صحيفة العرّاب

أجهزة كهربائية وإلكترونية رديئة ومتدنية الجودة تباع في الأسواق رغم جهود الرقابة

ثقة المواطن في كثير من السلع والبضائع التي تدخل الى السوق الأردنية ليست على ما يرام ، وهي النتيجة التي ترسخ في ذهن المواطن ، نتيجة انطلاق أخبار عن فساد بعض السلع التي يتم بيعها في بعض الأسواق ، فعندما نقرأ خبرا عن التخلص من بضائع فاسدة وغير صالحة للاستهلاك البشري ، نعلم أن هناك شخصا أو جهة لا يهمها سوى جمع المال بغض النظر عن الطريقة أو النتائج ، وعلى الرغم من وجود نظام رقابة صارم على كل السلع التي يتم استيرادها أو انتاجها وتصنيعها داخل المملكة ترد الى "الدستور" شكاوى من مواطنين ، عن وجود مثل هذه السلع رغم كل أنواع التوجيه والرقابة ، وهو الأمر الذي يدفع البعض للمطالبة بتشديد الإجراءات المتبعة لمنع تدفق مثل هذه الأنواع من السلع الرخيصة الى أسواقنا ، وتكون النتيجة هي استنزاف أموال هؤلاء الناس وتعرضهم للخداع والغش.

 الأجهزة الكهربائية والإلكترونية الرديئة موجودة في أسواقنا بلا شك ، ويحتاج موضوع التأكد من جودتها الى اختبار فني من قبل جهة مختصة ، أو ربما تجريبها وملاحظة نتائج استخدامها وفترة عملها ، وتأثيراتها الجانبية التي تحتاج أحيانا الى جهات على درجة عالية من الاختصاص العلمي ، ومن بين تلك الجهات المحترفة في تقديم تقارير فنية ، تتمتع بمواصفات عالمية من الدقة ، لدينا الجمعية العلمية الملكية ، وهي مؤسسة تزخر بالكفاءات العلمية الماهرة ، ويوجد فيها جهة مختصة باختبار جودة الأجهزة الكهربائية والإلكترونية ، وهي جهة أردنية معتمدة لدى الشركات والتجار الذين يرغبون باستيراد أجهزة من أنواع جديدة بهدف عرضها في السوق الأردنية ، حيث تقوم الجمعية العلمية الملكية باختبار الجهاز المنوي استيراده ، وتقدم تقريرا يبين نسبة جودة هذا الجهاز ، وتقدم تقريرها الفني الى مديرية المواصفات والمقاييس التابعة لوزارة الصناعة والتجارة ، وهي المسؤول الحكومي الأول عن السماح بإدخال هذه الأجهزة للسوق الأردنية.
 
يقول أحد معلمي وزارة التربية أنه لاحظ ارتفاع قيمة الفاتورة الكهربائية الى الضعف ، وهو أمر استوقفه لأنه لم يغير شيئا في طريقة وحجم استهلاكه المنزلي للكهرباء ، وبعد أن قام باختبار الوصلات والخطوط الكهربائية في منزله ، وتأكد من سلامتها ، وتأكد "فنيا" أنه لا يستهلك هذه الكمية من الكهرباء فعلا ، وتساءل عن السبب في زيادة الاستهلاك ، ليتبين فيما بعد أن السبب هو بعض الأجهزة الكهربائية التي اشتراها مؤخرا ، وهو الأمر الذي دعمه الرأي الفني الذي عبر عنه أحد المهندسين الخبراء ، فالأجهزة الكهربائية وبسبب رداءة مصنعيتها تستنزف طاقة كهربائية أكثر من الرقم المعلن ضمن نشرتها المرفقة أو المكتوبة على الجهاز ، ويصل أحيانا مقدار استهلاكها للكهرباء الى أضعاف المتوقع ، علاوة على إمكانية أن تتسبب في كوارث وحرائق،.
 
أحد الفنيين في مشغل لتصليح أجهزة كهربائية تحدث عن "كومة" من الأجهزة الكهربائية والالكترونية تتكدس في مشغله ، واوضح أن الزبائن يأتون بجهاز إليكتروني أو كهربائي يعاني من عطل فني ، ويحتاج الى قطعة معينة أو تصليح قطعة مكسورة ، لكنه يترك جهازه بدعوى أن سعر القطعة أكثر من سعر الجهاز عندما كان جديدا..، ، ويقول أن بعض الزبائن يؤكد أنه دفع مبلغا من المال لشراء جهاز ما لكنه لم يستخدمه اسبوعا واحدا ، ولا يمكن له أن يعيد الكرّة لأكثر من مرة بالدفع لتصليحه "غير المضمون" أو شراء غيره ، ليكون مصيره الأخير على "كومة" الأجهزة في مشاغل التصليح..
 
"الدستور" استطلعت رأي جمعية حماية المستهلك من خلال رئيسها د.محمد عبيدات ، الذي وضح جزءا من الصورة:
 
إذ أكد أن السوق يحتوي على نسبة ما من السلع الفاسدة والمعطوبة والمغشوشة والمقلدة ، والسلع التي تعاني من سوء المصنعية وغير ذلك ، ويؤكد كذلك أنهم في جمعية حماية المستهلك تابعوا بعض الشكاوى التي تقدم بها مستهلكون محليون ، حول رداءة وسوء وعدم جودة أجهزة كهربائية وإلكترونية ، وقامت الجمعية بمتابعة الشكاوى مع الشركات التي باعت تلك الأجهزة ، وتمت عملية إعادتها الى الشركات واستعادة النقود منهم لصالح المستهلك
 
ويضيف الدكتور عبيدات: "يوجد تقصير وعدم إبداء جدية واضحة في رقابة كثير من المنتجات المطروحة للمستهلك ، وهي منتجات متدنية الجودة ويتم بيعها للمستهلك بأسعار عالية تتجاوز سعرها الحقيقي أو المنطقي".
 
