقة السفارة هناك على أوراق رسمية كانت المشكلة، ففي عصر الإنترنت وإمكانية طباعة أي طلب وإرساله بالبريد الإلكتروني وجد أن ذلك غير معروف لدى "سفارتنا".
ويستطرد أكثر في شرح مشكلته بأنه كان ينبغي عليه ترجمة كل الوثائق حتى الانجليزية الى العربية ومصادقتها من الدوائر الرسمية الالمانية قبل مصادقة السفارة عليها، مع العلم - كما يقول - أن الوثائق المكتوبه باللغة الانجليزية هي وثائق معتمدة من قبل الحكومة الاردنية أصلا.
ويزيد من حجم المشكلة بحسب العمري، الملحقيات الاردنية الخمس، فللحكومة الاردنية 5 قنصليات في مدن فرانكفورت، ميونخ، دوزلدورف، هانوفر وفيسبادن، تستأجر هذه القنصليات مباني وتوظف عاملين ألمان "لكنها لا تقدم أية خدمة تذكر وموظفوها لا يتحدثون اللغه العربية إطلاقا وعندما استفسرت من الموظفة عن الفائدة من وجودهم أجابت بأنهم فقط لمنح التأشيرات!!" كما يقول العمري.
ويزيد "خمس قنصليات لمنح التأشيرات والتسهيل على الألمان في حين ينبغي على الأردني أن يذهب الى برلين ويقضي ما يزيد في بعض الاحيان على 10 ساعات من السفر للوصول الى السفارة لإتمام معاملاته". الغد