تتميز مدينة الرصيفة بموقعها الإستراتيجي ما بين العاصمة عمان ومدينة الزرقاء وهي من كبريات المدن الأردنية من حيث عدد السكان والبالغ تعدادهم حوالي 500 ألف نسمة ومساحتها التنظيمية المقدرة 38 كم2 حيث إن كثافتها السكانية تبلغ حوالي 1500 نسمة في الكيلو متر المربع الواحد وهي من أعلى المستويات عربيا وعالميا ومن الأسباب التي آدت إلى حدوث الزيادة السكانية الهائلة اكتشاف معدن الفوسفات ( بترول الأردن) وثروته القومية في العام 1934م حيث تم تأسيس شركة مناجم الفوسفات الأردنية وكذلك إقامة العديد من الشركات والمصانع الكبرى مثل شركة الإنتاج الأردنية ومصنع الأجواخ وذلك في منتصف القرن الماضي الآمر الذي أدى إلى توفير المزيد من الأيدي العاملة والفنيين المهرة والخبراء المختصين واستقطابهم للعمل في تلك المصانع والشركات مما ساعد على تكوين بيئة مناسبة للسكن مع أسرهم وذويهم والإقامة في تجمعات سكانية بسيطة قريبة من أماكن العمل إضافة لتعرض المدينة إلى ثلاث هجرات قصريه متتالية وهي النكبة في العام 1948م ونكسة حزيران 1967م ونزوح مئات الألوف من الضفة الغربية وقطاع غزة وكذلك عودة المغتربين من الخليج بعد حرب الخليج الثانية في عام 1990م واستقرار الآلاف منهم في شمال المدينة حيث تكونت الأحياء الجديدة ( حي القادسية وحي الرشيد وحي جعفر الطيار ) .
ومن العوامل التي ساعدت على نمو المدينة إقامة العديد من المشاريع الإسكانية الكبيرة من قبل مؤسسة الإسكان و التطوير الحضري والتي استوعبت عشرات الألوف من السكان وكذلك قربها من العاصمة عمان ومدينة الزرقاء والتي لا تبعد عنها سوى أربعة كيلو مترات وسهولة المواصلات من والى أماكن الأعمال وتمتد الرصيفة من حدود أمانة عمان غربا إلى حدود بلدية الزرقاء شرقا ومن شارع الأوتوستراد جنوبا إلى حدود بلدية الزرقاء شمالا . تقع المدينة على مجموعة من التلال والهضاب والروابي المتوسطة الارتفاع ويخترقها سيل الزرقاء بطول 8 كم2 وترتفع المدينة عن مستوى سطح البحر 700 متر تقريبا ومعدل هطول الأمطار يبلغ حوالي 300 ملم. و تخترق المدينة ثلاثة شوارع رئيسة من الجهة الجنوبية طريق الأوتوستراد ومن الوسط شارع الملك حسين (عمان الزرقاء القديم) ومن الشمال شارع الملك عبد الله الثاني ( يا جوز) وكما يمر منها الخط الحديدي الحجازي.
وهناك كم هائل من المشاكل المعلقة الناتجة عن الكثافة السكانية وتدني الخدمات العامة وارتفاع منسوب البطالة. فمدينة الرصيفة التي يزيد عدد سكانها عن نصف مليون نسمة مازالت متصرفية تتبع لمحافظة الزرقاء وتعد مجرد طريق ما بين العاصمة والزرقاء.ومن إحدى مشاكلها تدني الخدمات وانقطاع المياه. وعن انقطاع ماء الشرب الذي يغيب أسبوعا وعشرة أيام وبعض الأحياء لا تصلها المياه لأسبوعين كما تحدث مواطنون صوروا معاناة حقيقية في هذا الجانب إضافة إلى ارتفاع أسعار الصهاريج التي يشترونها على حسابهم أمام الانقطاعات المستمرة لمياه الشرب حيث يصل سعر المتر إلى ثلاثة دنانير.