ويقول أن مؤسساتنا الرقابية تقوم بعمل ولا ننكر ذلك ، لكن الدور الذي تقوم به هذه المؤسسات "ليس مثاليا" ، وفي هذا الصدد نتمنى إعادة تدريب وتأهيل الموظفين في هذه المؤسسات ، من أجل أن يقوموا بعملهم الرقابي بشكل مثالي ، ويجري العمل الآن على إعداد مشروع قانون للهيئة الحكومية لحماية المستهلك ، وهو أمر سيسهم الى حد مؤثر في حماية المستهلك الأردني من كثير من مشاكل السلع المختلفة.
 
"الدستور" التقت بمصدر مسؤول "طلب عدم ذكر اسمه" في مؤسسة المواصفات والمقاييس التابعة لوزارة الصناعة والتجارة ، أجاب عن هذه التساؤلات ، وقال: لدينا نظام رقابة دقيق وصارم ، ويعتمد أفضل المقاييس الأردنية والعالمية في هذا المجال وكوادرنا مهنية ومدربة ، وتتوزع في 3 أقاليم رئيسية ، ويتبع كل إقليم منها عدة مراكز ، تتواجد في النقاط الجمركية الحدودية وغيرها ، وللحديث عن حجم الرقابة التي تقوم بها كوادرنا لا بد من توضيح بعض الإجراءات المتبعة في العمل ، حيث هناك منهجية ثابتة في إجراءاتنا لضمان سلامة الأداء ، والذي يجري باختصار ، أن هناك تصنيفات للبضاعة القادمة من الخارج ، عبر مراكز الحدود والجمارك ، فأية سلع قادمة يتم تصنيفها الى ثلاثة مسارب ، وهي الأحمر والأصفر والأخضر ، حيث يتميز كل مسرب أو خط من هذه الخطوط بإجراءات معينة ، وتقع السلع المطلوب تركيز البحث في سلامتها على المسرب الأحمر ، ويقول أن نسبة التفتيش المسموح بها لا تتجاوز %10 من حجم الإرسالية الموضحة في البيان الجمركي ، إلا في حالة وجود شكوى أو شك في محتويات وسلامة هذه الإرسالية ، حيث قد يتم تفتيشها واختبارها كاملة ، ويقول أن نسبة التدقيق والفحص قد قد تشمل من %20 الى %100 من قيمة الإرسالية في بعض الحالات ، وهي حالات خاضعة الى تصنيفات في نظام التفتيش المبني على الخطورة ، حسب درجات خطورية (عالية أو متوسطة أو متدنية).
 
ويقول المصدر ذاته "نتيجة الفحص الفني لا تكفي للحكم على جودة منتج ، إذا لم يتم مقارنتها مع "قيم مرجعية" معتمدة لدينا ، فمثل هذه المقارنة هي التي تحسم مدى سلامة المنتج وليس فقط الفحص المخبري منفردا ، وهو الأمر الذي أكده مهندس مختص في الجمعية العلمية الملكية ، إذ وضّح أن الفني المختص وغيره لا يمكن له أن يقرر أن هذا الجهاز فاشل ولا يصلح للاستخدام ، لأن القرار النهائي لدى المؤسسة الرقابية الرسمية ، فهي لديها تقييمات وقيم مرجعية تعتبر من "الأسرار الصناعية والانتاجية والعلمية ، وهي لا تتوفر في أيدي الأشخاص العاديين ، لكن يمكن لأحدهم أن يقيم درجة الجودة عموما ، بالمقارنة مع جهاز مماثل من انتاج وتصنيع جهات أخرى.
 
وبين المصدر أن السوق المحلي لا يخلو من منتجات سيئة ، وهذا ليس يقع تحت مسؤوليتنا بالكامل ، لأن التهريب بكل أسف ما زال موجودا ، وعن سبب عدم وجود الأداء المثالي قال المصدر ذاته: نعم ، نحن لا يمكننا تغطية السوق الأردنية بشكل كامل ، وطالبنا ومازلنا نطالب برفد كوادرنا من خلال تعيين موظفين ، لكننا في الوزارة نحاول جهدنا الموصول لتغطية السوق الأردنية بشكل كامل.
 
أما عن مقدار أهلية الكوادر ومدى خبرتها فهي مدربة وتقدم جهودا كبيرة ، ولدينا حملات يومية منتظمة على السوق ، ونقوم باستقبال شكاوى مقدمة من الشركات والمؤسسات المختلفة والمستهلكين بشكل يومي ، ولدينا وسائل اتصال متعددة مع الجميع ، ويتم التحقق من كل الشكاوى على الفور ، ولكن هناك نسبة كبيرة منها كيدية وغير صحيحة ، وأخرى حقيقية ، وبعضها يتم تصحيحه أو إتلاف تلك المنتجات حسب الإجراءات المتبعة في المؤسسة المعنية..
 
نستنتج مما سبق أن موضوع تقييم جودة السلع والمنتجات الصناعية المختلفة يتطلب درجة من الاختصاص الفني والتقني في حالة الحديث عن أجهزة كهربائية وإلكترونية ، ولتجنب الوقوع في مشاكل سوء التقنية الصناعية المستوردة من الخارج نحتاج الى درجة من الوعي بلا شك ، وهي التي تقع داخل وخارج اختصاص المؤسسات الرقابية المختلفة.. فكيف نطمئن لسلامة اختيارنا إن "فكرنا" بشراء جهاز ما؟. الدستور