وتحث آخرون عن ارباكات في المواصلات وعن شوارع وطرق مهترئة لم يتم عمل صيانة لها منذ عقود ربما وبخاصة الطريق النافذ عمان – الزرقاء اما عن المدارس التي تعمل على فترتين وعن ازدحامات الصفوف في فحدث ولا حرج وينتظر السكان ان تحل هذه المشكلة المستعصية حتى الآن.
المراكز الصحية قليلة نسبيا اذا ما قورنت بعدد السكان اما الجانب البيئي فهو ايضا موضوع جدلي في الرصيفة وتلال الوسفات ما تزال شاهدة على فشل الجهود الحكومية لا سيما بعد ان ثبت علميا ان هذه التلال تحتوي على مادة اليورانيوم الخطيرة والتي تتسبب بامراض سرطانية. النظافة غير جيدة كما تحدث عدد ممن التقتهم «العراب نيوز» والقوا باللائمة على البلدية مع انني ألوم المواطن الذي عادة ما يساهم بالتلوث البيئي ولا يساهم في نظافة بيئته فقد شاهدت بأم عيني احد الجزارين على الطريق الرئيسي وهو يغسل محلة ويلقي بالقاذورات وزوائد اللحوم خارج محله على الطريق مما يزيد من نسبة التلوث ولم يكترث لملاحظتي عنما حاولت ثنيه عن هذا التصرف غير اللائق.
الخدمات التي تقدمها البلدية سيئة كما تحث «للمواجهة» المواطن بسام خليل الذي اكد ذلك مضيفا ان عمال النظافة يقومون بجولة واحدة صباحا ويقومون بعملهم خير قيام امام بعض المحلات التي يقدم اصحابها لهم بعض الخدمات كالطعام والشراب.
وتحدث خليل عن ان الكهرباء في بعض المناطق ضعيفة وبالاخص بعض المحال التجارية ومحلات بيع اللحوم التي تحتاج الى كهرباء مضاعفة لتشغيل براداتها حيث نوه الى انه يستعين بجاره لتشغيل بعض البرادات لدية وان المكيف احيانا لا يشتغل نتيجة ضعف التيار وتحدث عن ان الكهرباء تنقطع تماما في حي جريبة وهو حي منظم .
اما محمد رجب محمد فقد طالب من جانبه بمطبات في الطرية المار جانب المقبرة لتخفيف سرعة السيارات التي تسلك هذا الطريق كما طالب بشمل الحي بخدمة الصرف الصحي. محمد جمال محمد طالب بمزيد من وحدات الانارة للشارع الرئيسي واصلاح الوحدات المعطلة وطالب البلدية بالاهتمام بهذا الشارع بشكل اكبر.
زاهر نايف صالح اكد ان عمال النظافة لا يقومون بواجباتهم وطالب بايجاد مطب على الشارع الرئيسي بجانب المعلب البلدي وتحدث عن ان شارع مصنع الخميرة تسلكه السيارات الكبيرة ويحتاج الى مطب لتخفيض السرعات عليه مضيفا انه يجب ان يكون هنالك حل لمشكلة الكسارات.
وتعاني الرصيفة من تلوث كبير في هوائها ومائها ونباتاتها ويتفس سكانها هواء غير نقي يتسبب في أمراض الجهاز التنفسي. هناك معاناة حقيقية في هذه المدينة البعيدة عن هياكل المدن حيث تجد الكثير من المتناقضات حيث ترى جبالا فوسفاتيجة خلفتها الشركة قبل رحيلها منذ زمن بعيد دون أن تقوم بتسهيلها مما يعطي الانطباع الأسوأ عن المدينة التي لا يمكن أن تكون في مصاف المدن ما لم تسوى هذه الجبال من الركام المتبقي من المصنع ويعاد تسهيلها على الأقل.
وقد أثبتت دراسات بيئية وثيقة أن هذه الأكوام من الفوسفات في منطقة مزدحمة بالسكان تنبعث منها إشعاعات وتؤدي إلى الإصابة بامراض مزمنة علي المدى المنظور ، وقد شاهد فريق «العراب نيوز» عددا من العائلات تقضي اوقاتها على ربوات هذه الأكوام دون أن تتنبه للخطر الكامن وراءها . في الرصيفة أيضا يوجد مصنع للخميرة يطلق غازاته ويحتاج للفلترة الجيدة ، ناهيك عن مخلفاته السائلة التي يصبها في سيل الزرقاء مما يزيد من تلوث المياه الملوثة أصلا والتي يستخدمها السكان في سقي مزارعهم فتزيد نسبة السمية في هذه المزروعات وبخاصة الورقية منها.
وفي الرصيفة ترى قمامة ومياه صرف صحي تجري في سيل الزرقاء الذي يقسم المدينة البائسة إلى قسمين اضافة إلى الروائح الكريهة أسرابا من الذباب والحشرات الناقلة للأمراض .
سيل الزرقاء هذا الخطر الحاضر دائما يشكل بؤرة بيئية خطيرة على سكان المنطقة ككل بسبب مياه المجاري التي تنساب فيه والروائح الكريهة التي يطلقها والجراثيم التي ينشرها في كل الأوقات وبخاصة في فصل الصيف حيث لا يجد المواطنون الراحة التي ينشدونها لا سيما وان صهاريج نضح تفرغ حمولاتها في عرض السيل حسب مواطنون شكوا «للعراب نيوز» في اكثر من مناسبة.
كذلك تجد في الرصيفة العديد من المتناقضات التي لا تنسجم وطبيعة المدن ففيها منطقة واسعة تقدر بمئات الدونمات ولا تبعد عن المناطق السكنية بل بين المساكن تحتوي على الكثير من معامل البلاط وكسارات المزايكو التي تنفث سمومها فوق رؤوس السكان ولا تقل خطرا عن مخاطر الفوسفات السام وهي بحاجة لمن يوقفها ويعمل على نقلها من المنطقة إلى منطقة نائية تضمن سلامة السكان من هذا الخطر المحدق.
كما لا ننسى مناشير الحجر التي تعمل على مدار الساعة والتي تثير التلوث البيئي والضجيجي وتحرم سكان المنطقة من التلذذ بالنوم وتؤرقهم ناهيك عن الفوضى التي تخلقها هذه المناشير والتي تقع على شارع عام بين الاحياء السكنية مما يجعل الحياة صعبة إزاء ما تفعله هذه المناشير بجيرانها الذين لا ينعمون بالراحة ولا بالاستقرار النفسي.
ويندرج تحت مسمى التلوث البيئي في الرصيفة أيضا الطرق السيئة والقديمة والتي ذهبت عنها طبقة (الزفتة) وتاكلت وأصبحت السيارات تسير على أرضية رملية تثير الغبار وراءها وتحتاج إلى خلطات إسفلتية ساخنة وبشكل مستعجل وبخاصة الطريق الرئيسي الذي يربط عمان بالزرقاء عن طريق الرصيفة ، هذا الطريق لم تحرك به البلديات المتعاقبة ساكنا ، ومنذ عدة دورات ، ربما بانتظار أن تقوم وزارة الأشغال العامة بإعادة تأهيله كونه شارعا نافذا.
وسواء أكان ذلك من اختصاص البلدية - أي بلدية الزرقاء الكبرى - أو الوزارة ، فهذا لا يهم المواطن ومستخدمي الطرق والشوارع المزدحمة بالسيارات ولكن الذي يهمهم إدامة هذه الطرق بالشكل الذي يسهل عملية انسياب السيارات من خلالها بعيدا عن الغبار والأضرار التي تلحق بها كما هو عليه الآن بسبب الحفر والتشققات والمطبات العشوائية غير المدروسة وغير الهندسية التي عمرها بعمر هذه الطرق.
هذه المشهديات تعكس صورة قاتمة للأوضاع الصعبة والواقع الأليم الذي يعيشه السكان هناك ، في ظل عدم تجاوب الحكومات المتعاقبة لأوجاع هذه المدينة التي تقبع في خضم بؤر بيئية ساخنة ، تهدد كل ما يدب على أرضها من إنسان وحيوان وحتى النبات .